قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في تقرير لمراسلتها بالقاهرة، هبة صالح، ومراسلها في دبي، سايمون كير، إن قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة هز عمليات "التقارب" العربية.
وقال الكاتبان في تقريرهما، إن ثلث الدول العربية تقريبا تقيم علاقات مع الاحتلال، ولكن القصف أظهر أن العلاقات هذه ليست مهمة في حل النزاع وأنها لم تعط الدول العربية ورقة ضغط.
فعندما صدمت الإمارات العالم العربي وطبعت علاقاتها مع الاحتلال، قالت إن التحرك جاء من أجل المساعدة في حل "النزاع العربي-الإسرائيلي".
وبعد تسعة أشهر وجدت الدولة الخليجية الثرية نفسها في وضع صعب تراقب حليفتها الجديدة وهي تقصف قطاع غزة الفقير.
وتعلق الصحيفة بالقول، إن سفك الدماء في هذا الأسبوع فضح غياب أي نفوذ للدول العربية التي وقعت اتفاقيات مع الاحتلال وبخاصة العام الماضي ضمن ما عرفت بـ "اتفاقيات إبراهيم".
وقالت سينزيا بيانكو الزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "من الواضح أنهم (الإماراتيين) في وضع صعب، فمن ناحية علاقات الإمارات مع إسرائيل طويلة واستراتيجية ويجب ألا تتزحزح.. وفي الوقت نفسه، زعمت الإمارات أن اتفاقيات إبراهيم ستعطيها النفوذ لدعم الفلسطينيين والحد من العدوان الإسرائيلي ضدهم".
وحتى هذا الوقت رفض الاحتلال، بحسب الصحيفة، محاولات دولية لوقف الغارات والقصف، لكن بيانكو تعتقد أن أبو ظبي يمكنها استخدام نفوذها ودفع الاحتلال للحد من عملياته الانتقامية.
إلا أن هذا التدخل قد يؤثر على التقدم في "المشاريع الاستراتيجية المهمة للإمارات"، في سياق علاقتها مع الاحتلال.
ووفق الصحيفة، يرى نقاد دول التطبيع العربية أنها تخلت عن أداة مقايضة بمقابل زهيد، وحذروا من أن التحرك "ستستغله الجماعات الفلسطينية المتشددة".
ورغم المشهد الدموي في غزة وإصرار الاحتلال على انتهاك حرمة المسجد الأقصى، فقد ظهرت أصوات إماراتية داعمة لـ "إسرائيل"، ولم تواجه ببطش من السلطات كما فعلت بحق المعترضين على التطبيع.
وقال عبد الخالق عبد الله المحلل السياسي المقيم في دبي: "التطبيع لا رجعة عنه ولكن من الصعب الدفاع عنه أو حتى الحديث عنه في هذه الظروف".
وكان من المتوقع أن تتبع السعودية خطى الإمارات، وهي مثل جارتها الخليجية تتعاون سرا مع الاحتلال في الشؤون الاستخباراتية ضد إيران، وفق الصحيفة؛ لكن الهجوم الأخير على غزة وأحداث الأقصى جعل من هذا أمرا بعيدا، بحسب تقديرها.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الأحد إن المملكة "ترفض بشكل قاطع انتهاكات "إسرائيل" ضد الفلسطينيين" ودعا لوقف فوري لإطلاق النار. وفي المغرب التي وافقت على التطبيع مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادتها على المغرب قالت وزارة الخارجية إنها تراقب الوضع "باهتمام عميق".
وفي عام 2014 أثناء الهجوم على غزة خرج الآلاف من المغاربة بمن فيهم وزراء بتظاهرة في الرباط احتجاجا على القصف الإسرائيلي، وهذه المرة فرقت الشرطة تظاهرة صغيرة من مؤيدي فلسطين.
وقرر المجلس التجاري المغربي-الإسرائيلي الذي شكل حديثا إلغاء لقاء افتراضي مؤخرا.
ويرى أتش إي هيللير، الزميل البارز في وقفية "كارنيغي" للسلام العالمي، إن المشاعر المؤيدة لفلسطين لا تزال قوية في العالم العربي و"غياب الاحتجاج ليس دليلا على غياب الرغبة به بل غياب الإذن للاحتجاج".
ويقول هيللير إن القيود على حرية التعبير يجعل من الصعب قياس حجم الغضب، لكن المشاركات على منصات التواصل الاجتماعي والتغطيات التلفزيونية تكشف أن المسألة الفلسطينية لا تزال قريبة من قلوب العرب.
وقال: "نصف الرسائل التي تلقيتها يوم الخميس للتهنئة بنهاية رمضان وضعت صور قبة الصخرة في القدس".