شمس نيوز/ وكالات
بدأ طرح اللقاحات المضادة لفيروس كورونا "كوفيد-19″، في بعض أجزاء من العالم، لكن شابت هذه الأنباء السارة ظهور السلالة الجديدة من الفيروس، ربما أكثر عدوى من الفيروس الأساسي، وأصبح من غير الواضح كيف سيتحور الفيروس.
وليس هناك شك في أنَّ الأشهر الثلاثة أو الأربعة القادمة ستكون مليئة بالتحديات، ومن المحتمل أنَّ الحياة من دون فيروس لا تزال بعيدة عن متناولنا بعض الشيء، وهناك بعض الأشياء التي قد لا تعود قط لما كانت عليه.
ومن الصعب وضع توقعات دقيقة عن تطورات الأوضاع، لكن هناك بعض الأشياء التي يمكننا التنبؤ بها بدرجة من الثقة خلال العام القادم. ومن هذا المنطلق، إليكم ما يمكن توقعه في العام المقبل 2021.
ما تأثير السلالة الجديدة من كورونا على حياتنا في 2021؟
توجد حالياً معلومات محدودة عن السلالة الفيروسية الجديدة، التي تبدو أكثر عدوى، لكنها لا تؤدي إلى مرض أكثر خطورة أو قادرة على التهرب من المناعة المُكتَسَبة من اللقاح، رغم أنَّ ذلك لم يتأكد بعد.
بيد أنَّ السلالة الجديدة المُتحوِّرة تشير إلى أنَّ الفيروس قادر على إنتاج طفرات كبيرة، ويمكن أن تغير الطفرات الأخرى مسار تفشي المرض. ومن ثم أصبح قمع الجائحة بسرعة مهمة أكثر إلحاحاً، كما تقول شبكة The Conversation الأسترالية.
ومن المحتمل أن تستمر القيود الأكثر صرامة على السلوكيات حتى العام الجديد، وقد نحتاج إلى مزيد من القيود للسيطرة على الفيروس إذا كان بالفعل أكثر عدوى.
كم من الوقت سننتظر حتى نرى نتائج لقاحات كورونا في 2021؟
يمثل إنتاج جرعات كافية من اللقاح مهمة ضخمة، فقد يمر الإنتاج بمرحلة اختناق. وحتى لو افترضنا قدرتنا على صنع كل ما نحتاجه، فإنَّ تحصين الناس سيستغرق عدة أشهر.
وفي المملكة المتحدة على سبيل المثال، يطرح الممارسون العامون اللقاحات، ويتولى الممارس العام الإنجليزي في المتوسط رعاية نحو 9000 شخص. وبافتراض أنَّ الأطباء الممارسين يعملون 8 ساعات كل يوم، ويحتاجون إلى 10 دقائق لتطعيم شخص ما، ويحتاج كل مريض لجرعتين، فسيستغرق الأمر أكثر من عام للانتهاء من تطعيم جميع مرضاهم. وسيساعد الآخرون بالطبع في بدء تطبيق العلاج، لكن هذا يوضح حجم المهمة، وسيكون التأخير حتمياً.
بالإضافة إلى ذلك، يستوجب التطعيم بلقاح فايزر تلقي الجرعتين بفاصل 21 يوماً، مع بناء المناعة الكاملة بعد 7 أيام من الجرعة الثانية. وتتطلب اللقاحات الأخرى -مثل لقاح AstraZeneca- فترة أطول بين الجرعات. وسيستغرق الأمر شهراً على الأقل (إن لم يكن أكثر) لرؤية التأثير الكامل في كل شخص يحصل على التطعيم.
وفي البلدان التي خفَّفت قواعد التباعد الاجتماعي في فترة عيد الميلاد (الكريسماس)، قد نشهد ارتفاعاً مفاجئاً في الإصابات بعد العطلة. وفي هذه الحالة، من غير المرجح أن تُغيِّر اللقاحات كثيراً في البداية، وسيشهد المرض فورة كبيرة جداً في أوائل عام 2021. ومن المحتمل أن يكون هذا هو الحال أيضاً في المملكة المتحدة بفضل السلالة الجديدة المُتحَوِرة من الفيروس، رغم عدم رفع القيود عن كثير. وهناك حاجة لتوعية الجمهور بالدفعة التي يشهدها المرض، لتجنب فقدان الثقة في التطعيم.
كيف ستتجلى الجائحة خلال العام الجديد 2021؟
بعد إصابة الأشخاص بـ"كوفيد-19″ (أو تلقي لقاح)، يصبحون محصنين (على الأقل على المدى القصير). ثم يتواصل المصابون في وقت لاحق مع الأشخاص الذين يتمتعون بمناعة بدلاً من الأشخاص المعرضين للإصابة. لذلك ينخفض انتقال العدوى ويتوقف المرض في النهاية عن الانتشار، وهذا ما يُعرف بمناعة القطيع.
ومن غير المعروف بدقة مستوى المناعة اللازمة لوقف انتشار الفيروس بين السكان. ويُعتقَد أنها تتراوح بين 60% و80%. لسنا قريبين من ذلك حالياً، ما يعني أنَّ المليارات حول العالم سيحتاجون إلى التطعيم لوقف انتشار الفيروس.
وهذا يعتمد أيضاً على اللقاحات التي تمنع انتقال الفيروس، والتي لم تُثبَت نتائجها بعد. وإذا كان الأمر كذلك فسنشهد انخفاضاً في حالات "كوفيد-19″، ربما في وقت أبكر من ربيع عام 2021. ومع ذلك، ستظل هناك حاجة إلى الإغلاق والتدابير الأخرى للحد من انتقال العدوى بينما يعمل التطعيم على بناء مناعة السكان، خاصةً حيثما تنتشر السلالة الأكثر عدوى من الفيروس.
وفي المقابل، إذا كان اللقاح سيحمي الأشخاص المصابين من التدهور صحياً، فلن يكون أمامنا إلا الاعتماد على العدوى لبناء مناعة القطيع. وفي هذا السيناريو، قد يؤدي تطعيم الفئات الأكثر عرضة للخطر إلى تقليل معدل الوفيات، لكن من المرجح أن يستمر المرض الخطير وسلسلة طويلة من "كوفيد" الذي يصيب الشباب.
ما الذي يُرجَّح أن يتغير خلال العام الجديد؟
اللقاحات ليست حل سحري، ويجب معها الحفاظ على مستوى معين من الاحتياطات لعدة أشهر قادمة. وفي المناطق التي تنتشر فيها السلالة شديدة العدوى، قد تستمر القيود المشددة حتى انتهاء نشر اللقاح. وأية تغييرات ستأتي ببطء، خاصة في مجال زيارات الرعاية المنزلية وإعادة فتح المستشفيات للعلاج المنتظم.
ومع الوقت، نأمل أن يصبح السفر أبسط، على الرغم من أنَّ شركات الطيران قد تبدأ في طلب شهادات التطعيم. وعلى الرغم من أنَّ بعض البلدان تشترط التطعيم ضد الحمى الصفراء للدخول إليها، يُرجَّح أنَّ يثير طلب حمل أصحاب جوازات السفر مناعة ضد "كوفيد-19" جدلاً.
وقد يصبح ارتداء القناع عادة اجتماعية على مستوى العالم كما هو الحال الآن في آسيا، على سبيل المثال عندما يكون شخص ما مريضاً أو قلقأً على صحته.
التطلع للمستقبل
هل يمكن أن يؤدي التطعيم إلى القضاء على الفيروس؟ لا نعرف بعد إلى متى تستمر المناعة المُكتَسَبة من اللقاح، وستكون المناعة طويلة الأمد هي المفتاح. وسيكون القضاء الكامل على الفيروس أمراً صعباً للغاية وسيتطلب جهداً عالمياً.
وبينما نقترب من القضاء على شلل الأطفال، لا يزال الجدري هو المرض البشري الوحيد الذي قُضِي عليه تماماً، وقد استغرق هذا ما يقرب من 200 عام. أما الحصبة، على سبيل المثال، فبالرغم من القضاء عليها تقريباً في العديد من البلدان، تستمر في العودة.
وتوفر بعض اللقاحات، مثل الخاص بالحصبة، حماية لمدى الحياة تقريباً، بينما يحتاج البعض الآخر إلى تكرار تلقيها، مثل التيتانوس. وإذا واصل "كوفيد-19" التحور بانتظام وبدرجة كبيرة -وهو ما ثبت أنه قادر عليه- فقد نحتاج إلى أخذ لقاحات جديدة دورياً، كما نفعل مع الأنفلونزا. وعلى المدى الطويل، سنحتاج أيضاً إلى تطعيم الأطفال للحفاظ على مناعة القطيع.
ومن المحتمل أن تكون الآثار الاجتماعية والاقتصادية للجائحة طويلة الأمد أيضاً. وربما لن تعود الحياة أبداً إلى ما كانت عليه من قبل. لكن الأمر متروك لنا لجعلها أأمن من خلال الاستعداد الأفضل للأوبئة في المستقبل.