ابراهيم أبو صفية
تتواصل التحضيرات والاستعدادات من قبل الفصائل الفلسطينية وشخصيات مستقلة ورجال أعمال في إعداد قوائم لخوض انتخابات المجلس التشريعي، التي مزمع عقدها بتاريخ 22 أيار/ مايو القادم.
إلا أنه وعلى غير العادة، يدور الحديث عن تشكيل أكثر من قائمة محسوبة على حركة فتح، خصوصا أن الذين يحاولون تشكيل هذه القوائم قيادات لها باع طويل في مسار الحركة وتاريخها، ورغم أن حركة فتح أعلنت أنها ستذهب للانتخابات بقائمة موحدة على غرار عام 2006، وأنها ستعاقب كل من يخرج عن قراراتها، إلا أن الذين أعلنوا عن نيتهم في تشكيل قوائم منافسة لقائمة اللجنة المركزية، يواصلون حراكهم وطريقهم بقوائم جديدة.
وحسب ما يتم إعلانه عبر وسائل الإعلام المختلفة والتسريبات المتتابعة، فإن ما لا يقل عن أربع قوائم منفصلة على الأقل محسوبة على حركة فتح ستخوض الانتخابات، وهي:- قائمة اللجنة المركزية، قائمة التيار الإصلاحي المحسوبة على القيادي المفصول محمد دحلان، قائمة الملتقى الوطني الديمقراطي الفلسطيني المحسوبة على القيادي المفصول أيضا ناصر القدوة، كما أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني الاسبق، سلام فياض، رسمياً نيته الترشح وتشكيل قائمة انتخابية من شخصيات مستقلة لخوض الانتخابات التشريعية القادمة، وأُعلن أيضا عن نية القيادي في حركة فتح نبيل عمرو نيته تشكيل قائمة، غير أن الأسير الفتحاوي مروان البرغوثي لم يحسم أمر بعد إذا كان ينوي تشكيل قائمة جديدة أو أنه سيترك التشريعي يرشح نفسه لانتخابات الرئاسة.
وفي خضم الحديث عن هذه القوائم، ومدى تأثيرها وفاعليتها، وهل لها فرص المنافسة في الاستحقاق الانتخابي المنتظر وهل فعلا ستؤثر على قاعدة حركة فتح، كما أن السؤال الأشمل، هل تعدد هذه القوائم المحسوبة على حركة فتح لصالحها أم ضدها وتأثر عليها خصوصا تحت قبة البرلمان فيما بعد الانتخابات.
خلافات تنظيمية وليست سياسية..
الصحفي والمحلل السياسي، محمد بدر، يرى أن تعدد القوائم التي يقودها أشخاص أو قيادات من فتح مفيد للحركة من الناحية العملية وفي سياق العملية الانتخابية وتحديدا داخل المجلس التشريعي، حيث أن المواقف السياسية للمتخاصمين داخل فتح فيما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال وكذلك مع الفصائل، تقريبا واحدة ولا اختلاف فيها، وخلافهم كان على قضايا داخلية تتعلق بالحركة، وبالتالي رؤية فتح السياسية ستكون ممثلة بقوة داخل التشريعي.
وأشار بدر إلى أنه من المهم أيضا التأكيد على أنه حتى الذين خرجوا أو تم فصلهم يؤكدون على الدوام أنهم أبناء الحركة ويحملون رؤيتها وأن مشكلتهم مع الطريقة التي تدار فيها، وقد يساهم وجود بعض التيارات منهم في المجلس التشريعي في حل خلافاتهم مع الحركة الأم، من خلال صفقات ما، بعد أن يفرضوا أنفسهم كقوة ممثلة في النظام السياسي.
وأوضح أن من منظور آخر يعتبر تعدد القوائم إشارة على فشل قيادة حركة فتح في إدارة الحركة وتنظيم صفوفها إلى حد خروج قيادات من الصف الأول منها سواء كان ذلك بالفصل أو بغيره، وهذا يشكل ضربة معنوية لها، ويجعل هذه القيادة في خانة الاتهام كمتسببة بما جرى، وهو ما لا يريده رئيس السلطة محمود عباس، بعيدا عن الاعتبارات والنتائج الرياضية المرتبطة بحسبة المقاعد، والتي أُشير إليها سابقا.
وبين بدر أن كل حركة أو تنظيم يتعرض لانشقاق سواء فردي أو جماعي يتأثر معنويا خاصة إذا كان له خصوم سيستفيدون من هذا الأمر في إثبات جدارتهم كبديل متماسك وقوي.
القوائم المتعددة تؤثر في نتائج الانتخابات..
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي، أشرف عكة، لا شك من أن قائمة جديدة محسوبة على حركة فتح ستحاول المنافسة في الانتخابات ستشكل بالضرورة إرباكا حقيقيا لقيادة الحركة.
وبين أن هذه القوائم لا تستطيع بالضرورة أن تشكل فارقا استراتيجيا في حسم الأصوات، ولكنها ستحاول انتزاع عدد من أصوات الناخبين من جمهور وقاعدة حركة فتح.
وأشار إلى أن سيكون هناك إجماع بأخذ اجراءات حاسمة من اللجنة المركزية وما قيادة الحركة في محاصرة هذه القوائم بكل الوسائل المتاحة سواء القانونية أو عبر نظام الحركة الداخلي.
ولفت أن هناك حراك وتفاعل بدا من بعض الأطراف المحسوبة على حركة فتح للتعامل بالأساليب المختلفة مع الحالات التي ستخرج عن قائمة الحركة، وستحاول الحد من إحداث فارق أو إرباك حركة فتح.
وأوضح أنه ما يتم تسريبه من معلومات سيتم اتخاذ إجراءات حاسمة وقد نشهد حالة غير مألوفة على السياق الداخلي لحركة فتح لإحباط هذه المحالات التي من الممكن أن تؤثر على مجريات العملية الانتخابية.
وأشار عكة، إلى أنه باستثناء ما هو مربتط بالتيار المحسوب على محمد دحلان، سكون لفتح السيطرة على الأرض، وحتى الحالات المحسوبة على دحلان سيكون لها تأثير داخل غزة كون أنه لا يوجد سيطرة لفتح والأجهزة الأمنية الفلسطينية هناك، أما بالضفة هناك سيطرة وسيتم اتخاذ إجراءات مختلفة بحق من يعارض قرارات التنظيم.
وأردف أن اللجنة المركزية لحركة فتح ستكون قادرة على حسم الاتجاه العام للحركة في الانتخابات ولن تشكل هذه القوائم اختراق استراتيجي لقواعدها، وكما أن على مسار الأحداث الداخلية لفتح، مازالت قيادة الحركة تسيطر على إحباط أي انشقاقات جديدة.
في خضم متباعة تشكيل القوائم والإعلانات هنا أو هناك، يجمع الكثير على أن خوض حركة فتح الانتخابات بأكثر من قائمة سببه تفرد الرئيس بالقرار الداخلي للحركة.
ويرى البعض أن تعدد قوائم حركة فتح يمكن أن يتجه إلى جانب إضعاف القائمة الأساسية، أو الاتجاه نحو جانب آخر يتمثل في اعطاء المواطن الفرصة لاختيار ممثليه كون هذه انتخابات سياسية وشعبية وليست انتخابات تنظيمية، وتعدد القوائم يضمن ألا تبقى المنافسة محتدمة بين فتح وحماس".
كما أن في الديمقراطيات المختلفة في العالم، أن أي شخص غير منسجم مع حزبه لأي سبب ما، يذهب لعمل إطار جديد، وأن الخروج وتشكيل أجسام جديدة أفضل من البقاء في تنظيم أو حزب لا تستطيع الانسجام معه، ومن يرى أنه قادر على الإصلاح ولكن غير قادر عليه من الداخل، يحق له الخروج ويضع برنامجه لمحاولة الإصلاح من الخارج.