غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

سقط كلب الصيد الامريكي

د. هاني العقاد

بقلم/ د. هاني العقاد

لم تكن سياسة الرئيس الأمريكي ترمب المنتهية ولايته سياسة توحي بانه قد يمكث في الحكم فترة اخرى، جند كل قدرات البيت الابيض لأجل ارضاء اسرائيل وقدم الهدايا الثمينة لنتنياهو راس اليمين الإسرائيلي، اعطى نتنياهو بلا مقابل وخدم اسرائيل اكثر من الإسرائيليين انفسهم، لم يكترث كثيرا لعدالة تعامل دولته مع الصراع في المنطقة, اختار فريق السلام في الشرق الاوسط من اقرب المقربين الى عرشة افراد عائلته , صهره كوشنر ودفع بخبراء في تصفية الصراعات ليعملوا معه بالإضافة الي طاقم سري من الخبراء السياسيين مختصين وضع خطوات تصفية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي, خطة صفقة القرن والتي اعتبرها أسقطت ترمب وشكل سعيه لتطبيقها من طرف واحد كانت ضربة قاضية له وكشف اوراقه السياسية .

لم يهتم ترمب بمسألة العدالة في التدخل في قضية الشرق الاوسط ولا حتى علاقاته بالعالم العربي التي اعتبرها علاقات لأجل نهب ثروات العرب تحت حجه حماية اراضيهم وعروشهم من السقوط، وظف القدرات العسكرية والاستخبارية للبنتاغون لاجل المال والنفط والذهب العربي ليس أكثر بغض النظر عن المصالح الامريكية في المنطقة.

فشل ترمب في تحقيق توازن اقليمي في الشرق الأوسط وافضت سياسته لأحداث توترات اقليمية خطيرة بين دول الخليج العربي وجيرانهم , قسم المنطقة الي مناطق نفوذ ومحاور، المحور الامريكي المصري السعودي الخليجي والمحور التركي الروسي الايراني لأجل تشكيل حلف كبير تتربع إسرائيل علي راسه, انسحب من الاتفاق النووي الايراني من طرف واحد لأجل عيون اسرائيل وفرض عقوبات جديدة علي ايران حتي تتوقف عن السعي لتصنيع القنبلة النووية التي تمتلك منها اسرائيل العشرات بالإضافة إلي أكثر من 250 راسًا نوويًا . فرض عقوبات علي المدعية العامة للجنائية الدولية واوقف اي مساهمات مالية لهذه المنظمة باعتبارها محكمة غير مستقلة وتنوي مقاضاة الضباط الامريكان الذين عملوا في افغانستان بالإضافة لمقاضاة القادة الإسرائيليين الذين يتهمهم الفلسطينيين بالضلوع في ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين في اوقات مختلفة واصدر اوامر بتجميد اصول موظفي المحكمة ومنعهم من دخول اراض الولايات المتحدة الامريكية. تعدي الامر المحكمة الجنائية الدولية كثيرا ليعادي كل المؤسسات الدولية المدافعة عن حقوق الانسان وامر باعتبار كل من "منظمة هيومن راتس وتش" و"منظمة العفو الدولية امنستي " و"اوكسفام" منظمات معادية للسامية لا ينبغي علي الحكومة الامريكية دعمها .

فرض حصار مالي كبير علي السلطة الفلسطينية لأنها رفضت صفقة القرن واغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن و اوقف مساهمة الولايات المتحدة المالية "للأونروا " وسار قدما في تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين واتخذ من التدابير السياسية والقرارات التي من شانها ان تخرج هذه القضية عن طاولة المفاوضات في اطار اي تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين, اعطي الإسرائيليون كل شيء , اعلن ان القدس عاصمة ابدية لكيانهم ونقل سفارة الولايات المتحدة من تل ابيب الي القدس واغلق القنصلية الامريكية التي ترعي العلاقات الفلسطينية الامريكية . لم يبقي شيء الا وفعله لإسرائيل ولم يرفض اي طلب لنتنياهو حتي بدا ككلب مدرب جيداً لإطاعة أوامر سيده الصياد الحاقد عندما يصطاد الفريسة يامر كلبه بالإسراع لإحضارها هكذا يعتبر الإسرائيليون ترمب وهكذا تعاملوا معه منذ اللحظة الاولي لوصوله للبيت الابيض واكبر دليل انه لهث وراء العرب واستخدم كل ادوات التهديد ليعقدوا اتفاقات تطبيع مع اسرائيل علي اعتبار ان هذه الاتفاقات سوف توحي للناخب الامريكي ان رئيسهم يمتلك سياسية خارجية ناجحة لكن هذا كله جاء بعكس ما توقع وسرعان ما اداروا ظهورهم له عندما عرفت اجهزتهم الدقيقة انه لن ينجح في الانتخابات الرئاسية حتي انهم لم يبكوا كثيرا علي سقوطه لأنه اعطاهم ما لم يقدر اي رئيس للولايات المتحدة الخمسة والاربعين السابقين علي اعطائهم اياه .

انتهي ترمب للابد وانتهي دوره الذي اداه ببراعة ككلب صيد امريكي ابيض ينفذ اوامر سيده ينتظر منه اي اشارة ليأتي بالصيد الثمين فجاء لهم بصفقات تجارية وعسكرية وامنية وسياحية تدر علي اقتصاد اسرائيل المليارات واستخدم ما لدي ادارة البيت الابيض من امكانيات للضغط علي العرب لإبرام هذه الاتفاقات التي في قالبها السياسي تقوض حل الدولتين الذي تنكر له حسب طلب نتنياهو واليمين الاسرائيلي وتبني استراتيجية تصفية الصراع لصالح الحركة الصهيونية كل هذا كان خدمة مجانية لدولة اسرائيل , الا ان اسرائيل تعتبر اليوم ان ترمب لم يكمل مشروع الدولة اليهودية الكبرى ولم يعترف لإسرائيل بضم مستوطنات الضفة الغربية وفرض السيادة عليها بعد وهذا قد يدفع نتنياهو لاستغلال الاسابيع المتبقية في ولاية ترمب للإسراع في تنفيذ مخطط الضم والبدء بإرسال رسائل تعاطف مع ترمب عبر فريدمان وكوشنر وبومبيو ليضمن اعلان ترمب بذلك قبل مغادرة البيت الابيض "كبغل تائه في مزرعة ليس ملكه كما قالت نيويوك تايمز مؤخرا ". لعل نتنياهو يعتبر هذا الملف من اهم الملفات التي تحضر اسرائيل لطرحه علي ساكن البيت الابيض الجديد جو بايدن , لهذا بدا نتنياهو يفتح ملفا صداقته ببايدن القديمة وسوف يهتف نتنياهو لبايدن الرئيس الجديد وسوف يقدم التهاني له مبكرا بالرغم من انه يظهر انه لن يفعل ذلك قبل النتائج النهائية للانتخابات الامريكية وسوف يبدا معه سياسة الود والتقرب والحرص ليستكمل المشروع اليميني المتطرف وبالتالي استكمال المخطط الاسرائيلي في الدولة اليهودية الكبرى واعتراف العرب والفلسطينيين بها دون ان يكون للفلسطينيين اي كيان سياسي مستقل وسيحاول نتنياهو خلال الفترة القادمة اختبار مدي اخلاص بايدن لإسرائيل في السكوت عن مخطط الضم سعيا لفرض الحل الاسرائيلي المدعوم امريكا علي الفلسطينيين من طرف واحد .

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".