نشر موقع "والا" العبري، اليوم السبت، تقريرًا أمنيًا سُلط فيه الضوء، على شخصية نائب القائد العام لكتائب القسام مروان عيسى.
وجاء نشر التقرير بعد أيام من ظهور عيسى في صورة جماعية نُشرت لأعضاء المكتب السياسي الجديد لحماس في قطاع غزة.
وذكر التقرير الذي نُشر تحت عنوان "إذا لم يتم اغتياله فسيقود المعركة القادمة"، أن الصحافة الفلسطينية ضجت هذا الأسبوع بصورة نادرة لقادة حماس في غزة بعد الانتخابات الداخلية، وأن من بين الصور، صورة لعيسى، والذي يستغل الهدوء في الجنوب لبناء قوة التنظيم في السنوات الأخيرة"، على حد تعبير الموقع.
في حين، اختار الرجل–وفقاً للتقرير- أن "يقف في الصف الخلفي وخلافًا للجميع؛ ارتدى كمامة ضد "كورونا"، لكن هناك شكوك حول الهدف من ارتدائها، وعلى الأغلب فليست لأسباب صحية، حيث يعيش الرجل في الظل بعيدًا عن أذرع الجيش والشاباك".
وقال التقرير إن "الرجل يعمل بناء على اعتقاده أن كل شيء قد ينقلب ما بين عشية وضحاها، وقد يتم اغتياله في أي لحظة، وهو ذات الرجل الذي سيدير المعركة القادمة لحماس في مواجهة الجيش".
ويواصل التقرير "أما محمد الضيف الذي نجا مرات عديدة من الاغتيال فقد بقي قائدًا للجناح العسكري والشخصية الأكثر جاذبية في حماس، وفي صيف العام 2014 وبعد أن نجا من محاولة لاغتياله نشر تسجيلًا صوتيًا ليثبت أنه لا زال على قيد الحياة".
وقال التقرير إن: "الضيف أثخنته الجراح وخضع لسلسلة من العمليات الجراحية، ويعيش حياته في الخفاء".
وأضافت أن "من يدير الجناح العسكري بشكل فعلي هو نائبه مروان عيسى الذي تم تدمير منزله في تلك الحرب عبر طائرات مقاتلة من سلاح الجو".
و ترى محافل أمنية وخبراء في شؤون قطاع غزة– وفقاً للتقرير- أن جزءًا كبيرًا من القرارات يتخذها عيسى بشكل مستقل، وأحياناً بالتشاور مع قائد حماس في غزة يحيى السنوار.
وقالت إنه: "بالإمكان وصف عيسى بأنه حلقة وصل بين محمد الضيف المتطرف في آرائه والاستعدادات لحرب قادمة مع إسرائيل، وبين الموقف البراغماتي للسنوار بهذا الخصوص؛ في إطار مساعي التسوية بين الاحتلال وحماس، والتي يديرها مسؤول مجلس الأمن القومي مئير بن شبات، الذي كان مسؤولًا عن تنفيذ عمليات تصفية كثيرة إبان فترة عمله في الشاباك".
وبعد اغتيال قائد أركان حماس أحمد الجعبري عام 2012 نُشرت صوره وبجانبه مروان عيسى، ووفقًا لخبراء استخبارات إسرائيليين؛ أدار عيسى شخصيًا الحرب ضد الجيش.
الاعتقال الأول والعمل مع القسام
وأشار التقرير إلى اعتقال قوات الاحتلال عيسى في العام 1990 في إطار حملة اعتقالات في مخيم البريج وسط قطاع غزة، ونقله للتحقيق لدى الشاباك.
وقال: "واتضح منذ ذلك الحين أنه شخصية عنيدة بشكل خاص، وبعد قضائه خمس سنوات من الاعتقال في السجون خرج للحرية كشخص آخر، وبلور داخل غرف الأسرى فكرة ضم الخلايا الصغيرة إلى تنظيم منظم يطلق عليه اسم (كتائب عز الدين القسام)، وانضم إلى الكتائب، ومنذ ذلك الحين وهو يصعد في سلم القيادة في الجناح العسكري".
وأضاف الموقع "في العام 1996 وبعد اغتيال المهندس يحيى عياش ردت حماس بسلسلة من العمليات النوعية في العمق الإسرائيلي وظهر عيسى حينها كواحد من المخططين للعمليات وجرى اعتقاله بعدها على يد أجهزة الأمن الفلسطينية لعدة سنوات".
ويواصل التقرير سرد سيرة عيسى: "في بداية الانتفاضة الثانية وبتعليمات واضحة من ياسر عرفات أفرج عن الأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك أسرى حماس، الذين شاركوا بالهجمات ضد "إسرائيل"، وكان عيسى أحد المفرج عنهم، وسارع بالعودة للتخطيط والضغط على الزناد وسعى طوال الوقت لتحويل الخلايا والكتائب غير المنظمة إلى جناح شبه عسكري منظم مقسم إلى ألوية وكتائب وفصائل مع نظام هرمي واضح ودعم مالي".
"وفي العام 2004 وبعد اغتيال القائد في كتائب القسام عدنان الغول الخبير في إعداد المتفجرات والمسؤول عن المنظومة الصاروخية التابعة للقسام، والذي كان يُعد اليد اليمنى لمحمد الضيف؛ بقي هناك فراغ في مجال الصناعات العسكرية، ووفقًا لمسؤولين سابقين باستخبارات جيش الاحتلال، وهو ما عبّأه عيسى بسرعة، ودخل في مجال التطوير العسكري.
وفي العام 2016، قال ضابط كبير في قيادة المنطقة الجنوبية إنه على خلفية نجاح الموساد والشاباك في عرقلة و إحباط التهريب للقطاع؛ فإن حماس تحاول تطوير وسائل قتالية جديدة ومن بينها براميل تحتوي على 250 كغم من المتفجرات، والتي بالإمكان إرسالها عن طريق البحر، وطائرات غير مأهولة، وزيادة مدى الصواريخ، وبرز اسم عيسى كأحد المسؤولين عن تطوير الصناعات العسكرية.
في حين، يرى التقرير أنه "لا يمكن تجاهل أن عيسى يمتلك قدرة على المناورة ما بين الصقور والحمائم في حماس"، إذ نقل عن أحد المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين قوله إن: "عيسى ذكي جدًا لدرجة أنه يمكنه تحويل بلاستيك إلى معدن".
وأضاف التقرير أنه "في العام 2017؛ تقلد السنوار منصب قائد حماس في غزة، وأحاط نفسه بمقربين من أيام السجون الإسرائيلية ومن بينهم: روحي مشتهى، أحد مؤسسي الجناح العسكري والضالع في اختطاف الجندي نحشون فاكسمان، وتوفيق أبو نعيم (وكيل وزارة الداخلية في غزة)، أما الثالث فهو مروان عيسى".
وجاء في التقرير أنه "بعد الهجوم الذي قام به غواصون من حماس على شواطئ كيبوتس (زيكيم) في بداية معركة الجرف الصامد في العام 2014، كان من الواضح للجميع أن الحرب القادمة ستبدو مغايرة ومليئة بالمفاجآت، وليس فقط على المستوى البحري والجوي، ولكن بشكل خاص على المستوى التكنولوجي وتطوير وسائل قتالية خاصة".
"وخلال عام 2017 أيضًا، ذهب عيسى إلى القاهرة لإدارة مفاوضات على استعادة الجنديين هدار غولدن وأورون شاؤول، إلا أن الجهود لم تنضج إلى صفقة بسبب مواقف السنوار المتصلبة والخطوط الحمراء التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية"، وفق التقرير.
وقال التقرير إنه: "في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2018، وفي إطار جولة قتال استمرت 24 ساعة في القطاع، وهجمات متتالية في سلاح الجو الإسرائيلي، حصل انطباع بأن "إسرائيل" ستقدم على اغتيال عيسى، إلا أن المستويين السياسي والعسكري لم يريدا الذهاب نحو تدهور كبير يصل إلى حد اندلاع معركة جديدة في تلك الفترة، ولكن وجدوا من الصواب المس بالبنية التحتية في حماس".
وبدأت تلك الجولة– وفق التقرير- بانكشاف أمر القوة العسكرية الخاصة التابعة لوحدة هيئة الأركان شرقي خانيونس عبر قوة من كتائب القسام، وخلال الاشتباك قتل نائب قائد القوة الملقب (أ).
وأشار إلى أن "حماس نفذت بعدها عمليات تحقيق موسعة قالت إنها شملت اعتقال 45 مشتبهًا بتعاونهم مع "إسرائيل".
ولفت التقرير إلى أن "حرب الأدمغة والظل بين "إسرائيل" وحماس متواصلة أيضًا في هذه الأيام، "إذ حصلنا في 22 فبراير/ شباط من هذا العام على إشارة واضحة بالمنحى العسكري القائم في القطاع عندما استهدف الجيش قاربًا تم تسييره عن بعد على يد مقاتلي حماس".
وأضاف "كما تم تدمير نفق بحري للقوة البحرية في العام 2018، والتي كانت ستستخدمه القوة البحرية للغوص في أعماق البحر خلال المواجهة القادمة".
ونقل التقرير عن مصدر أمني كبير وسابق قوله في وصف عيسى: "إن الرجل يعتبر من الشخصيات القوية في حماس في غزة، وهو رجل أفعال وليس أقوال، ومن هنا مصدر قوته؛ فقد أثبت للجميع أنه عندما يعد يوفي".
وتابع المصدر "لا يلعب عيسى فقط في الملعب العسكري والأمني، ولكنه يعمل في المستوى السياسي وقوته غير نابعة من كونه أحد المقربين من السنوار، ولكن لقربه من الضيف ومسؤولين آخرين".
وذكر أن "عيسى يعلم أنه في دائرة الاستهداف من "إسرائيل" طيلة الوقت، بالتالي فهو يتعامل بسرية تامة، لكن التاريخ علّمنا أنه لن يبقى محصنًا للأبد"، على حد قوله.