شمس نيوز - علاء الهجين
قهرت المولاتُ ومراكز التسوق الكبيرة "بسطات الغلابة" في قطاع غزة، إذ باتت تسيطر على الحصّة الكبيرة من البيع خلال المواسم الكبرى مثل شهر رمضان والأعياد، وهو ما يسحق آلاف "البسطات" ومحال البقالة، التي لم يتبقَ لها شيء أمام "حيتان المال".
المولات الكبيرة لم تترك أي شيءٍ للغلابة، فنافستهم في الفواكه، واللحوم، ومواد التنظيف، بل حتى وفي "القطايف" أيضاً، إذ لم تترك تلك المولات شاردة أو واردة إلا ونافست الغلابة فيها.
وتضارب المولات الكبيرة أصحاب تلك البسطات ومحال البقالة، إذ تبيع بأسعار منافسة للغاية، ما يدفع كثير من الناس للتوجه إلى المولات، وهو ما أصاب أصحاب البسطات بخسائر مالية فادحة، واجبرهم على تسريحِ كثير من العمال.
واعتادت الجمعيّات الخيريّة في كثير من المواسم التوّجه إلى أصحاب البقالات لشراء مواد تموينيّة منها للمحتاجين، أما اليوم، فإنّ كثيراً من الجمعيّات الخيريَّة تتوجه إلى المراكز التجاريّة الكبيرة -المولات، ومعها المناقصات التجاريّة الكبيرة التي تتيح المضاربة الحادة في الأسعار.
الشاب الثلاثيني أحمد عمر من حي تل الهوى غرب مدينة غزة صاحب محل تجاري صغير لبيع المستلزمات المنزلية أبدى حالة من الانزعاج، جراء انتشار ظاهرة المولات الكبيرة في قطاع غزة، معتبرًا "أنها أثرت سلبًا بشكل كبير على عمل متجره".
يقول الشاب أحمد "إنه يعمل في محله التجاري منذ أكثر من 10 سنوات، وكان متجره يدر عليه ربحًا يكفيه لإعالة أفراد أسرته، ولكان بعد افتتاح عدد كبير من المولات في منقطة واحدة، بدأ المواطنين يتوجهون إليها لشراء جميع مستلزماتهم منها، وخاصة عند تقديم عروض على الأسعار".
وأضاف: "العروض التي تقدمها المولات التجارية للمواطنين، تعد أقل من سعر التكلفة، لا نستطيع البيع بتلك الأسعار، فهي منخفضة جدًا، وتكبدنا خسائر كبيرة".
صاحب السوبرماركت رامي إبراهيم، يؤكد أنه تضرر بشكلٍ كبيرٍ، بسبب زيادة عدد المولات التجارية في قطاع غزة، وتوجه معظم المواطنين لشراء احتياجاتهم منها، بسبب العروض الخاصة التي تقدمها وهي تعد أقل من سعر الجملة.
ويقول رامي: "بات المواطن يتوجه للمول لشراء جميع مستلزمات منزله، بسعر منخفض لا نستطيع نحن أصحاب المتاجر الصغيرة والمتوسطة منافستها كوننا نجلب بضائع بكميات ليست كبيرة، وهو ما يفرق في السعر"، مشدد على أن تلك الظاهرة تعرض استمرارهم للخطر، وقد تجبرهم على اغلاق متاجرهم والجلوس في البيت. وفق قوله.
نظرة اقتصادية
المختص في الشأن الاقتصادي د. أسامة نوفل، يؤكد أن انتشار المولات التجارية في القطاع بشكل لافت، يُساعد على تدمير المحال التجارية الجزئية، ويضعف مكانتها في الأسواق والأحياء، وقد يؤدي بها المطاف إلى الاغلاق وتسريح العمال.
وقال نوفل لـ "شمس نيوز" :"إن عمل البقالات والمتاجر الصغيرة بدأ بالتراجع في ظل العديد الكبير من المولات التجارية، مما ينذر بانهيارها كاملة، وهو يُعد مؤشرًا سلبيًا وخطيرًا على السوق الفلسطيني برمته".
وأوضح نوفل أنَّ انتشار المولات بذلك الشكل يلفت الأنظار، في ظل التكاليف التأسيسية العالية لهذه المشاريع، وهو ما يقابله قدرة شرائية محدودة عند المواطنين الذين يعانون أوضاعًا اقتصادية مأساوية جراء الحصار الإسرائيلي وجائحة كورونا.
وأشار إلى أنه التوجه لافتتاح المولات له أثارًا ايجابيًا وسلبيًا على المواطنين، فتكمن إيجابيات على إمكانية شراء جميع المستلزمات من مكان واحد، أما الجانب السلبي، فهو يضعف الاستثمار في القطاعات الإنتاج الأساسية، الصناعية والتجارية والزراعية، والقطاعات الاقتصادية الأخرى.
