غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

مليار شخص يعانون اضطرابات نفسية بين العرب

مرض نفسي.jpg
شمس نيوز - وكالات

أعلنت منظمة الصحة العالمية أن نحو مليار شخص في أنحاء العالم يعانون اضطرابات نفسية، في حين ذكرت مصادر مختلفة أن البحث عن الصحة النفسية في الوطن العربي على محرك البحث غوغل ارتفع بنسبة كبيرة في السنوات الخمس الأخيرة.

فكيف يمكن تفسير ارتفاع أرقام من يبحثون عن اختصاصيين نفسيين، وتعزيز الصحة النفسية في مصر والعالم العربي؟ وهل هذا يعني أن مراجعة الاختصاصي النفسي لم تعد من ثقافة العيب؟

ربع المصريين يعانون نفسيا

بداية فإن وزارة الصحة المصرية كانت أعلنت نتائج المسح القومي للصحة النفسية الذي أنجزته عام 2018، وتوصل إلى أن واحدا من كل 4 أشخاص لديه عرض أو اضطراب نفسي، أي إن 25% من المصريين يعانون أعراضا واضطرابات نفسية، حسب تقرير نشره موقع اليوم السابع المصري، وأن اضطرابات المزاج "الاكتئاب تحديدا" هي الأكثر انتشارا بين المصريين بنسبة تقارب 44% تليها اضطرابات تعاطي المخدرات بنسبة تخطّت 30%.

مصر.. الأولى عربيا في عدد حالات الانتحار

كما كشف تقرير منظمة الصحة العالمية، وفقا لما نقل موقع فرانس 24 (france24)، عن انتشار حالات الانتحار على نحو واسع في العالم العربي، ويرجع علماء النفس والاجتماع 90% من حالات الانتحار إلى أحد أهم الأمراض النفسية وهو الاكتئاب.

وتفوقت مصر عام 2016 -حسب التقرير الذي نقله فرانس 24- في حالات الانتحار على الدول التي تشهد نزاعات وحروب مسلحة بتسجيل 3799 حالة انتحار، يليها السودان بـ3205 ثم اليمن بـ2335، في حين حلت الجزائر رابعا بتسجيل 1299 حالة انتحار، وخامس الدول العربية العراق بـ1128.

سوريا واليمن وأثر الحرب

وفي دول اندلعت فيها الحروب مثل سوريا واليمن تأخذ الأرقام منحنى مخيفا؛ فقد كشفت تقارير حقوقية أن نحو 3 أرباع اللاجئين السوريين يعانون أعراضا نفسية خطرة، حسب ما نشرت صحيفة "الغارديان" (Guardian) البريطانية.

كما قدرت مؤسسة التنمية والإرشاد الأسري باليمن عدد اليمنيين الذين يعانون اضطرابات نفسية بنحو 5.5 ملايين، 80% منهم من فئة الشباب الذين تزيد أعمارهم على 16 وحتى 30 عاما.

التقلبات السياسية والاقتصادية

لم يُدهش استشاري الطب النفسي عادل عطوة من تزايد أرقام الباحثين عن معلومات تخص الناحية النفسية؛ مؤكدا أن ما تمر به مصر الآن ومعظم بلدان العالم العربي من أحداث فارقة كالحروب والقمع والتقلبات الاقتصادية قد داس في طريقه طبقات كثيرة من المجتمع.

وأشار عطوة، في حواره مع الجزيرة نت، إلى أن مصر شهدت من التقلبات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في السنوات الأخيرة ما لم تشهده أجيال كاملة، تقلبات جعلت أحد الفصائل -مثلا- ينتقل من سجن قياداته إلى قمة الحكم ثم يعودون إلى السجون مرة أخرى، وكل ذلك في أقل من 3 أعوام.

فهل تتخيل ما حدث لأعضاء ومؤيدي هذا الفصيل؟! تساءل عطوة مشيرا إلى أنه يستحيل أن ينجو كثير من هؤلاء من الإصابة بالاكتئاب أو أمراض نفسية أخرى، والشيء نفسه مع من كان يعيش معيشة ميسرة أو مستور الحال فإذا بالتضخم الفاحش يبتلع كل هذا قاذفا بهم إلى أوضاع يعانون منها أيما معاناة، على حد وصفه.

تصاعد الضغوط النفسية جراء الخوف والقلق وعدم المساواة ونقص الأمن وفقدان الأمان الشخصي والمجتمعي (شترستوك)

شخصيات مرتابة

في حين رأت المعالجة المعرفية والسلوكية للاكتئاب والوسواس القهري الدكتورة رسمية علي فهمي أن تصاعد الضغوط النفسية جاء نتيجة انتشار مشاعر الخوف والقلق وعدم المساواة ونقص الأمن وفقدان الأمان الشخصي والمجتمعي وغياب القدوة.

وأوضحت في حوار سابق -للجزيرة نت- أن الجسم يلجأ نتيجة هذه الضغوط إلى حيل دفاعية ليتغلب عليها كالاكتئاب والانعزال، والقلق وما يتبعه من وسواس قهري، وأن الظروف المحيطة أفرزت كذلك ما أسمته "شخصيات تجنبية" تعاني خوفا مفرطا، وشخصيات مرتابة تسيء الظن وتسبب آلاما في محيطها.

حسب وزارة الصحة المصرية أظهرت نتائج المسح القومي للصحة النفسية الذي أنجزته عام 2018 أن 25% من المصريين يعانون اضطرابات نفسية (شترستوك)

وصمة المرض النفسي

اختصاصي الطب النفسي وعلاج الإدمان الدكتور سمير عبد الوهاب تطرق إلى نقطة مهمة تتمثل في تغير نظرة المواطن المصري والعربي بوجه عام تجاه عدّ المرض النفسي وصمة ينبغي أن يخفيها عمن حوله.

وأكد عبد الوهاب -للجزيرة نت- أنه لمس اختلاف الأمر عما كان عليه قبل سنوات إذ كان يسمع مرضاه أحيانا يتحدثون حتى إلى زوجاتهم وهم بعيادته أو المستشفى الذي يعمل به، دون أن يكشفوا عن أماكن وجودهم وربما يكذبون ويقولون إنهم في "مهمة شغل" أو مع صديق.

وأرجع عبد الوهاب هذا الفضل إلى مواقع التواصل الاجتماعي إذ رأى أنها كانت بمنزلة المنصة التي أفردت مساحات شاسعة للتحدث بحرية ودون خوف، وشجع روادها على البوح في ظل حالة التقدير التي تظهر على المجموعات "الغروبات" المختصة بهذا الشأن.

التباعد الاجتماعي للوقاية الصحية من فيروس كورنا ساهم في ازدياد الاضطرابات النفسية بسبب الوحدة والعزلة (شترستوك)

كورونا ومواقع التواصل

وأوضح الدكتور سمير عبد الوهاب أن حالات التباعد الاجتماعي التي فرضتها إجراءات الوقاية الصحية من فيروس كورنا ساهمت في ازدياد الاضطرابات النفسية في ظل الانعزال وربما الوحدة، لكن وجود مواقع التواصل الاجتماعي خفف كثيرا من وقع العزلة المفروضة.

وعلى جانب آخر ظهرت اختلافات واضحة في ردود المواطنين المصريين الذين استطلعت الجزيرة نت آراءهم بشأن الظاهرة، بين من يرى أن تلك النسبة ربما تكون أقل من الحقيقة، ورأى آخرون أن تلك الإحصائيات غير دقيقة وربما تحمل حربا نفسية ضد المصريين والعرب بوجه عام.

فيرى أنصار الرأي الأول أن ما مرت به مصر منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011 حتى الآن كفيل بإصابة 3 أرباع الشعب المصري على الأقل بالأمراض النفسية وربما الجنون إلى درجة أن قال بلال زياد -وهو طالب بجامعة عين شمس- إنه على يقين أنه مجنون وإلا ما استوعب ما يحدث حوله من أسعار تتغير كل يوم تقريبا، ومنازل تهدم ويصبح ساكنوها في لحظة بلا مأوى.