غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

إسرائيل تعمل على ضم ثلث الضفة الغربية بمباركة عربية ضمنية

قلم

بقلم / حماد صبح
وفق ما كشفته القناة الحادية عشرة في التليفزيون الإسرائيلي سيزور يوسي كوهين رئيس الموساد مصر والأردن وعددا من الدول العربية التي ليس لها علاقات رسمية بإسرائيل . وهذه الدول معروفة متوقعة . وهدف الزيارة ، مثلما قالت القناة نقلا عن مصادرها الرفيعة ، معرفة موقف هذه الدول من خطة الضم ، وحثها على تخفيف رد فعلها عليها . وتقديرنا أن للزيارة هدفا آخر أبعد . إسرائيل تعرف تماما موقف هذه الدول من خطة الضم ، وتعرف أنه لين متساهل ، بل مبارك ، خلاف ما تعلنه .ولو كانت هذه الدول رافضة للضم رفضا جادا صادقا يضع إسرائيل أمام مخاطر تبعاته لما وصلت ، إسرائيل ، في السير في طريقه إلى هذه المرحلة ، وإلى هذه الجرأة في الحديث عنه ، وتحديد مطلع يوليو الآتي موعدا لإعلانه . إنها تتجه إليه في ثقة مطلقة كأنها تتجه إلى شيء يخصها وحدها ، ولا اعتراض لأحد عليه . ضمنت تأييد أميركا ، وتيقنت من أن السلطة الفلسطينية لن تتخطى في رد فعلها عليه بيانات الشجب ، ونسقت معها إعلان تحللها من التزامات أوسلو صوريا ، ورتبت الإبقاء على أهم ما فيه وهو التنسيق الأمني . وعلاقتها بمصر والأردن في أعلى درجات الحميمية ، وفي التعاون الاستخباري هي في القمة . ويصنف التعاون الاستخباري الأردني _ الإسرائيلي في المرتبة الثانية بعد التعاون الاستخباري الإسرائيلي _ الأميركي . ومصر نظامها العسكري منصرف كليا عن مشكلات المنطقة السياسية ، وظهره عارٍ من جهة ليبيا بعد خسارة رهانه على حفتر الفرجاني أمام حكومة الوفاق المدعومة من تركيا ، وحاله في نزاعه مع أثيوبيا حول سد النهضة حال اليائس المستجدي الذي انسدت في وجهه كل سبل الرجاء ، وخذلته كل الوسائل . والدول الأخرى التي سيزورها كوهين ، ونظنها بلاد الحرمين والإمارات ، وربما قطر والسودان ؛ أغلى مناها علاقات رسمية علنية مع إسرائيل تخيلا سرابيا منها أن إسرائيل تملك عصا سحرية ستحل كل مشاكلها داخليا وخارجيا . ولهذه الدول علاقات استخبارية وأمنية مع إسرائيل في أحسن أحوالها . ومن ثم فهدف الزيارة في رأينا أبعد وأعمق من المعلن عنه ، والتقدير أنه تنسيق رد الفعل مع هذه الدول في حال حدوث اضطرابات في الضفة ، وانفجار حرب مع غزة قد تتسع وتمتد إلى الجبهة الشمالية وإيران . وكل الدول التي سيزورها كوهين لها موقف مضاد من الأطراف التي قد تشتبك معها إسرائيل عقب الضم .
وإنها في الحق لمأساة أمة أن يطوف رئيس أحد أجهزة مخابرات عدوها الحقيقي على بعض دولها لينسق معها كيفية مواجهة رد فعل جزء من هذه الأمة على ضم أرض عربية . الخبر الإسرائيلي في ذاته إهانة كبرى لهذه الدول ولانتمائها لأمتها ، بيد أن هذه هي حقيقتها التي تعلمها إسرائيل ، وتتصرف معها وفقها . ومن حط قدر نفسه لن يرفعه أحد وتخصيصا إن كان هذا الأحد هو إسرائيل . عندما أعلنت إسرائيل توحيد القدس بعد حرب 1967 ضامة شرقيها إلى غربيها ؛ فعلت ذلك دون مقدمات لإدراكها تبعات هذه المقدمات ، وفعلت نفس الشيء عند ضمها الجزء المحتل من الجولان السوري في 1981. كانت الأحوال حينئذ مختلفة عنها اليوم . كانت تخاف رد فعل عربي وعالمي إن تحدثت عن التوحيد والضم وأطالت الحديث والجدل ، فقررت وضع الجميع أمام الواقع الذي تريده ، ونجحت . اليوم لا تخاف عربا ولا عالما . معها إدارة أميركية متهورة ، ومعها أكثر العرب ولو ضمنا ، ولهم أن يقولوا خلاف هذه المعية تسترا ومواراة لبؤس ما انتهى إليه حال الفلسطينيين والعرب . الأرض كل شيء في أي صراع ، وإذا ضمت إسرائيل في خطوة أولى ثلث الضفة تكون فازت بالشيء النفيس في الصراع ، وستتغير أمور كثيرة في الضفة بعد ضم ثلثها الأول في حياة المستوطنين وحياة الفلسطينيين . المستوطنون سيزدادون استقرارا واطمئنانا إلى مستقبلهم في الضفة ، وستشتد عدوانيتهم على الفلسطينيين ، وستضطرب حياة الفلسطينيين ويفارقهم كل أمل في الاستقرار في ما تبقى في أيديهم من وطنهم ، وستجتهد إسرائيل في انتزاع هذا المتبقي بكل الوسائل ، وستجد هذه الوسائل . وكل ما تريده الآن أن تضم الثلث الأول بدون مشاكل كثيرة ، وسبيلها إلى ما تريده أن يتم الضم بمباركة عربية ضمنية ، والمقدر أنها ستنجح .

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".