فتياتٌ مراهقات في عمرِ السادسة عشر، اجتمعن في قاعة صغيرة داخل إحدى المؤسسات، لم يتوقعن بأن ما يعرض امامهن قد يُنقضُ مستقبلهن من تنشئةٍ مجتمعية يدفعنَ ثمنها بسنواتٍ تُحولُ ساعة ارتداء الفستان الأبيض إلى سنواتٍ من الظلام.

"الفستان الابيض" هو فيلم للمخرجة أميمة حموري، عُرض في عزبة بين حانون شمال القطاع كمنطقةٍ مهمشة، والذي تدور أحداثه طيلة سبع دقائق حول العادات المجتمعية التي تغلقُ الأفق أمام الفتيات الطموحات، وتخليهن عن طموحاتهن للهروب من كلمة "عانس".

وما أن انتهى العرض الأول حتى بدأ فيلم "ورود منسية" لقطاته الاولى للمخرجة راية عروق، والذي يربط فكرة الزواج لدى المراهقات بالسعادة، فيفرحن بثوب الزفاف، والازهار، ويتناسين مسؤولية عُش الزوجية التي ستلقى على عاتقهن ليبدأ فصل جديد في حياتهن لم يكن في توقعاتهن يوماً.

وتخلل اللقاء نقاشا حول مواضيع الأفلام لتعبر الفتيات المشاركات عن ارائهن في القصة وأدوار الشخصيات وتصرفاتها، حيث شاركت بعض الفتيات حول قصة "رند" في فيلم "فستان ابيض"، وربط العرض بالعادات والتقاليد الخاطئة التي ينتهجها المجتمع كالتفكير في زواج الفتاة بدلاً من مساعدتها في تحقيق طموحاتها لتتجنب ان يُطلق عليها كلمة (عانس).

وأوضحت احدي الفتيات المشاركات بأن هذا يعتبر انتهاك لحقوق المرأة التي تسعى لتحقيقها في المجتمع، مشيرة إلى أن كلام الناس له الأثر الأكبر في البيئة التي تعيش فيها.

ومن خلال النقاش حول فيلم "ورود منسية" أوضحت المشاركات ان فكرة الزواج المبكر جاءت من العادات والتقاليد المجتمعية، والتي لا بد ان تتغير من خلال سن قوانين تمنع الزواج المبكر.

وتقول الفتاة ( ل.ع) " هذه القضايا المجتمعية تعتبر عنف وانتهاك لحقوق المراة، كقضية الفتاة سامية في فيلم فستان ابيض بعد أن انتهت طموحاتها وأهدافها في سبيل الزواج والهروب من العنوسة وحديث الناس، وقضية الزواج المبكر في ورود منسية الذي يعتبر شبيه للاغتصاب بطريقة مختلفة"

وبيّنت سلوى اسم مستعار، ان الزواج المبكر لا يملك حرية اختيار الشريك ولا حتى الموافقة الصريحة على مبدأ الزواج.

فيما رأت المشاركة (س.م) بأن الوضع الاقتصادي الصعب كان دافعاً للزواج المبكر بعد أن تخلى رب الأسرة عن مسؤوليته اتجاه الأبناء خاصة الذكور الأمر الذي دفعهم للزواج المبكر.

من جهتها قالت الاخصائية اسلام المصري ميسرة اللقاء: ان الزواج المبكر ذو تأثير كبير على الفتيات حين يسرق طفولتهن وتعليمهن وصحتهن وطموحاتهن، في سبيل زواجهن من شريك لا يملكن الحرية في اختياره او حتى الموافقة الصريحة للزواج منه.

وأكدت المصري ان الزواج المبكر يُنهي حياة الفتيات في تحقيق طموحاتهن حين يجبرن على تحمل مشاق الحمل والولادة في سنٍ مبكر، بالإضافة إلى إمكانية تعرضهن للخطر الجنسي من الشريك.

ورأت المصري ان التوعية الاجتماعية لها الأثر الكبير في تغيير أنماط وأفكار مجتمعية خاطئة قد تنقض الفتيات من مستقبل مجهول.

وخرج اللقاء بتوصياتٍ أهمها عرض المزيد من الأفلام في كافة المناطق التي تبيّن المخاطر الناجمة عن المشكلات المجتمعية، وسن قوانين من قبل الجهات المختصة وتطبيقها للحد من الزواج المبكر، بالإضافة إلى مزيد من الندوات والورشات في المناطق المهمشة للتوعية بأساليب التنشئة الاجتماعية.