اختتمت مؤسسة فلسطينيات، التدخل الطارئ الأول في إطار الدعم النفسي الذي تقدمه للصحفيات في قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استمر لأحد عشر يوماً، ثلاث رحلات ترفيهية شاركت فيها ما يقارب المائة والخمسون صحفية وإعلامية من المتضررات من الاستهداف الإسرائيلي المباشر لأماكن عملهن، بيوتهن واهاليهن.
تأتي الأنشطة الترفيهية الثلاث في إطار برنامج الدعم النفسي الذي تقدمه فلسطينيات للصحفيات، بعد أكثر من عام من وباء كورونا، وعدوان إسرائيلي طال كل اهل القطاع بلا استثناء، وكل مناحي الحياة المحاصرة منذ ثلاثة عشرة عاماً.
التدخل الطارئ الأول هو تدخل "طبطبة" كما تقول وفاء عبدالرحمن- مديرة فلسطينيات، "يهدف لتجميع الصحفيات معاً، يتفقدن أنفسهن، ويتفقدن زملاتهن وصديقاتهن في مساحة مفتوحة وآمنة، الطبطبة مهمة للصحفيات قبل البدء في الكلام وفتح الجروح للتعاطي مع مساحات الفقد والألم والخوف الذي سنعمل عليه في المرحلة التالية"
الصحافية دعاء شاهين التي شاركت في اللقاء الأول، قالت إن العدوان ترك أثرًا نفسيًا سيئًا على الجميع، ولكن بالنسبة للصحافيين والصحافيات، قد يكون الأثر مضاعفا لاضطرارهم/ن لتغطية الاخبار أولاً بأول ومتباعتها، مما يرفع العبئ والضغط النفسي عليهم/ن. ويزاد الامر صعوبة لدى الصحفيات المنشغلات بالتغطية وفي ذات الوقت تأمين الحماية لأنفسهن ولعائلاتهن، وبعد توقّف العدوان ميدانيًا، تقول شاهين: "إن هذا يزيد حاجة الصحفيات للترفيه والدعم النفسي كأحد الوسائل للتخفيف نوعا ما من آثار الحرب النفسية والفعلية التي عاشتها الصحفيات"
وفي اللقاء الثاني، تداولت الصحافيات أبرز المواقف الصعبة التي عايشنها، في ظل اضطرارهن لمواصلة العمل بينما تفتك صواريخ الاحتلال بأجساد الناس، وتترك آثارها المدمرة في نفوس الصحافيات.
"أتينا اليوم لكي ننسق ليلاً، أو على الأقل نهرب مما عشناه، هل هربنا فعلاً؟" قالتها الصحافية أسماء الوادية، "لا شكّ أن هذا اليوم مهم بالنسبة لنا نحن العاملات في الإعلام ومهم أكثر للإعلاميات اللاتي تعرضن لصدمات شديدة نفسية".
تضيف أسماء: "ما فعله العدوان لم يكن هيناً"، فهي صحافية وأم أجبرت على ترك ابنتها في أحلك ظروف مرّت بها البلاد وخرجت للقيام بمهامها، كانت تعود في المساء لتعيش مأساة أخرى باستقبال الخوف وكأنه ضيف ثقيل على قلبها وقلب طفلتها البالغة من العمر ثلاث سنوات، خاصة وأن زوجها الذي يعمل صحافيًا أيضًا اضطر لتركها وطفلتها وحيدات ليواصل عمله.
في المجموعة الثالثة، شاركت أيضًا مجموعة من الصحافيات تجاربهن خلال التغطية، وتشاركن التعب ذاته في الشعور بعدم الأمان، وعدم قدرتهن على مواصلة العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
تقول الصحافية نيفين أبو شمالة: "كان للعدوان تأثير سلبي على حياة الجميع، ولكنا شعرنا بعدم الأمان في بيوتنا، الخوف والرعب انتشر في كل مكان، ونحن الصحافيات جزءًا من المشهد داخل بيوتنا وليس فقط في الميدان، فقد عشنا تجربة الخوف على الأهل والقلق من فقدان أيّ من الأحبة".
وتضيف :"في كل دقيقة كنا نشعر أن الموت يقترب، اضطررنا للنزوح من البيت للنجاة بأرواحنا"، لكن هذه التجربة تركت حالة من الاكتئاب والقلق المستمر في نفس نيفين، التي باتت تشعر بالرعب كلما سمعت صوت طرق باب أو ضجة، وهوما جعلها تستجيب سريعًا لرحلة تفريغ نفسي تتشارك فيها التجربة مع زميلاتها الصحافيات اللواتي عايشن تجاربًا مشابهة.
"بختام مرحلة التدخل الأولى للإعلاميات، سيتم عقد رحلة ترفيه للزملاء الصحافيين، فرغم تركيز فلسطينيات على الإعلاميات بشكل أساس، إلا أن الدعم النفسي يحتاجه كثير من الصحافيين الذين لا ينتمون لمؤسسات، أو أولئك الذين تعرضوا لصدمات شديدة "المرحلة الثانية وعبر تعاون مشترك مع برنامج غزة للصحة النفسية- جار الاتفاق على تفاصيله- ستقوم فلسطينيات بعقد جلسات علاج نفسي/رعاية جماعي يستهدف120 صحفية و40 صحفي، تليها جلسات علاج فردية مع أخصائيين/ات.