كثيرة هي الرسائل التي بعث بها أمين المقاومة الحاج زياد النخالة خلال إطلالته في مهرجان "سيف القدس.. اقترب الوعد" عبر ساحة السرايا وسط مدينة غزة، تلك الساحة التي شهدت ميلاد فجر حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، من بين قضبان السجن الخرب والذي بات أثراً بعد عين..!
رسائل يأخذنا بها الأمين المؤتمن إلى حيث البدايات الأولى.. بدايات الطهر والنقاء.. بدايات النبع الصافي المتدفق من بين ثنايا الوعي المتسربل بآيات الإسراء، والمتلفح بعذابات كربلاء وصرخات حراء..
أول هذه الرسائل، والتي تنُم عن خُلق المجاهدين المؤيَدين بنصر الله، حجم التواضع الذي تبدّى في قوله: "بداية، أنحني بكل ما أملك من قوة ويقين، إجلالاً وإكبارًا لشهداء شعبنا من المجاهدين والمواطنين العزل الذين كان لهم الفضل الأكبر في جمعنا هذا." فالتواضع صفة سامية من صفات المؤمنين المجاهدين، الذين ارتقوا بعلاقتهم مع الله بعد أن أعلو قيم الروح على قيم الطين، فما أحوجنا إلى تفشي هذا الخلق وسريانه في أوساط مجاهدينا الذين قال الله فيهم: "أذلة على المؤمنين، أعزّة على الكافرين".!
أما ثاني هذه الرسائل، فهي رد الفضل في انتصار "سيف القدس" إلى أهله من بعد الله ثم المجاهدين في الميدان، ألا وهم "حواضن المقاومة" وحُماتها، الذين صبروا على البلاء، وما ضعفوا وما استكانوا، ازدادوا إيماناً مع إيمانهم، وثباتاً مع ثباتهم، وهم يرون صنيع فلذات أكبادهم الذين أذهلوا العالم بأسره، بعد أن أخذوا بأسباب العزة والمنعة "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل..".
وتتوالى الرسائل، رسائل الانتصار.. رسائل الوعي والإيمان والثورة.. بالتأكيد على الالتزام بمقاومة الكيان الغاصب، وعدم التوقف عن قتاله حتى يرحل عن كل ذرة تراب من تراب أرضنا فلسطين.
ومن بين تلك الرسائل المهمة والتي ما فتأت حركة الجهاد منذ انطلاقتها المباركة على التأكيد عليها والتنظير لها في كل المناسبات باعتبارها سبيل الخلاص مما نحن فيه من بؤس وقهر واضطهاد وضياع للحقوق، ألا وهي وحدة شعبنا وأمتنا وديمومة وتماسك مقاومتنا ببعديها القومي والإسلامي، "وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون".
فهذه الأمة لن ينصلح حالها إلا بما صلح به حال أسلافها، ولن يكون لها موطئ قدم بين الأمم، إلا بالعودة الحقيقية إلى منبع قوتها وسر وجودها، "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا...".
وعلى صلة بما سبق، "رسالة الوحدة والاعتصام"، لم ينسى أبو طارق الوفيّ، الإشارة إلى رابط الأخوة الممتد من فلسطين إلى طهران، مروراً بعواصم المحور المقاتل وفي القلب منه صنعاء البطولة والشهامة والوفاء، الذين "يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" رغم ما يكابدون من جوع وألم بفعل عدوان ذوي القربى!، ليعلموا الدنيا بأسرها كيف تكون الأخوّة الحقيقية! أخوّة رباطها الدين والإنسانية ومعاداة قوى الشر على اختلاف مسمياتهم!
ومما أكد عليه أمين المقاومة، أن منطقتنا والعالم سيظلان على فوهة بركان لا يهدأ، ما بقي هذا الكيان الغاصب جاثماً على أرض الإسراء والمعراج، أوَهل سمعتم يوماً أن جسداً مسكوناً بالسرطان ذاق طعم الراحة؟!.
وفي هذا رسالة إلى من حاولوا خداع شعبنا، وتخدير شعوب المنطقة وتشويه وعيها بقولهم زوراً إنه من الممكن التعايش مع هذا الكيان واقتسام الأرض والسماء والهواء معه! فهذا الكيان (الغدة السرطانية) لن يستريح جسد المنطقة بل والعالم بأسره إلا باجتثاثه، لتعود للإنسانية بهجتها وللحياة طبيعتها!
وللقدس في قلب عاشقها مكانة، ولذلك فهي "ستبقى محط رحالنا ومهوى قلوبنا، طال الزمان أم قصر" فمعركتها "أنهت مرحلة سقطت فيها أوهام السلام الزائف، وبدأت مرحلة جديدة من جهادنا ونضالنا".
فالقدس.. معراج المجاهدين إلى السماء، وجوهر الصراع، وصاعق التفجير الذي لن يهدأ، ما دام يسكنها الأغراب وشذاذ الآفاق!.
ومن الرسائل المهمة التي بعث بها "أبو طارق" للقريب والبعيد.. أن الرماة ما زالوا على الجبل، لم يبرحوا أماكنهم، متلفحين غبار المعركة، بأياديهم سيف القدس، وعيونهم ترنو إلى حيث مسقط آبائنا وأجدادنا في يافا وحيفا واللد والرملة والمجدل وبيسان... فـ"جولة القتال مع الاحتلال لم تنتهي" كما قال المقاتل العنيد في محور المقاومة التليد..
أمّا مسك الختام في رسائل الأمين المقاتل، المكتوبة بنار البراق، ولهيب البدر، ودقّة الكورنيت.. فسأذكرها كما جاءت على لسانه الصادق الصدوق، فهي أبلغ من أن أفسرها لتستبين:
أقول لقادة العدو: إن أي عملية اغتيال، تستهدف مقاتلينا أو قادتنا، في أي مكان، وفي أي زمان، سنرد عليها في نفس الوقـت، بقصف تل أبيب قـولاً واحدًا، "رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ".