د. محمد مشتهى
الهيمنة ومحاولات الهيمنة موجودة في كافة المجتمعات وموجود كذلك في التنظيمات حتى في التنظيم الواحد هي موجودة، والله عز وجل يقول: (وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)، التنافس هنا يكون بالعمل الصالح، التنافس ليس بإزاحة الآخر، بل هو السعي قبل الآخر للوصول الى رضى الله عز وجل، والتنافس هو سباق بين الناس لفعل الخير وليس سباق بين الناس لازاحة بعضهم البعض عن فعل الخير، فأنت كإنسان في حال أردت أن تعمل عمل مقاوم أو ثوري أو فيه الخير، فمطلوب أن تكون حريص لجر الناس معك وإلى جانبك وليس العكس بإزاحتهم.
العمل المشترك مطلوب ألا يكون كالصنم المصنوع من عجوة وقت ما يجوع صانعه يأكله، ولا يجوز صناعة الكيانات الوحدوية من أجل الهيمنة، فالعمل الوحدوي هو عمل جماعي، والعمل الجماعي هو قبول الآخر على علَّته كما هو.
العمل المشترك الذي تهيمن عليه جهة واحدة أو يهيمن عليه شخص واحد هو ليس عملا مشتركا وليس له نصيب من الشراكة سوى الاسم فقط، والعمل المشترك ليس سيراً على وقع خطوات ومواقف جهة واحدة أو شخص واحد.
هناك مفهوم مغلوط لدى الكثيرين بأنه في حال لم تتوافق خطوة أو موقف أحدهم ولم تكن تبعا لخطوة وموقف الجهة أو الشخص المهيمِن عندها تصبح هذه الجهة أو هذا الشخص خارجا عن الصف الوحدوي وهو يريد تدمير العمل المشترك، هذا ليس جوهر وروح العمل المشترك وليس هكذا يتم ممارسة العمل المشترك، لذلك نحن بحاجة الى أناس تقترب من مستوى القديسين بالذات في مستوى الصف الأول لممارسة العمل المشترك، ولا يُقصد بالقديس أن يأكل فول بدلا من الكباب، ليس هذا المقصود، فممكن أن تسكن قصر لكن الروح عندما تكون معلقة بمرضاة الله عندها يتم الارتقاء والاقتراب من مستوى القديسين، بعض الصحابة رضوان الله عليهم كان يمتلك الدنيا مثل عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، لكن أرواحهم كانت معلقة في مكان آخر، كانوا يمتلكون من الذهب الكثير لكن لم تكن الدنيا في قلوبهم، لذلك المسؤول لو سكن قصر وركب أجمل السيارات، ليست هنا المشكلة، لكن مطلوب أن تكون روحه روح مقاوِمة، روح متواضِعة، روح وثَّابة، روح عندها الإيثار، وروح عندها قيمة الأخوَّة، لذلك روح الإنسان هي الأهم، أما اذا كانت حياته دنيوية والروح عفنة وليس لديها ارادة وما لديها فقط هو الكلام والشعارات، تلك الروح ستبقى معلّقة بما هو فاني وزائل ولا يمكن لها انتاج سوى أرواحا تشبهها.
