غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر نحن هزمنا، نحن مذنبون


بقلم: درور إيدار

نشر البروفيسور زئيف شترنهل في ايام عيد الحرية (الفصح) مقالة زعم فيها أن "الطلب الموجه الى الفلسطينيين أن يعترفوا بالدولة اليهودية" يطلب منهم "أن يستدخلوا هزيمتهم الداخلية في نفوسهم وأن يعترفوا بملكية اليهود وحدهم للأرض كلها". وقد لخص في جملة واحدة هرب اليسار من التاريخ. طُلب الى العرب منذ أكثر من 100 سنة – في كل اتفاق تم اقتراحه – أن يعترفوا بحق اليهود في جزء ما من ارض اسرائيل التاريخية. جزء لا "الارض كلها". ويستطيع يساري فقط لا يؤمن بحق اليهود في ارضهم، ويحتقر النفاذ القانوني والاخلاقي لصلتهم التاريخية والدينية بوطنهم الواحد، يستطيع أن يصف هذا الطلب بأنه "طلب استدخال هزيمة".

من الذي هزم عائلات رام الله ونابلس والخليل وغزة؟ كان اليهود هم الضاربين بالمطرقة فقط لأن المسؤولين عن مصيرهم الصراعي هم عرب المنطقة انفسهم. فهم لم يقبلوا قط وجودنا وهم يتلهون الى اليوم بوهم ان ينجحوا في طردنا – بمساعدة شترنهل وأشباهه – اذا انتظروا قليلا فقط. ولهذا لن يوقعوا أبدا على اتفاق لإنهاء الصراع بصورة نهائية مطلقة لان مطلبهم (لا مطلبنا) هو "ملكية الفلسطينيين وحدهم للارض كلها". لم تستطع عينا البروفيسور رؤية ذلك.

إن الطلب الى الفلسطينيين أن يعترفوا بالدولة اليهودية ذو صلة بمسألة المسائل التي ترفض دوائر في اليسار الاعتراف بها وهي هل يوجد لليهود بصفتهم مجموعا قوميا حق – قانوني واخلاقي وتاريخي وديني – في هذه الارض، أو في الارض التي يكون شترنهل مستعدا لإبقائها في أيدينا، على الاقل؟ لن يكون انهاء للصراع دون هذا الاعتراف لان الفلسطينيين سيرون كل اتفاق غير مطلق استمرارا لـ "نظرية المراحل": فبعد ذلك فورا سيتم الاستمرار على سلب دولة اليهود شرعيتها في حدودها الضيقة، وسيتهمنا رفاق شترنهل بالعنصرية والفصل العنصرية لأن العشرين بالمئة من غير اليهود ينشئون دولة ذات شعبين في حين تفضل قوانين الدولة الاكثرية اليهودية بصورة سافرة. وأنا استطيع أن اصور بسهولة شترنهل وهو يدير عينيه في رياء ويكتب مؤيدا جعل اسرائيل "دولة كل مواطنيها" أي "دولة كل شعوبها" لأنه يقول "إن المواطنة اقل درجة من الانتماء القومي".

إن الامر أخطر من ذلك لأنه يوجد في اصل هذه المزاعم فرض ان المذنبين الابديين هم اليهود. ومن المؤسف ان جزءا مهما من نخبتنا الفاسدة استدخل معاداة السامية العالمية. انظروا كيف يعرف شترنهل الاتفاق: "إن مصطلح "اتفاق" يعني خضوعا فلسطينيا بلا شرط: فالفلسطينيون يجب عليهم ان يسلموا بدونيتهم". من أين جاء هذا الرأي بربكم؟! لا يتكلم بهذا الكلام سوى استعماري لأنه يرى ان الاتفاق مع الاسياد هو تسليم بالدونية. ويبدو ان الاتفاق المناسب في افضل الحالات هو الذي يضع فيه الفلسطينيون سكينا على اعناقنا ويدفعوننا رويدا رويدا الى البحر، ويحملوننا في سفن ويفرقوننا في اوروبا حبيبة شترنهل. ان للمجموع الفلسطيني (اذا كان موجودا) دولة في الاردن ودولة في غزة ودُويلة في رام الله وما زالت اليد مبسوطة. فهل هذه دونية؟.

ليس الاستعلاء اليساري محفوظا للعرب فقط لأن شبكته مبسوطة على الخصوم العقائديين ايضا. استدخل شترنهل في نفسه انه من الاقلية لكنه يعرض على بنيامين نتنياهو كما حدث في حالة شارون واولمرت ولفني ان يخون قيمه وناخبيه وان يخون في واقع الامر رسالته التاريخية بأن "يكتب اسمه في التاريخ مثل ديغول لا ابن البروفيسور نتنياهو".

هل ديغول؟ أضحكتنا. اننا نتذكر خطبة ديغول المعادية للسامية بعد حرب الايام الستة، حينما شك في عدالة وجود دولة يهودية بين شعوب عربية معادية ونعتنا بأننا "شعب استعلائي واثق بنفسه ومسيطر" (وهو استنتاج يظهر من قراءة مقالات شترنهل نفسه).

يشير البروفيسور الى انسحاب فرنسا من الجزائر بقيادة ديغول. لكن اليكم الفرق: ان الجزائر لم تكن قط فرنسية أما ارض اسرائيل فهي ارض شعب اسرائيل منذ الازل. انه شعبك يا شترنهل، هل تصدق؟ فيما يتعلق بالتماثل التاريخي فإنني أحترم موقف ديغول الوطني السليم وقت الحرب العالمية الثانية في مواجهة انهزامية حكومة فرنسا التي استسلمت للشر الالماني. لأنه اذا أردت الواقعية فامض فيها حتى النهاية.