قال مسؤول أمني إسرائيلي إن حسابات الحروب الحديثة لا تتعلق بـ"القضاء على المسلحين" أو "تدمير الأنفاق"، مؤكدا صعوبة موقف الاحتلال على صعيد "الوعي".
وأوضح "روني آلشيخ"، مفوض عام شرطة الاحتلال، والنائب السابق لرئيس جهاز الأمن العام- الشاباك، في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنه "بعد انتهاء القتال في عملية حارس الأسوار (سيف القدس) سئلت مرتين عمن انتصر في المعركة، لكني قبل الإجابة عن السؤال تذكرت أن حماس خلقت تقاربا بين القدس وغزة، وطالما أن هذا التقارب ثابت في العقل، فإسرائيل في مشكلة صعبة".
واعتبر الشيخ أن "المعركة لم تنته بعد، لأنه لم يتم التقاط صورة الانتصار في ختامها، وإجراء مقارنة بين الحرب الأخيرة مع حرب 2014، لا تنتهي بإحصاء الصواريخ التي أطلقت على الجبهة الداخلية، وبالتأكيد ليس بعدد القتلى من المسلحين، أو بطول أميال الأنفاق التي دمرت، هذه مهمة ومؤثرة عمليا، لكن بعضها في السياق العقلي محدود للغاية".
وأضاف: "لذلك، فإنه إذا لم يتم إعادة أسرى تلك الحرب (2014) فإن أي صورة انتصار إسرائيلية ستمحى تماما".
وأشار الشيخ إلى أنه "في عصر شبكات التواصل، يبدو من الصواب خوض النضال من أجل صورة النصر، لكن اقتراحي هو البدء في التفكير بلغة جديدة تناسب استراتيجية أعدائنا، الذين تحولوا دون سبب إلى مسار مختلف تماما".
أوفير ديان، الكاتبة الإسرائيلية، أشارت بدورها إلى أن "وزارة الخارجية وأذرع المعلومات الرسمية لم تفهم في أي ساحات القتال دارت فيها معركة حارس الأسوار في غزة"، موضحة أنها جرت أمام "رجل حرب عصابات ومقاتل إلكتروني، لأنه خلال السنوات السبع التي شاركت فيها في العلاقات العامة منذ حرب غزة الأخيرة 2014، أثبتت إسرائيل أنها فاشلة في سياستها الدعائية".
وأضافت في مقالها بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن "الفشل بدأ في تكرار الناطق باسم الجيش لعبارة مترو حماس، ورغم أن المقصود إسرائيلياً هو منظومة الأنفاق تحت الأرض، لكن القراء في لندن أو نيويورك الذين قرأوا أن إسرائيل دمرت مترو غزة، ظهرت أمامهم صورة مختلفة تماما، وتتمثل بتدمير البنية التحتية المدنية في جميع الحالات".
وأكدت ديان أن "العالم ليس لديه معلومات كافية لتبرير السياسات الإسرائيلية في غزة، رغم أن لدينا العديد من المشاهير الإسرائيليين الذين يمثلون رصيدا كبيرا للدولة، ويمكن استخدامهم في مثل هذه الأوضاع الحربية، لكن من المستحيل وضع هذه المسؤولية الجسيمة على مبادرات خاصة".
وأوضحت أن "أهم إخفاق دعائي وقعت فيه إسرائيل أنها وضعت نفسها في موقف دفاعي، كما أن علاقاتها الخارجية، وكذلك الرأي العام، لم يتم الحفاظ عليهما بشكل منتظم من قبل البعثات الإسرائيلية في مختلف البلدان، رغم أن ذلك يبدو صعبا في ظل هذا الوقت الحساس في ظل تقليص موازنات وزارة الخارجية، وإضراب موظفيها".
وأضافت أن "السلاح الرسمي اليوم لم يعد ما تشهده ساحات القتال فقط، لأن المحارب اليوم هو رجال العصابات والمحارب السيبراني، وبالتالي فإن وزارة الخارجية الإسرائيلية لم تعد تحارب الفرسان بالسيوف، بل تدور المعارك على Instagram و Tiktok، مما يتعين على إسرائيل أن تتفاعل وفقا لذلك".
وتابعت: "في جميع الأماكن التي يتم فيها اتخاذ القرارات والمعلومات الإسرائيلية، يجب أن يكون الأطفال حاضرين، نعم الأطفال، وهم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 9-20 عاما، ممن يستطيعون أن يوصوا صانعي القرار من ذوي الخبرة والدبلوماسيين بمسارات العمل الممكنة في العالم الافتراضي، هذا ليس عيبا، بل ضرورة حربية".
واعتبرت أن "الدرس الأهم من حرب غزة يتعلق بمن ينقل الرسائل الدعائية، خاصة المشاهير والمؤثرين على الشبكة، وأصوات الشباب الإسرائيليين، ممن لديهم أفضل مكانة لتشكيل الرأي العام في الخارج، وستتصرف إسرائيل بحكمة إذا زودتهم بالمعرفة التي تمكنهم من المعالجة والتقديم بطريقة تناسب الجمهور الذي يتحدثون إليه على أفضل وجه، وإلا سنعود قريبا في جولة عسكرية مع حماس لنقدم ذات التوصيات دون استفادة".