غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

جرس الإنذار يدق في البحر الأحمر

عبد الستار قاسم.jpg

بقلم: عبد الستار قاسم

مع الاتفاق التطبيعي بين الصهاينة والإمارات، يدق جرس الإنذار في البحر الأحمر بخاصة في مضيق باب المندب. خطت الإمارات العربية خطوة لا تهدد الفلسطينيين وقضيتهم فحسب وإنما تهدد أمن العرب والإيرانيين والأتراك والباكستانيين في آن واحد. العرب الإماراتيون كما بقية الأنظمة العربية حسبوها جيدا وتأكدوا أن خير وسيلة للحفاظ على النظام السياسي وبقاء القبيلة الحاكمة هي إقامة العلاقات مع الصهاينة الأمر الذي يرضي أمريكا، فتحرص أمريكا بالمزيد على دعم النظام القبلي التابع لإرادتها. حتى لو كان ذلك على حساب الأمتين العربية والإسلامية. اندفعت الإمارات نحو الصهاينة بصورة علنية وباتفاقيات معلنة. ودائما حرص الصهاينة على إقامة علاقات مع أنظمة عربية بهدف إضعاف الأمة ككل، وتغييب القضية الفلسطينية وإطالة عمر كيانهم الغاصب. التقت سياسة إطالة العمر الصهيونية مع سياسة إطالة العمر العربية، وتبقى الأمة العربية بين حجري الرحى.

تولد تهديد أمني جديد للعرب ولإيران بعد توقيع التطبيع مع الإمارات وهو يخص المضائق البحرية والملاحة في البحر الأحمر والمحيط الهندي. الصهاينة اقتربوا من مضيق باب المندب بخاصة أن قوات إماراتية ومرتزقتها موجودة في اليمن وبالقرب من باب المندب. للصهاينة نفوذ في منطقة المضيق وذلك من خلال جيبوتي وإثيوبيا، وهم يحاولون دائما التواجد في المنطقة لعرض العضلات وتحدي البحرية الإيرانية التي لا تهدأ في مراقبة المحيط الهندي وبحر العرب والبحر الأحمر. وقد سبق لليمن أن أغلقت المضيق بصورة غير فعالة إبان حرب تشرين/1973. دائما يستشعر الصهاينة الخطر، وهم يتصرفون أمنيا وعسكريا وفق أدنى الاحتمالات حتى لا يصابون بمفاجأة قد تعرقل جهودهم في دحر العدو.

ولهذا من المهم الانتباه إلى ما قد تخفيه الأيام من احتمال إقامة قواعد عسكرية صهيونية ومنصات إطلاق صاروخية في المناطق التي تسيطر عليها الإمارات في اليمن بخاصة في منطقة سوقطرى. من المفروغ منه وعلى وجه السرعة سيقيم الصهاينة مراكز أمنية في الإمارات العربية وفي مناطق السيطرة الإماراتية في اليمن. والحجة دائما إيران التي تشكل كابوسا لأنظمة القبائل في الجزيرة العربية. وإذا أقام الصهاينة منصات صاروخية وقواعد بحرية في المنطقة فإن كل البحر الأحمر سيقع تحت السيطرة العسكرية الصهيونية. الصهاينة يسيطرون عمليا على مضائق تيران التي تشكل بوابة خليج العقبة، وهم سيطبقون سيطرتهم على البحر الأحمر بالسيطرة على مضيق باب المندب. وبهذا سيتحكمون بحركة الملاحة التجارية والعسكرية في المنطقة، وإيران ستكون أكبر المتضررين. الأنظمة العربية ستستفيد لأن الصهاينة سيوفرون لها هامشا أمنيا متعاظما، وسيعرقلون ملاحة الدول المصنفة بالمعادية وقتما يشاؤون. والعرب عموما غير معنيين بالكرامة والعزة والاستقلال، ولا هم لهم سوى الجاه المزيف والمال والنساء. الصهاينة ومن والاهم يوفرون للأنظمة العربية هذه المتع.

ولهذا من المهم أخذ الاحتياطات اللازمة منذ اللحظة لعرقلة السيطرة الصهيونية على البحر الأحمر وما جاوره من المحيط الهندي. وهذه في الغالب مهمة إيران وربما تركيا أيضا التي قد يطالها تهديد. دعم اليمنيين في تطوير قدراتهم التقنية والعسكرية خطوة أساسية في هذا المجال بخاصة أن من بينهم من يبحث عن الكرامة والعزة والاستقلال. من المهم تزويد اليمنيين بالقدرة العسكرية الرادعة التي يمكن أن تحول دون السيطرة الصهيونية على مضيق باب المندب. وكذلك من الضروري دعم اليمنيين لتطوير الصواريخ بعيدة المدى من أجل السيطرة النارية الصاروخية على مضائق تيران. يبلغ طول البحر الأحمر من المضيق إلى المضيق حوالي 2250 كم، واليمنيون بحاجة للدعم التقني والمالي لتطوير صواريخ دقيقة بهذا المدى. وإن حصل ذلك، وتم ردع القوة البحرية الصهيونية فإن الصهاينة سينكمشون داخل خليج العقبة، وتبقى قدرتهم على المناورة البحرية محدود جدا. المعنى أن دولا عدة الآن بحاجة إلى تطوير قدراتها الدفاعية البحرية حتى لا تكون هدفا سهلا مستقبلا من قبل الصهاينة. إنما المفروض الانتباه إلى أن تطوير الدول المعنية بتحجيم البحرية الصهيونية ليس التشويش على الملاحة البحرية العالمية، وإنما هدفها الدفاع الذاتي في حال تمادى الصهاينة وأنظمة العرب في عدوانهم. وهذه رسالة للفلسطينيين قبل أن تكون لإيران وتركيا وسوريا وباكستان والعراق.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".