الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتداعيات الإجراءات الوقائية المفروضة، دفعت حسين إلى اللجوء إلى منصات التواصل الاجتماعي لإطلاق مناشدات لتقديم يد العون والمساعدة لتوفير الحد الأدنى من احتياجات عائلته، لاسيما أنه يعتمد على الأجرة اليومية التي يتقاسمها مع مالك المركبة في تدبير احتياجات عائلته.
واضطر أصحاب مشاريع تجارية صغيرة وعمال المياومة للجلوس في بيوتهم، التزامًا بإجراءات وزارة الداخلية، غير أنَّ غيابهم عن أعمالهم لليوم الثاني على التوالي، أضر بدخلهم اليومي بشكلٍ كبير.
خسائر بالجملة!
صاحب مشروع مطعم درانا عواد أبو صفية، من شمال القطاع، أوضح أنه التزم بالمنزل هو وعماله، ما عرضه لخسائر مالية كبيرة، قائلاً: "الإغلاق كبدني خسائر مالية فادحة نتيجة فساد المواد الغذائية داخل المخزن".
وأجبرَ الإغلاق الكامل ومن قبله الإجراءات التي سبقت أبو صفية لتخفيض عدد العمال إلى عشرة نتيجة الجائحة، بعد أن كان متجره يحوي 20 عاملاً، وهو ما انعكس سلبًا على صاحب عليه وعلى عماله، ووضعهم جميعاً في ضائقة اقتصادية كبيرة.
وذكر أن من بين العمال في متجره المتواضع من هم طلبة جامعات وخريجين، ومنهم من يعيل عائلات تضم أكثر من 12 فرداً، ولا يعتمدون في توفير احتياجاتهم من الملبس والغذاء والعلاج سوى من الأجرة اليومية، التي توقفت على وقع إجراءات كورونا.
ومن بين تداعيات الإغلاق، ذكر أبو صفية انّه اضطر لأن يدفع (25) شيكلاً في كل يوم للحصول على الكهرباء التي تحفظ المواد الغذائية التي قد تتعرض للفساد حال انقطاع التيار الكهرباء.
ويتكبد أصحاب المحال التجارية والمشاريع الصغيرة خسائر مالية كبيرة لأسبابٍ عديدة، منها: انقطاع التيار الكهربائي، وتوفير بدائل للطاقة، إضافة إلى إيجارات تلك المحلات، في مقابل ضعف حركة البيع والشراء في قطاع غزة، على وقع تفشي فيروس كورونا.
العمال الأكثر معاناة
ويوضح العمصي في حديث مع "شمس نيوز" أن قرار الإغلاق وتحديداً يوم السبت أثر بشكل كبير على هذه الفئة، مشيراً إلى أنَّ حوالي 160 ألف عامل تضرروا نتيجة الاغلاق.
وقال: "نسبة البطالة في غزة ارتفعت لتصل إلى 80 بالمئة، خلال الفترة الحالية، بينما وصلت نسبة الفقر في صفوفهم إلى 75 بالمئة، وهو ما يشكل ضغطًا على المواطن الغزي الذي لا يملك شيء".
وأشار العمصي إلى اجتماعٍ عقده الأسبوع الماضي مع وكيل وزارة العمل إيهاب الغصين، للحديث عن فكرة تشكيل صندوق مالي على غرار صندوق "وقفة عز" في الضفة، لدعم العمال المتضررين من جائحة كورونا والحصار الإسرائيلي، مبينًا أنه مطلوب من الجهات الحكومية والقطاع الخاص والشركات الكبرى أن تساهم في دعم الصندوق لتحمل المسؤولية المجتمعية تجاه تلك الفئة البائسة.
وذكر العمصي أنَّ نسبة كبيرة من العمال لا يستفيدون من المنحة القطرية 100 دولار، إذ استفاد من المنحة حوالي 70 ألف عامل لمرةٍ واحدة فقط، بينما لم يستفيد حوالي 90 ألف عامل من المنحة مطلقاً، متسائلاً: ما مصير من لم يتلقوا تلك المنحة؟، كيف يمكن أن يتدبروا أمورهم واحتياجاتهم المنزلية؟".
وبيَّن أن تقليص وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) للرواتب والمساعدات، ساهم في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في غزة، داعياً إياها للعودة عن قرار التقليص، والوقوف عند مسؤولياتها.
انخفاض القوة الشرائية
وأوضح العجلة أنّ المنحة القطرية 100 دولار التي يستفيد منها المواطن الغزي، لا تفي بالتزاماته، ولا توفر له الحد الأدنى من احتياجاته، مبينًا أن خط الفقر للأسرة المكونة من خمسة أفراد عبارة عن مبلغ (2470) شيكلاً، أما الفقر المدقع هو (1900) شيكل، وذلك حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وأكد أنَّ انخفاض القوة الشرائية وتراجع حجم المبيعات لدى المواطنين في غزة، منذ شهر إبريل عام 2017م، بسبب الحسومات التي لحقتْ رواتب الموظفين، ادت إلى ارتفاع نسبة البطالة ومعدلات الفقر، مشيراً إلى أنَّ الأوضاع ازدادت سوءًا بعد فرض الإجراءات الوقائية لمواجهة فيروس كورونا.