"دخل مسرعاً إلى قاعة مقابلة العمل الشخصية، حاول كتم لهاثه نتيجة الإرهاق الذي أصابه اثناء محاولته الحضور إلى المقابلة التي تأخر عنها قليلاً، ومن ثم سحب قطعة من المناديل التي على طاولة فريق المقابلة ومسح بها جبينه الذي يتصبب عرقاً، بعدها أدخل أصابع يده اليسرى أسفل ياقة قميصه وأخذ يشدُ ويرخي محاولاً توسيع ربطة عنقه".. فريق المقابلة الشخصية الذين يجلسون أمامه تبادلوا مع بعضهم نظرات الاستغراب من صاحبنا، الذي قدمَ لهم انطباعاً اولياً سيئاً عن شخصيته.
"اترك لنا سيرتك الذاتية لدى الموظفة في الخارج".. جملة من فصيل "اتيكيت الرفض" وجهها فريق المقابلة الشخصية إلى ذاك الرجل، الذي كانت نبضات قلبه يكاد يسمعها كل من في المكان، عندما وجَّه له فريق المقابلة سؤالاً مفاده: "ماذا يمكنك أن تضيف لشركتنا؟!".
"ديناميت" نسف المقابلة!
النموذج أعلاه عبارة عن "ديناميت" متفجر قادر أن ينسف أي مقابلة عمل شخصية مهما كانت المؤهلات والخبرات، فكثيراً من المقابلات الشخصية تنتهي بالفشل نتيجة عدم التحضير الجيد، وقصور الاستعداد الذهني والنفسي واللوجستي لها، فلا يكفي أنْ تكون رجلاً صاحب هندام، أو تلاطف فريق المقابلة، أو أنْ تكون سيرتك الذاتية منتفخة بالمهارات والخبرات.
الكثيرون من الناس بحاجة إلى الأخذ بأيديهم نحو مهارات وتقنيات وتكتيكات تمكنهم من اجتياز المقابلة الشخصية التي يصفها بعض الناس بـ"حقل ألغام"، لكنْ بعد تلك المقالة ستجد أنْ الأمر لا يعدو كونه رحلة لطيفة ستجتازها بكل سهولة.
نقدم لكم في تلك المقالة تكتيكات البحث عن الوظيفة المناسبة، ومهارات اجتياز المقابلة الشخصية من لحظة إرتداء ملابسك الخاصة بالمقابلة وحتى إخبارك من فريق المقابلة بأنك قد حصلتْ على الوظيفة، وسنفصح لك عن سراً مهماً، "مبارك" أنت الآن وضعت قدمك في المكان الصحيح، كونك وجدت تلك المقالة، التي قادتك إليها محركات البحث بعد بحثك عن سؤال حيَّر كثير من الناس وهو "كيف أجتاز مقابلة العمل الشخصية؟!"، وفيما يلي نصائح ومهارات لاجتياز المقابلة بنجاح:
ما قبل المقابلة!
-
القلعة من الداخل!
من الضروري أنْ تقرأ جيداً عن المكان الذي تطمح بالعمل فيه، أقرأ عن منتجات الشركة، والخدمات التي تقدمها، وتعرف على فروعها، والأهداف التي تسعى لتحقيقها، ومن الجيد أن تطالع تلك المعلومات من موقعها الإلكتروني، أو حساباتها على "السوشال ميديا".
احذر ثم احذر ثم احذر أنْ تواجه سؤالاً مفصلياً عن الشركة وتتلعثم بالإجابة عنه أو أن تفرك لحظة السؤال يديك أو تطلب من اللجنة إعادة السؤال، إذ أنَّ تلعثمك عند الإجابة عن الخدمات التي تقدمها الشركة، سيكون "وصفة سحرية" لرفضك.
-
"أبي افيدكم!"
"أبي افيدكم".. كلمتان تترددان كثيراً على لسان بعض المواطنين في الخليج العربي لدى تقديمهم أي خدمة للآخرين، إعتمد تلك الإستراتيجية في محاولة الحصول على الوظيفة، وأنت تستعد للمقابلة والقراءة عن الشركة، أربط سيرتك الذاتية، ومهاراتك المختلفة، وخبرات العملية بأهداف الشركة، والخدمات التي يمكن أن تقدمها للشركة، ما يجعل منك رقماً وإضافة نوعية في نظر اللجنة المختصة في مقابلة العمل.
لا تحاول استعراض مهارات تتناقض مع الخدمات التي تقدمها الشركة، فمثلاً إذا قرأت في أحد مواقع الخاصة بالوظائف أن شركة ما بحاجة إلى موظف استعلام عبر الهاتف، فلا تنفخ سيرتك الذاتية بدورات التصوير، وكتابة المحتوى، والتصميم، لكن ركز على أن تستعرض مهاراتك الخاصة بالتعامل مع الجمهور، والقدرة على الإقناع.
-
اطبع سيرتك الذاتية:
أنْ تدخل على اللجنة الخاصة بمقابلة العمل وأنْت تحمل سيرتك الذاتية بيدك مطبوعة على ورقٍ ومغلفة بغلاف جميل، يعطي انطباعا عنك أنك تهتم بكل التفاصيل، وأنْك مهتم بالحصول على تلك الوظيفة، وهي فرصة لاستعراض سيرتك الذاتية بشكل متسلسل، إذا ما طلبت اللجنة الحديث عن تفاصيل في سيرتك الذاتية.
من الجيد أن تراجع سيرتك الذاتية جيداً من ناحية المهارات والخبرات والمعرفين، وأهم الأعمال التي قمت بها، واحذر من أنْ تتذكر 25% من سيرتك وأنْ تنسى البقية، فأنت تتحدث عن نفسك لا عن غيرك حتى تنسى الكثير من التفاصيل.
-
قهوة وقطعة شوكولاتة!
استعد للمقابلة من الناحية "الفسيولوجية الغذائية" فلا تترك معدتك فارغة من الطعام، لكن لا تحول تلك النصيحة إلى "بوفيه مفتوح"، فيكفي أنْ تأكل "ساندوتشك" المفضل، بالإضافة إلى مشروبك المعتاد، مع قطع من الشوكولاتة، وهو ما من شأنه أن يمدك بالطاقة، ويحسن من حالتك المزاجية.
-
لا تكن فهداً ولا سلحفاة!
في معظم الأحيان يتم إخبارك بدقة عن موعد الحضور للمقابلة الشخصية، حاول أنْ لا تكون فهداً في الحضور فتسبق الموعد بساعاتٍ، وهو قد يترك انطباعاً سيئاً لدى اللجنة، إذ أن مجيئك قبل المقابلة بوقت كبير يدرج تحت خانة "عدم الإلتزام"، فلا تعتقد أن حضورك قبل ساعات من موعد المقابلة سيدرج ضمن التزام وحرصك، وكذلك إياك أن تكون سلحفاة فتتأخر عن موعد المقابلة المحدد مسبقاً.
عليك أن تتواجد في مكان المقابلة قبل ثلث ساعة، ولا تضيع تلك الدقائق حساباتك الشخصية على مواقع التواصل، حاول ان تخلق ألفة بينك وبين المكان، جهِز نفسك لبعض الأسئلة التي قد يخبرك بها زملائك ممن قابلوا قبلك.
تذكر جيداً أنْ بعض الشركة قد تعتبر المقابلة الشخصية هي جلوسك على كرسي الانتظار في الخارج وليس امام اللجنة، إذ أن بعض الشركة تعتمد غالباً على تراقب سلوك عبر كاميرات المراقبة للتعرف على شخصيتك الحقيقية، فلا تتحرك كـ"مهرج" من ناحية إلى أخرى، ولا تكن "مانيكان" معروض على واجهة المحلات.
-
ارتدي لباساً مناسباً!
يعتبر اللباس من أهم المظاهر التي تترك انطباعا مهماً لدى لجنة المقابلة، لكن انتبه لأمرٍ مهم لا يعني أنْ اللباس ضروري للغاية أنْ تلبس كل ما وقعت عليه عينك في متاجر آخر "العروض العالمية" وصياحات الأناقة.
كل ما يلزم من ناحية اللباس للمقابلة الشخصية أن تكون هنداماً، وأن تلبس لباساً مقبولاً متوسطاً، يمتاز بالهدوء والانسجام والتناسق في ألوانه وتفاصيله، وتجنب الملابس التي تجعل منك لوحة إعلانات متحركة، وهي تلك الملابس التي تكون مملوءة بالكتابات والصور الدعائية.
-
«بروفا»!
أثناء الاستعداد للمقابلة يمكنك استخدام بعض الإستراتيجيات التي تعزز من ثقتك بنفسك، وتعزز من نقاط القوة، وتعالج نقاط الضعف، فمثلاً يمكنك الطلب من صديق مقرب معروف عنه أنه لا يجاملك، أنْ يختبر تحضيرك، ومدى تذكرك، وأنْ يفاجئك ببعض الأسئلة.
في نهاية "البروفا" سجل كل النقاط الإيجابية لتعزيزها، ونقاط الضعف لتفادي ومعالجتها، وتدرب جيداً عنها، إن لم تجد صديق يعطيك تقيماً حقيقاً منزوعاً من المجاملة، قف أمام المرآة، أو سجل مقطع فيديو عبر هاتفك المحمول، وقيِّم نفسك ولكن بصدق، تذكر جيداً قيم نفسك بصدق.
أثناء المقابلة
-
"واثق الخطوة يمشي ملكاً"!
أدخل قاعة المقابلة الشخصية وأنت مفعم بالحيوية والثقة بالنفس، سلِم على لجنة المقابلة، بادلهم الابتسامات، وأطلب منهم السماح لك بالجلوس، اجلس بكل هدوء في المكان المخصص، واجعل جلستك لائقة وصحيحة، فكن منتصب الظهر مرفوع الرأس، متحلياً بصفات الواثق من نفسه لا المغرور أو المتكبر.
من الجيد أنْ لا تجلب معك أغراضاً كثيراً حتى لا تشوش عليك أثناء المقابلة، أغلق هاتف المحمول، رتب أغراضك الطاولة التي تجلس عليها، فهذا يعطي انطباع مهم عن شخصيتك والتزام وترتيبك، ولا مشكلة أن تجلب زجاجة مياه معدنية صغيرة، لأخذ رشفات منها في حال شعرت بجفاف من الحلق من كثرة الحديث.
-
ارسم ابتسامة جميلة على وجهك!
الابتسامة لغة مشتركة، وهي إحدى أسهل الطرق لكسب قلوب الناس، إياك أن تتجهم أو تظهر نفسك جدياً لدرجة أنك لا تبتسم، فهذا أمر لن يكون في صالحك، الناس تحب أن تتعامل مع الأشخاص المريحين والمبتسمين أكثر من العابسين.
صحيحٌ أن الابتسامة مطلوبة لكن بقدرٍ معقول، أي أن تكون ابتسامة خفيفة لطيفة عفوية، لا أن تكون ابتسامة متصنعة، أو تكون في غير موضعها.
-
"أنا مين؟"!
هناك سؤال تقليدي في أغلب المقابلات الشخصية وهو "تكلم عن نفسك؟!"، وهنا مطلوب أن تعرف أنت من؟! كي تتمكن من إخبار الناس عن شخصيتك، استعد جيداً لذلك السؤال الذي يعتبر مفصلياً في المقابلات الشخصية، إياك أنْ تتوتر أو أن ترتبك أو تبدو مغروراً بنفسك.
إذا طلبت منك اللجنة أن تتحدث عن نفسك أخبرهم عن اسمك، وعمرك (تاريخ ميلاديك)، منطقة سكنك، شهاداتك العلمية، خبراتك العملية، مهاراتك، ولا تنسى أن تخبرهم لماذا انت هنا؟، وماذا ستضيف لهم؟!.
-
كن ذكياً!
تحاول لجان المقابلة الضغط على وتر الأسئلة المحرجة والصعبة، بهدف التعرف على طريقة ردة فعل المتقابل، إن كان وقحاً في الرد، أم دبلوماسياً، أم متكبراً، أم لا يعرف الإجابة، هنا مطلوب ان ترد بحكمة وثقة ومنطقية.
"ما هي سلبياتك؟".. هذا سؤال قد يضع الكثيرين في زاوية لا يستطيعون الخروج منها، لكن لابد لك من الإجابة فلا أحد مثالي إلى حد الكمال، وعليك أن لا تذكر سلبيات تنفرهم منك، فلا تقل من سلبياتي أنني أتأخر عن العمل، أو انني لا التزام بالمهام المطلوبة مني، ولكن رد بحنكة وحكمة وقل مثلاً من سلبياتي أنني لا أعرف التوقف عن العمل، وأنني اتميز بطيب القلب والمسامحة في إطار فريق العمل بكل كبيرة وصغيرة، فانت بذلك تكون حوَّلت السلبيات إلى إيجابيات.
وإذا طلبت اللجنة المقابلة الحديث عن مميزات أخبرهم أنك جاد في عملك، وأنك تجيد العمل ضمن الفريق، وأنك تسعى لتطوير نفسك دائماً، وأنك سريع في إنجاز المهام الموكلة لك.
وفي حال طلبت اللجنة أن يكون كل حديثك داخل المقابلة باللغة الإنجليزية، فإن كنت تجيد اللغة فنفذ ما طلبوا، وإن كانت لغتك متواضعة أخبرهم أن لغتك متوسطة وأنك ستكون الأمور أكثر وضوحا باللغة العربية، وأنك تعمل على تطوير لغتك، وإمكانية أنْ تعمل في قسم داخل الشرطة باللغة العربية لحين اكتساب مهارات اللغة الإنجليزية المطلوبة.
أما إذا سئلت عن سؤال وكان صعباً للغاية فمطلوب منك التوقف عن "الفلسفة" التي قد فقدك الوظيفة، وأخرج من ذلك السؤال بوعدك للجنة بالبحث عن الإجابة، واهتمامك بالحصول عليها، وأنهم أثاروا فضولك للتعرف على الإجابة.
-
إياك والقفز بالزانة
لا تحاول جاهداً "فرد عضلاتك" في المقابلة الشخصية، فتتعمد الكذب والتدليس والمراوغة لإقناع اللجنة بأحقيتك في الوظيفة، لا تحشو سيرتك وردودك بالإجابات التي ليس لها علاقة بمهاراتك، لا تخبرهم أنك تجيد القفز بالزانة وأن لا تستطيع القفز عن طاولة المكتب التي أمامهم، لأن الأيام قادرة على كشف تلك الأكاذيب في أول يوم وظيفي.
-
لا تسأل كثيراً
المقابلة تقوم على أساس واضح وهو أنَّ اللجنة هي من يسأل المتقابل وليس العكس، لا تسأل أسئلة بديهية تنم عن الجهل أو عدم درايتك بالعمل، فمثلاً لا تسأل: هل إذا قبلت في الوظيفة ستتصلون بي؟!، لأنهم بكل تأكيد سيتصلون بك، وعندما يطلبون منك المغادرة وانتهاء المقابلة لا تسأل: هل أغادر الآن الآن؟!.
ما بعد المقابلة!
-
المتابعة جيدة!
إذا كانت الوظيفة عن طريق شخص مقرب منك (صديق أو قريب) أسأله عن انطباع اللجنة، وأسأله عن موعد الرد، استفيد من تقييم اللجنة لك إن كنت تعرفهم أو يعرفهم شخص مقرب منك، حاول أن تعزز النقاط الإيجابية وتتخطى النقاط السلبية.
-
لا تتوقف!
بعد المقابلة لا تتنظر طويلاً، اذهب وأبحث عن عمل في كل الأماكن، قدم في كل الشركات، دع الجميع يعرفون من أنت ويعرفون سيرتك الذاتية، فقد تتفاجئ أنْ أكثر من جهة قد تطلب للعمل في نفس الوقت.
-
كنْ صادقاً:
إذا حصلت على الوظيفة التي تريدها، حاول أن تكون صادقاً مع جهة العمل، التي وعدتهم عند المقابلة أن تكون نشيطاً، وعنصراً فاعلاً، وشخصاً مثابراً، وإنساناً طموحاً، ومتميز بالتزامك، وحريص على عملك، إياك ثم إياك أن تجعلهم يندمون على اختيارك، وأجعلهم دائماً يتفاخرون بك، وأن يقالوا عنك في ظهرك "لقد اخترنا الرجل المناسب في المكان المناسب".
-
اكتسب خبرات وعلاقات وتعلم كل جديد
كثير من الناس يبني طموحه على الحصول على وظيفة، فإذا حصل على وظيفة انغمر بالمهام، لكن هذه الحالة غير صحية، ومطلوب منك أن تطور خبراتك، وان تطور علاقاتك، وأن تكتسب مهارات جديدة أثناء عملك، لربما تصبح في مكان أفضل من مكانك الحالي.
- المقال مستوحى من دورة قدمها خبير التنمية البشرية السعودي عادل باهميم.
- محتوى اصيل 100% ويوافق كتابة المحتوى الجيد لمحركات البحث.