غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

حراك أوروبي عربي لإطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية جديدة

د. هاني العقاد

بقلم/ د. هاني العقاد

من المستحيل بقاء المشهد السياسي في المنطقة علي ما هو عليه الآن، ومن المستحيل أن يقبل العالم بقاء عجلة مسرة السلام متوقفة، ومن المستحيل ألا يتأثر المشهد بالتغيرات الدولية والاقليمية وخاصة بعد فوز جو بايدن واختلاف طريقة التعامل الأمريكي مع واقع الصراع, وبعد ان باتت صفقة ترمب خطة الزمن الماضي التي لم تكتمل ولم يستطع ترمب استكمالها ولا حتى "إسرائيل" التي تسابق الزمن لفرض الفرائض على الأرض واحداث تغيير جيوسياسي يكون مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية واسدال الستار على مبدأ حل الدولتين واعتبار كل قرارات الشرعية الدولية كأنها لم تكن ولم يكن هناك جهد دولي يوما من الأيام لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة العربية التي توالدت فيها صراعات داخلية مخيفة تنذر بتقسيم العديد من الدول كنتيجة طبيعية لعدم ايجاد حل عادل برعاية عادلة للصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي.

إدارة ترمب وإسرائيل اختاروا المسار الأصعب لتحقيق سلام عربي اسرائيلي دون ان يؤدي ذلك لتقرير مصير الفلسطينيين وانهاء الاحتلال علي اعتقاد منهم أن حل الصراع يمكن أن يأتي من البوابة العربية دون الاخذ في الاعتبار ان هذا لا يمكن ان يتحقق ولا يمكن ان يقبله الفلسطينيين تحت أسوأ الظروف واشد الضغوط .

هناك اشارات كثيرة تؤكد أن حراك اوروبي عربي مشترك يدور الآن لتهيئة الفلسطينيين لطاولة المفاوضات من جديد ,من هذه الاشارات اللقاء الهام عبر الفيديو كونفرنس بين الرئيس أبو مازن والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل وهو ما يؤكد ان هناك دور الماني مهم في هذا الاتجاه واعتقد أن ألمانيا اليوم تركز علي دور مشترك مع (مجموعة صيغة ميونخ ) التي تم تشكيلها علي هامش مؤتمر ميونخ للأمن فبراير 2020 وتضم ألمانيا وفرنسا ومصر والاردن ويكرس العمل في المجموعة لإعادة العملية السياسية في المنطقة لمسارها الطبيعي . اشارة اخري مهمة تبين ان المانا احدثت اختراق ما نحو ذلك وهي جولة الرئيس أبو مازن هذا الاسبوع للقاء الرئيس بعد الفتاح السيسي والملك عبدالله الثاني. هذه اول رحلة للرئيس أبو مازن خارجية بعد ذلك التاريخ ولأهمية المحادثات مع مصر والأردن فان الامر تطلب لقاء ونقاش عن قرب ,وباعتقادي أن مجمل النقاش لن يخرج عن المساعي (مجموعة ميونخ ) لتهيئة الفلسطينيين للجلوس من جديد على طاولة المفاوضات والاستعداد لمرحلة بايدن التي قد تدفع فيها الإدارة الأمريكية الجديدة هذه المفاوضات عبر الضغط علي إسرائيل للقبول بالجلوس على أساس حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية .

السيد رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني خرج بتصريح مهم يدلل على أن في الأجواء تحريك فاعل لعملية السلام واجابة لسؤال دولي عربي; وهو هل الفلسطينيين مستعدون للعودة للمفاوضات وعلي أي أساس...؟ كانت الإجابة من خلال هذا التصريح الذي افضي الي ان القيادة الفلسطينية بعثت برسائل مهمة الي القيادة الجديدة في الولايات المتحدة الامريكية والدول الأوروبية بانها مستعدة للعودة للمفاوضات مع إسرائيل دون شروط مسبقة على أساس حل الدولتين واعتقد أن هذا التصريح جاء لأن السلطة الفلسطينية تأكدت من ضعف دعم المنظومة العربية للقضية الفلسطينية والنضال الفلسطيني وأنه لا يمكن لمجموعة صيغة ميونخ وحدها أن تحقق تقدم في حراكها الحالي دون أن يكون هناك دور معزز وأساسي من الإدارة الامريكية الجديدة، اعتقد أن هذه الرسائل جاءت كخطوة مطلوبة من القيادة الفلسطينية لتثبت فيها استعدادها للعودة لطاولة المفاوضات وأن ليس لديها أي موانع سياسية أو ايدلوجية للتفاوض من جديد مع إسرائيل. السيد جزيف بوريل الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة والأمنية للاتحاد الاوروبي خلال جلسة رسمية للبرلمان الأوروبي لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط اعطي تطمينات للفلسطينيين قبل تحرك السيد الرئيس أبو مازن ولقاء الرئيس عهد الفتاح السيسي والملك عبدالله الثاني انه لن يكون هناك سلام واستقرار مستدامان في المنطقة بدون تسوية شاملة للصراع العربي الاسرائيلي ولا سيما الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على أساس حل الدولتين المتفاوض عليه وقابل للحياة علي اساس المعايير المتفق عليها دوليا, وأكد على أنه انطلاقة من ضرورة إعادة الطرفين للمفاوضات فان الاتحاد الأوروبي سوف يستمر في العمل مع أعضاء المجتمع الدولي بما في ذلك الإدارة الامريكية الجديدة لدعم القانون الدولي وإنهاء الصراع وضمان حقوق متساوية للجميع .

يبدو أن الأوروبيين ادركوا اليوم اكثر من أي وقت مضى أن الفلسطينيين لن يعودوا للمفاوضات العبثية دون أسس ومرجعيات ويبدو أن (مجموعة ميونخ) بالذات تدرك تمامًا أن كل محاولات إدارة ترمب السابقة لمسار سلام من البوابة العربية فاشل ومضيعة للوقت ولن يحقق الامن والاستقرار لأي طرف وهو ليس اكثر من سلام كاذب مع هذا الحراك بات يتوجب علي الفلسطينيين اليوم أن يكونوا اكثر اصراراً وثباتًا علي ذات الموقف "على أنه لا تفاوض مع الإسرائيليين إلا على أساس حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية وتطبيق قرار 2334 الدولي مقدماً والذي يعتبر الاستيطان في ارض الضفة الغربية غير شرعي ويجب وقفه فوراً ", لذا فإنني علي يقين أن الأوروبيين سينجحون هذه المرة إذا ما توفر لحراكهم الحالي عوامل مهمة اولها دعم عملي من إدارة بايدن من خلال الضغط على إسرائيل لتعلن موافقتها علي التفاوض على أساس تطبيق حل الدولتين و وقف الاستيطان والضم والتهويد والاعتراف بأن كل أراضي العام 1967 بما فيها القدس أرض محتلة لا يجوز تغير طابعها القانوني حسب بنود القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة, ولا يجوز الاستعمار فيها أو فرض السيادة على أجزاء منها لأي سبب كان.

 

 

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".