غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

هل يجوز شتم الدول سياسيا؟

محمد مشتهى.jpg
بقلم/ د. محمد مشتهى

في السياسة عادة الدول تسير مع الأقوى، الأوروبيون مثلاً في السياسة الدولية يدورون وفي النهاية يعودون الى حضن الأمريكان، كذلك في منطقتنا العربية يدورون وفي النهاية يقعون في حضن الأمريكي، حتى في الاتفاق النووي الإيراني دار الأوروبي ثم دار وفي النهاية عاد للأمريكي، الاوروبيون في النهاية لن ينحازوا لنا أو لحقوقنا على حساب مصالحهم، قد يصرخون ويُطلقون الشعارات الهوائية لكن في النهاية سيعودون للحضن الأقوى، لأن تصنيفهم بالاقتصاد مع الأمريكان، لذلك هم لن يبيعوا الأمريكي ليشتروا الحق الفلسطيني، بل سيبيعون الفلسطيني وحقه وعشرة أمثاله ودون تردد، وإذا الأوروبي (شعبيا) وقف ضد الاستيطان ومنتجاته في النهاية كلها تبقى شعارات للاستهلاك القانوني وللاستهلاك المحلي، وإن شتم الاوروبيين سياسيا لا ينفع وغير ذي جدوى، والناس عادة تستبصر بالوعي وليس بالشتم.

الدول الأوروبية تضع نصب أعينها حسابات القوة وتقف بجانب الأقوى، وهي لا تقف بجانب الجسم المريض المنتهي على حساب الجسم القوي، الاوروبيون يشفقون على المذبوحين لكنهم يحترمون المحاربين، أما الدول المنتهية التي تتزلف لأمريكا وتركع تحت أقدامها، هم لا يعيرون لها بالاً، واذا كانت تلك الدول الراكعة لا تسأل عن حالها، فهل مطلوب من الأوروبي أن يسأل عنها؟ إذن القصة ليس لها علاقة بوصف الاوروبيون بالنفاق، ثم إن النفاق يأتي عندما يحدث في مرحلة التمكين، مثلما حدث في المدينة عندما كانت الغلبة للمسلمين، وهل الاوروبيون يريدون ان ينافقوا "اسرائيل" بسبب خوفهم من الفلسطيني "مثلا"؟! "اسرائيل" هي القوة الباطشة في المنطقة حتى الآن، وهي من تسعى الدول العربية لاسترضائها، فالسعودية تسترضي "اسرائيل" وأمريكا !!! فهل حرام على الأوروبي أن يسترضيهما !!

من ناحية أخرى، هناك عقدة ومشكلة لدى الكثيرين، وهي عندما يبتسم الاوروبي لفلسطين يظل بعض الفلسطينيين يغني عليها ستة أشهر، وإذا أطلق الاوروبي تصريح يغني البعض على أطلاله عامين، بينما يكون الأوروبي الذي أطلق التصريح هو نفسه قد نسي ما صرّح به، نحن للاسف نعزي أنفسنا، نحن بحاجة للكثير كي ننهض، نحن بحاجة للكثير كي تحترمنا الدول، لأن تلك الدول لا تحترم إلا المقاتل والمحارب والقوي والواقف على قدميه، أما المتهالك لا يسأل عنه أحد، وفي النهاية الأوروبي يُشفق على القطط والكلاب، ولا مانع لديه أن يشفق على المتهالكين الراكعين من العرب والمسلمين.

الشفقة لا يتم صرفها بالسياسة، الموقف هو فقط مَن يُصرف بالسياسة. فهل يُنتظر من الاوروبيين والأمريكان أن يحققوا الأهداف الوطنية الفلسطينية؟! أم يُنتظر منهم أن يحرروا فلسطين؟! السياسة وعودة الأوطان ليست بكائيات على الأطلال أو مرثيات، القدس بحاجة الى جهد واخلاص عالي ورجال بصفة الأنقياء الأصفياء، أما إصدار بيانات الشجب والاستنكار كما الآخرين فهذا غير كافي.

في النهاية الفلسطيني كبير فقط بقوته ونضاله وسلاحه ودفاعه عن حقوقه، حتى الحق لا ينتصر لوحده وهو بحاجة الى قوة تسنده.

في الضفة الفلسطينية مطلوب البدء الحقيقي والجاد بالمقاومة الشعبية كي تصبح عبارة عن مقدمة للعمل العسكري أو المقاومة المسلّحة، فلا مناص من ذلك ويجب أن يتحمل الكل الفلسطيني مسؤولياته الوطنية والدينية والأخلاقية، هذا هو التاريخ الفلسطيني، مطلوب الاعلان عن العصيان المدني بالضفة والذي هو درة سلاح المقاومة السلمية وهو يُعتبر من أفضل المقاومات السلمية، بأن ينزل الناس إلى الشوارع بمئات الآلاف وألًّا يذهبوا إلى أعمالهم أو إلى مدارسهم أو جامعاتهم، فعندما يحدث العصيان المدني في الضفة وينزل الناس إلى الشوارع، كيف سيتحرك المستوطنون؟ أين ستذهب عشرات حواجز الإذلال الصهيونية؟ الجيش الصهيوني أين سيذهب؟ رُب قائل بأن العصيان المدني سيستهدف السلطة الفلسطينية، وهذا ليس صحيحا، فالضفة الفلسطينية تُعتبر محتلة وكل يوم يُعلن عن ضم المزيد منها لصالح الاحتلال هذا الأسبوع، والسلطة ليس لها سيطرة عليها في وجود الاحتلال، الناس ستنزل على الشوارع بهدف اعاقة الاحتلال والمستوطنين، فلو صار عصياناً مدنياً حقيقياً والناس نزلت إلى الشوارع وبقيت فيها، أين سيذهب المستوطنون؟ 600 حاجز صهيوني ويزيد، أين ستذهب؟

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".