تحاول دولة الإحتلال الإسرائيلي وخلفها وسائل الإعلام الاسرائيلية اختزال عقد ونصف من الزمن عمر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، ومعاناة الناس وتدمير حياتهم وتساوي فرص الحياة والموت، بالمنحة القطرية أو المال القطري كما تسميه وسائل الإعلام الإسرائيلية ومساعادات إنسانية وتسهيلات وترتيبات أمنية والهدوء مقابل الغذاء.
منذ العام 2009 تعرضت غزة لاربعة دورات من العدوان الاسرائيلي الاجرامي وعشرات جولات التصعيد والتي لم تقل اجرامية عن سابقاتها ولاحقاتها.
على اثر العدوان الاخير على غزة في شهر آيار (مايو) الماضي توقع الناس تغيير في حياتهم وفكفكة الحصار فهي لم تعد قادرة على تحمل مزيد من الحروب والقتل والدمار والجرائم بحقهم، وهي لم تعد تقبل استمرار جريمة الحصار وشروط وابتزاز حكومة بينت لابيد وعنجهية وزير الامن الاسرائيلي بيني غانتس.
على إثر أحداث غزة مساء او أمس السبت والتجمع السلمي لإحياء ذكرى حريق المسجد الأقصى، واصابة جندي إسرائيلي بجراح خطيرة اغضبت دولة الاحتلال، واستنفرت وسائل الاعلام الإسرائيلية المستنفرة دائما للتحريض على القتل وارتكاب الجرائم لضرب غزة بقسوة، ولم تغضب لاصابة نحو 41 مواطن فلسطيني من بينهم اثنين بحالة حرجة اصيبوا بنيران القناصة الإسرائيليين.
منذ اعلان وقف إطلاق النار الاخير، وعلى الرغم من التصريحات الإسرائيلية بتحقيقها انجازات مهمة ضد المقاومة، مع ان وسائل الاعلام الاسرائيلية وقادة في الجيش قالوا انهم لم ينجزوا من اهدافهم سوى 10%. ومع ذلك ظل الحديث يدور عن جولة من التصعيد في قطاع غزة وأنه ليس سوى مسألة وقت، ويوميا تحرض وسائل الاعلام وتصدر تقاريرها حول ضرورة جولة تصعيد.
وكتب بعض المحليين الاسرائيليين أنه إذا دعت الحاجة إلى شن عدوان جديد على غزة، هي التوقيت الصحيح، وإنهاء ما لم ينفذه الجيش الإسرائيلي، وأن يشمل ذلك اجتياحا بريا. فما زال لدى حماس والجهاد الإسلامي قدرات متنوعة وكثيرة لإطلاق قذائف صاروخية، وطالما يشعرون أنهم أقوياء، سيواصلون إزعاجنا.
والادعاء أن سياسة الاحتواء وضبط النفس بعدم شن إسرائيل غارات على في قطاع غزة، هي سياسة لم تحقق أهداف إسرائيل، وأن التسهيلات وادخال المنحة القطرية هو مكأفأة لحماس على إثر إطلاق البالونات الحارقة وقذيفة صاروخية باتجاه مستوطنة سديروت، إضافة إلى أحداث السبت.
وأن ضبط النفس الإسرائيلي، سمح لحركة حماس بتهديد "جميع الضالعين" في تحويل المنحة المالية القطرية إلى غزة.
مارست دولة الإحتلال الابتزاز والضغط على غزة وفصائل المقاومة، وتقديم تسهيلات إنسانية محدودة، واتباع سياسة جديدة قديمة بالقضاء على مقومات الحياة وتدمير الاقتصاد وإعادة الأوضاع إلى ايام الحصار الأولى، وفتح المعابر جزئياً، وإدخال كميات محدودة من البضائع والسلع إلى قطاع غزة.
ومحاولة الاستثمار في استراتيجية الاحتواء بمساعدة بعض الاطراف في الإقليم للضغط على حماس، وإشراكها في عملية إعادة الإعمار وإصرار دولة الإحتلال على أن تكون عملية الإعمار بإشراف السلطة الفلسطينية.
ووضعت إسرائيل شروط جديدة قديمة من أجل إعادة الإعمار وربطه بموضوع الاسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، وأوضحت إسرائيل أن إعادة الإعمار وتطوير القطاع مرتبطان بالتقدم في قضية الأسرى وحلها. مع ان اسرائيل تدرك أنها لا تستطيع تقديم شيئ للمقاومة في هذه القضية، وان الاختلافات بين اسرائيل والمقاومة كبيرة.
غزة لا تريد ولا ترغب في التصعيد، وهي لم تعد قادرة على احتمال مزيد من الضجايا وارتكاب جرائم ضد الناس، غير أن دولة الاحتلال مصرة على قتل الناس، اذا لم تستطع بآلة القتل والجرائم، فهي تمارس سياسة فرض الحصار وهو يعتبر جريمة حرب واعتداء على كرامة الانسان، وغير قانوني وإذلال للفلسطينيين.
الحصار غير اخلاقي ولا انساني وغير قانوني، وهو عقاب جماعي بحق مليوينين من البشر، واختزال الحصار بالمنحة القطرية، هو إهانة لآدمية الفلسطينيين وتدمير حياتهم من خلال إغلاق المعابر ومنع حرية الحركة والتنقل والسفر، ومعاناة المرضى والطلاب، وتفاصيل مميتة تمس حياة الناس في كل تفاصيل حياته اليومية. إن الادعاء بتقديم التسهيلات أو تخفيف الحصار أو رفعه جزئياً هذا يعني استمرار الظلم والقتل اليومي.
لم تصل غزة الى حد المجاعة لكن الحصار فضى على طموح وامال واحلام الفلسطييين، وجميع مقومات الحياة، الاقتصاد والصناعة، والزراعة، والتنمية، التعليم، الصحة، وتمنع ادخال الادوية وتحرم المرضى من العلاج وتبتزهم، غزة تعيش كارثة انسانية مستدامة ودولة الاحتلال تختزل الحصار بالمنحة القطرية.