يبدو أن الأيام المُقبِلة حُبلى بكثير من الأحداث "الدراماتيكية" على إثر استمرار الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة، وهو ما يشكل العقبة الأولى والرئيسية في ملف إعمار غزة، الذي تحاول "إسرائيل" من خلاله الوصول إلى "مقايضة سياسية" لمحاولة استعادة جنودها الأسرى لدى المقاومة، وهو ما ترفضه الأخيرة جملة وتفصيلاً.
وأعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء أول أمس الاثنين أنها ستسمح اعتباراً من اليوم الأربعاء المقبل بإدخال البضائع كافة إلى قطاع غزة عن طريق معبر كرم أبو سالم، عدا مواد البناء اللازمة للبدء في إعادة الإعمار، وهو ما يعده مراقبون "مقايضة سمجمة" من "إسرائيل" التي تدرك تماماً أن غزة لن تتعافى بعد العدوان الأخير إلا مع إدخال تلك المواد.
ولم يَرْشَحْ أي شيء عملي عن الاتصالات التي تقودها مصر حالياً، لمنع وقوع تدهور ميداني جديد في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وذلك مع استمرار الأخيرة بتشديد إجراءات الحصار على غزة، منذ وقف إطلاق النار بعد عدوانها الأخير على غزة في الحادي عشر من مايو 2021، فهل تتدحرج الأمور إلى مواجهة عسكرية أخرى؟ أم أن ما يحدث هو مجرد استعراض وهمي من قبل "الحكومة الإسرائيلية"!
الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية رامي أبو زبيدة، يرى أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينت، تريد أن تبعث رسائل "للمجتمع الإسرائيلي"، بأن سياستها صارمة مع المقاومة، ولن تسمح بإعمار غزة إلا بإطلاق سراح الجنود الأسرى في غزة.
واستدرك زبيدة: "ولكن الواضح أن الأوضاع تغيرت لصالح المقاومة، حيث أن "الحكومة الإسرائيلية" استجابت مجبرة لبعض مطالب المقاومة وقامت بفتح المعابر وإدخال البضائع، وتوسيع مساحة الصيد.
وأضاف: "يبدو أن هناك ضغوطات على "الحكومة الإسرائيلية" من قبل المقاومة، لاسيما أن المفاوضات مستمرة عبر الوسطاء لمحاولة تنفيذ مزيد من مطالب المقاومة، وأهمها ادخال مواد الإعمار وأموال المنحة القطرية وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل العدوان الأخير على القطاع.
واستبعد أن تتدحرج الأوضاع إلى مواجهة عسكرية أخرى قائلا: "المقاومة والاحتلال غير معنيان بخوض مواجهة عسكرية، ولكن في المقابل قد تلجأ إلى الوسائل الخشنة كالإرباك الليلي وإطلاق البالونات الحارقة للضغط على الاحتلال لتنفيذ تفاهمات وقف إطلاق النار.
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، يرى أن استمرار منع "إسرائيل" إدخال المواد اللازمة لإعادة الإعمار سيؤدي إلى تصاعد التور بين المقاومة والاحتلال.
وأشار عوكل إلى أن "الحكومة الإسرائيلية" تريد الربط بين الإعمار وتبادل الأسرى، وهو ما ترفضه فصائل المقاومة جملة وتفصيلا.
وأضاف عوكل: "أن الاحتلال الإسرائيلي يهدف من خلال السماح بإدخال البضائع كافة إلى قطاع غزة باستثناء مواد الإعمار، لجر المقاومة إلى المقايضة السياسية، خاصة فيما يتعلق بملف تبادل الأسرى".
المصدر: APA