غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر 2015 ينكأ ذكريات أيتام حرب غزة

شمس نيوز/ عمر اللوح

أسدل العالم الليلة الماضية الستار على العام 2014، وبزغت شمس الأول من يناير 2015، وكل احتفل بطريقته.. ألعاب نارية، إضاءة شموع، رسائل تهنئة...لكن ثمة أناس لم يجدوا للمناسبة طعما، لغياب أحباب لهم طالما أضاءوا أيام العام كله، ونثروا الذكريات في كل زاوية حطت بها رحالهم.. إلا أنهم اليوم وبكل اختصار.. تحت التراب، إما أجسادا وإما أشلاء!!

أبناء شهداء الحرب على غزة.. لا يجدون أنيسا إلا الذكريات.. ولا يرون للزمان لونا إلا السواد القاتم.. فقد ذهب من كانوا يلونون الحياة..

"شمس نيوز"  سلطت الضوء على معاناة أيتام الحرب الأخيرة والأثر النفسي الذي يعانون منه بعد فقدان أهاليهم.

تمنيت الموت

الطفل أمير حمد (11 عاماً) يتذكر استشهاد والده بعد بسقوط صاروخ على منزلهم أثناء الإفطار في رمضان فيقول:"تمنيت الموت حين شاهدت والدي وهو ملقى بجواري".

ويضيف والدموع تنهار من عينيه: كان يوماً صعبا وأعاني كثيرا لحظة تذكر هذا المنظر، رأيت أخي الصغير نور (5 سنوات) مصابا وكان دمه ينزف بشدة، وبعدها أخذوه بسيارة الإسعاف".

ورغم ما بذلوه من جهود ليبدو متماسكاً وهو يحمل شقيقته الرضيعة لميس التي تبلغ من العمر أربعة أشهر، لكن سرعان ما عاد يشعر بالخوف، قبل أن يتابع الحديث: سأهتم بأخوتي وأعتني بهم، سأطلب من لميس مناداتي بابا وماما" لكنه سرعان ما يستدرك ببراءة: أنا خائف، فقدت أمي وأبي ولن يعودا إلى جانبي بعد اليوم".

ويكمل أمير قوله وجسده يرتجف: لماذا كل هذا العناء والشقاء الذي أعيشه منذ طفولتي؟ ثم تتساقط الدموع من عينيه بغزارة، فيتساءل: هل بمقدرتي أن أربي أخوتي الصغار وأعتني بهم حتى يكبروا؟ وإذا كبروا ماذا سأقول لهم عن بابا وماما؟".

ثم توقف دقيقة وعاد بعدها أضاف: أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينني على حمل هذه الأمانة في تربية إخوتي".

وتجدر الإشارة غلى أن والدي أمير، وهما حافظ حمد وزوجته سها في الثلاثينات من العمر استشهدا في غارة إسرائيلية استهدفت بيت حانون شمال قطاع غزة في التاسع من يوليو الماضي إلى جانب أربعة آخرين من نفس العائلة وتركوا خلفهم خمسة من أبنائهم الصغار.

ومنذ ذلك الحين يعيش أمير وأشقاؤه الأربعة مع جدتهم عفاف حمد (60 عاماً) والدة أمهم في منزل استأجرته بمدينة غزة بعد أن اضطرت هي الأخرى لمغادرة منزلها في بيت حانون أيضاً. وتقول المرأة وهي تمسح دموعها: "لن أترك أولاد بنتي، سأربيهم كما ربيت أمهم، ربنا سيعينني على تربيتهم".

أريد رؤية بابا وماما

من رحم المعاناة يولد الأمل.. بهذه الجملة بدأت الطفلة بيسان ضاهر(8 سنوات) حديثها لــ" شمس نيوز"  والتي فقدت والديها وشقيقتها نرمين (10 أعوام) واثنين من أشقائها في غارة إسرائيلية استهدفت منزلهم بحي الشجاعية شرق مدينة غزة.

وتقول الطفلة التي تغطي جبينها ضمادة إثر إصابتها في الغارة: كنا جالسين في البيت، ولم نحمل صواريخ أو أي شيء، ولكنهم قصفوا البيت علينا، فاستشهدت ماما وبابا وإخوتي كلهم، ذهبوا إلى الجنة وتركونا وحدنا في هذه الدنيا".

وبقيت الطفلة بيسان تحت ركام منزلهم لأكثر من ست ساعات إثر الغارة التي دمرته بشكل كامل قبل أن يتم انتشالها ونقلها إلى مستشفى الشفاء لتلقي العلاج.

وتتابع بصوت خافت: كنت صاحية والرمل والحجار في عيني، أريد أن أعود لرؤية بابا وماما". وتمكث بيسان في منزل شقيقتها المتزوجة نهى (28 عاماً) التي تقول:" إن بيسان ما زالت مصدومة، لم تكن تنام نهائياً وهي تبكي وتنادي على أمي وأبي".

وتضيف: عرضناها على أخصائيين نفسيين فأكدوا ضرورة أن تتلقى جلسات علاجية بشكل مكثف".

كانت تشتري لي الحلوى

في حين يقول الطفل محمد وهدان (9 سنوات) بعد استشهاد والدته وإصابة والده إصابة خطيرة جراء قصف الاحتلال منزلهم في بيت حانون شمال القطاع: أنا حزين جداً لأنني فقدت أمي، لقد كنت أحبها كثيراً، كانت تحضر لي الحلويات والألعاب، ولكن بعد أن استشهدت سأحرم من حبها وحنانها".

ويضيف: رغم أن العديد من أقربائي أبدوا استعدادهم لرعايتي، لكنني لن أجد حبا وحنانا كأمي الحنونة التي ذهبت إلى الجنة دون أن تودعني".

وروى الطفل وهدان  لـ" شمس نيوز " العديد من القصص مع أمه، ليقول: كانت عندما تخرج من البيت لا تعود قبل أن تحضر لي الحاجات، كنت أفرح كثيرا لذلك، وفي مرة أخذتني لأحد المطاعم وقالت لي: يا حبيبي اليوم أنا سأعزمك على حسابي".

ويواصل محمد والحزن يخيم عليه: كانت أياما جميلة قضيتها مع أمي، فماذا فعلت حتى أحرم منها؟ لماذا كل هذا الحقد من اليهود علينا؟ لتنهار الدموع من عينيه ويتوقف عن الحديث.

نعمل على رعايتهم

مدير عام الأسرة والطفولة في وزارة الشئون الاجتماعية، إيمان عدوان أكدت أن عدد أيتام الحرب بلغ 1930 من عمر يوم إلى عمر ثمانية عشر عاما.

وقالت عدوان لـ"شمس نيوز": هذا العدد قد يرتفع خاصة أن هناك عشرات المصابين بإصابات خطيرة" مبينة أن وزارتها تعطي اهتماما كبيرا لهؤلاء الأيتام من خلال رعايتهم وعرضهم على المرشدين النفسيين والاجتماعيين البالغ عددهم 20 في كافة محافظات القطاع.

وأشارت إلى أنهم يتلقون مساعدات عينية ونقدية مقدمة من البنك الدولي والاتحاد الأوربي، كل ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى أن العديد من المؤسسات المتواجدة بالقطاع تقدم لهم مساعدات تختلف من شخص لآخر، لافتة إلى وجود تنسيق مشترك مع العديد من المؤسسات لتوفير الحنان والرعاية اللازمة للأيتام ومحاولة تعويضهم نوعا ما عن فقدان والديهم.

ولم تخف عدوان أن الطفل اليتيم يصاب بأمراض الصدمة جراء فقدانه لوالده أو أمه، وقد تستمر هذه الصدمة طوال حياته، حيث يصاب بغثيان، وقلق دائم وتبول لا إرادي، وفقدان للشهية، وحقد على من قتل والديه، وربما يكره كل من حوله ويرفض التعامل معهم، ويصاب بأمراض ما بعد الصدمة، حيث يسكن الحزن قلبه نتيجة فقدانه والده، وفي كل فترة يسأل عنه، وبفقدان والديه يعتبر أن الدنيا توقفت.

وقتلت إسرائيل خلال الحرب التي شنتها على غزة في صيف 2014 أكثر من 2200 فلسطينيا، وخلفت أضعافهم من الجرحى، الأمر الذي زاد أعداد الأيتام في القطاع، خاصة وأن غزة تعرضت لثلاثة حروب خلال 6 سنوات فقط.