بقلم/ د. محمد مشتهى
الشجاعة في اتخاذ الموقف مطلوبة بغض النظر عن القوة العسكرية للعدو، فالشخص الذي يذهب إلى حبل المشنقة دون التراجع عن مبادئه أو التنازل عن موقفه، فإن ذهابه للموت يعتبر موقف سياسي يرفض التراجع عنه، بينما ممكن شخص آخر معه سلاح ودبابات وطائرات لكن ليس لديه إرادة القتال فيذهب للاستسلام، فحسابات الخوف وعدم الخوف في السياسة هي حسابات ضعيفة لها علاقة بالفوبيا السياسية وهي لا تليق بحركات التحرر ولا بالشعوب المُناضِلة المُقاوِمة.
هناك مَنْ لو أعطوه طائرة F 35 وهو جبان مهزوم في داخله سوف لن يخرج منه أي شيء، وهناك من لا يمتلك شيء لكن لديه قناعات وحق يدافع عنه ممكن يذهب من أجلها للمعركة بشجاعة وإقدام ثم لن يتخلّى عن حقه.
لذلك من الضروري ألا يكون لدى التنظيمات والشعوب المقاومة فوبيا العدو، وعدم اعتبار أن العدو قادر على كل شيء ويفعل كل شيء متى شاء وأينما شاء، ومن المهم العلم بأن كل عدو على مر التاريخ يمكنه أن يحتفظ بمرحلة عمرية محددة من إرهاب الخصم، لكنه لا يمكن أن يحتفظ بتلك المرحلة الى ما لا نهاية، والعدو الصهيوني ليس استثناء من التاريخ وهو ليس أول احتلال عرفته البشرية ولن يكون كذلك آخر احتلال، فالمُقاوِم الفلسطيني في الضفة وفي غزة وفي كل مكان هو مقاوِم عنيد وشديد وهو قادر على قلب الموازين، والجُبن هو أن يتم إحاطة كل قول أو فعل يقوم به العدو بهالة من القداسة واعتباره من المسلَّمات والأقدار المحتومة، وصحيحٌ أنه في بعض المحطات مطلوب من المُقاوم أن يكون مرن، لكن في المقابل مطلوب منه في كثير من المواقف أن يكون صلب وشديد، وما يحدث في حي الشيخ جراح بحاجة الى شدة وصلابة المناضلين من أجل شعبهم المظلوم.
إن ديمومة الاشتباك مع العدو مطلوبة، سواء كان الاشتباك سياسي او بالحجارة او بالدهس او بالعمليات العسكرية او بالصواريخ أو بالعصي أو بالرصاص او حتى بالكنادر كما يحدث في باحات المسجد الأقصى عند اقتحام قطعان المستوطنين له، المهم أن يُحافظ المقاوم على استمرارية الاشتباك مع العدو، وفي النهاية تراب الأرض والقدس تستحق منا الدفاع عنها بل والاستشهاد دونها.