تصوير/ حسن الجدي
يبدو أن شهر رمضان المبارك بدأ مبكراً في بيت السيدة حنان المدهون التي تجتهد طوال ساعات النهار والليل في تحضير زينة الشهر الفضيل، وذلك لبيعها لزبائنها الذين يستعدون لاستقبال شهر الخير، وركزت في منتوجاتها لعام 2021 على نقل التراث الشعبي المصري إلى غزة.
حنان المدهون من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة وجدت في فكرة المشغولات اليدوية طوق نجاة لها ولعائلتها من الفقر والبطالة التي تغزو المجتمع الفلسطيني في غزة، فوجدت ضالتها للخروج من أزمات عائلتها المالية في استثمار موهبتها التي وهبها الله إياها، إذ تتفنن في صناعة الزينة بشكلٍ عام، والزينة الرمضانية بشكلٍ خاص.
وتحرص العائلات الفلسطينية بصفة عامة على تزيين منازلهم من الداخل والخارج، احتفاءً بالشهر الفضيل، ودرجت العادة في وضع زينة تراثية سواء على الوسائد، أو الأواني، أو الجدران، وما ميز زينة المدهون هذا العام هو استحضار التراث الشعبي المصري في مشغولاتها.
ويجتهد الغزيون في تزيين منازلهم وطرقاتهم وحاراتهم ومحالهم وأسواقهم لإضفاء نوع من البهجة على الأجواء الإيمانية في شهر رمضان المبارك، إضافة إلى ان تلك الزينة واحدة من مصادر الفرح والسرور للأطفال.
وتختلف أنواع الزينة الرمضانية حسب طبيعة المكان الذي تستخدم فيه، إلا أنه وفي النهاية يكون وراء إعدادها ألف رواية وحكاية، وتفاصيل لا يعلم خباياها كثير ممن يشترونها ويشاهدونها.
ودفع الواقع الاقتصادي الصعب العديد من الأسر للاستغلال هذا الموسم، فتلجأ الكثير من العائلات لإعداد وبيع الزينة الرمضانية، إذ يرون أن شهر الخير يمكن استثماره جيداً من الناحية الاقتصادية، ويكون فرصة لتدبير الحاجيات الأساسية التي تحتاجها العائلات.
المدهون بدأت بالفكرة منذ 6 أعوام لتساعد زوجها - المتعطل عن العمل بسبب كورونا - في مصاريف المنزل، خاصة وأنهم يسكنون بالإيجار.
واستطاعت المدهون بجهد ذاتي وبتمويل بسيط أن تبدأ مشروعها المتواضع، لمواجهة الظروف الاقتصادية، كما أنَّ مشروع المشغولات اليدوية يلبي موهبتها التي تعشقها منذ نعومة أظافرها.
ويتراوح أسعار الزينة الرمضانية التي تنتجها من 2-100 شيكل (الدولار = 3.3 شيكل)، وهي أسعار في متناول الجميع، كما تقول.
فكرة المدهون بدأت بقصة طريفة، إذ شاءت الأقدار أن تصنع فوانيس رمضان لأطفالها، قبل أن تعجب تلك الفوانيس الجيران الذي طلبوا منها أن تصنع لهم مثل فوانيس أطفالها، ومن هنا كانت الفكرة.
شغف حنان المدهون لم ينحصر في إعداد الزينة الرمضانية، إذ ترسم على الزجاج، وعلى فناجين القهوة، والعصير، والنقش على الوسائد، والكتابة عليها، وإعداد دمى "الماريوت".
ساعات العمل الطويلة التي تقضيها المدهون في صناعة الزينة الرمضانية، لم تغفلها عن متابعة أمور طفليها والاهتمام بأسرتها، وعلاقاتها الاجتماعية، فتستغل فترة انقطاع التيار الكهربائي لتقضي هذه الحاجات سريعًا، وتعود لإكمال أعمالها مع عودة التيار الكهربائي.
كل عام له مشغولات مميزة
خبرة الأعوام الستة بالإضافة إلى الموهبة كانت دافعًا لها لتطور عملها، وتكون زبائنها الذين باتوا ينتظرون جديدها في كل عام.
هذا العام اتجهت المدهون لأصناف الزينة الرمضانية المصرية، بل وعقدت العزم لأن تنقل منتجاتها في هذا العام أجواء شهر رمضان في مصر إلى قطاع غزة، فعملت على إعداد بعض الأهلة، والدمى، والفوانيس على الطريقة المصرية.
وعن دوافعها لهذا الاتجاه تقول المدهون: حبي للأجواء الرمضانية في مصر، وما أراه هناك لفت انتباهي لنقله إلى غزة ورسم شيء من السعادة والبهجة على وجوه أهلها خلال شهر رمضان، مشيرة إلى أنها عن طريق أقارب لها في مصر تعرّفت على تفاصيل الأجواء الرمضانية هناك، ونقلتها على شكل مشغولات يدوية.
طموحات وآمال
وتعمل المدهون خلال المواسم والمناسبات المختلفة لتغطي بعض احتياجات عائلتها، من خلال بيعها للمشغولات اليدوية المختلفة، فتعمل خلال الأعياد والمناسبات الدينية المختلفة، على إعداد مشغولاتها وبيعها بأسعار تكون بمتناول الجميع.
إضافة إلى ذلك خلال فترة احتفالات التخرج والمناسبات الخاصة للجيران والأصدقاء، يكون لهذه المشغولات نصيب، وتعمل على التميز بها لتكسب ثقة الزبائن، كما تشير.
وتأمل بأن يلقى مشروعها الدعم الكافي من قبل الجهات المختلفة، لتتطور وتفتح معرضًا من خلاله تقوم بيع المشغولات اليدوية وتوفر بعض فرص العمل حسب الحاجة لها.