لحظات الفرح والابتهاج التي يمر بها الفلسطينيون بهروب الاسرى الستة من سجن جلبوع الاكثر تحصينا ومن شدة تحصينه، أطلقت عليه دولة الاحتلال الاسرائيلي اسم “كسيفت”، ومحاولتهم ونجاحهم في الفرار حدث تاريخي.
الهروب تعبير عن حقيقة الشعب الفلسطيني وروحه الوقّادة وعدم الخضوع والسعي المستمر للحرية، والارادة والامل حليفهم من اجل المستقبل وتحقيق احلامهم بالحرية والتحرر من الاحتلال العنصري الفاشي.
حالة الفرح التي يعيشها الناس هي مواجهة لما يعيشونه من احباط وطني عام جراء الانقسام والشرذمة وغياب الرؤية الوطنية الجمعية، ومحاولات شيطنة أنفسهم ومقاومتهم، والشعور باليأس وعجز الهمة وقلة الحيلة.
وفجأة تهب نسمات الحرية من أسرى الحرية، وتنعش ارواح الناس وتشعرهم بعدالة قضيتهم وقوتهم وقدراتهم وطاقاتهم الكامنة والتغلب على ما اصابهم من احباط. وعند التأمل في محاولات الاسرى للسعي للحرية والتحرر من القيود، ترى أن سجناء محرومون من كل الامكانات سوى عقولهم وارادتهم حفروا بلحمهم واظافرهم لكسر القيد والتحرر من السجان.. حاول عدد منهم الهروب بطرق مختلفة وفشل اخرون، لكنهم نالوا شرف المحاولة، ولكن غيرهم نجح وهم الان احرار بيننا وليسوا ضيوف،
حالة سوريالية نادرة الحدوث لكن الفلسطيني عندنا ينتصر على ذاته ينتصر، ويعزز مقولة الكف ينتصر على المخرز تنتصر حتى في ظل حالة الاحباط الوطني ولحظات الضعف تعبير وتجلي لقوتهم.
هروب أسرى الحرية من أكبر السجون تحصينا ليس حدثاً محرجاً للمنظومة الاحتلالية فقط، بل هو فشل أمني واستخباراتي خطير ويضرب اسطورة الدولة سيدة الأمن في المنطقة العربية، وما تمتلكه من قدرات ووسائل تكنولوجيا فائقة التقنية والتطور..
دولة الاحتلال رفعت حالة الاستنفار الأمني في عموم انحاء "إسرائيل"، حيث أعلن رئيس قسم عمليات الشرطة الإسرائيلية آفي بيتون ، أنه عقب هروب الفلسطينيين الستة من المعتقل في الشمال ، تم رفع حالة التأهب الأمني في جميع أنحاء البلاد: وقد يكون الفلسطينيون في أي وقت في البلاد، وسيحاولون تنفيذ هجوم.
وفي ظل حالة الاستنفار والفشل حتى الان من معرفة مصير الاسرى الستة وافقت المحكمة على طلب الدولة الدولة وصدر أمر تقييدي بعدم نشر أي معلومات حول هروب الاسرى، وبناء عليه تم منع النشر ومن الملاحظ ان جميع وسائل الإعلام الاسرائيلية تكرر نفس الاخبار حول الاسرى الـ ٦ والتركيز على إمكانية وصول الأسرى إلى جنين أو الأردن وسوريا، ونشر هذه الاخبار وتكرارها للتضليل وعدم التشويش على سير التحقيق، وهي معلومات تنشر بتوجيه من جهاز الشاباك.
وتحاول دولة الاحتلال التغطية على فشلها وتنقل وسائل اعلام اسرائيلية تلك الرواية والتعبير عن الخوف من أن يحاول الاسرى تنفيذ هجوم، والخوف من مواجهة بين الاسرى والسجانين في السجون بعد خطة الاستنفارات داخل السجون وترحيل الاسرى من سجن جلبوع لاماكن غير معلومة، ولا توجد اي معلومات حول أوضاعهم، وإخلائهم بالكامل.
وفي ضوء ذلك وما بين فرح الفلسطينيين بنجاح محاولة الاسرى الستة بالهروب تظل الخشية قائمة، وما قد ستقوم به دولة الاحتلال الاسرائيلي من بطش وحشي وقمع وتنكيل وحملة التنقلات في السجون ومنعهم من الزيارة والاتصال بالعالم الخارجي ومصادرة الحقوق الذي حققوها بأرواحهم.
مع مرور اكثر من ٢٠ ساعة وعدم معرفة الاجهزة الامنية مكان الاسرى، تمر الساعات عليهم وعلى ذويهم وعلى الفلسطينيين ثقيلة وطويلة.
الفلسطينيون خاصة في الضفة الغربية امام اختبار امني في مواجهة الإجراءات التي ستتخذها دولة الاحتلال الاسرائيلي، سواء استطاع الاسرى الوصول الى جنين والاختباء او اي مدينة اخرى، وما سيسفر عن ذلك من تصعيد، والاهم مدى التزام الاجهزة الامنية الفلسطينية وعدم التعاون مع الاجهزة الامنية الاسرائيلية.
وفي ظل الفشل الامني والاستخباراتي يظل الخطر قائم على حياة الاسرى الستة، ودولة الاحتلال تعيش حرب بين المؤيدين لحكومة بينت لابيد والمعارضة بقيادة نتنياهو، والتحريض على الانتقام وقتل الفلسطينيين، والاتهامات الموجهة لحكومة بينت والجيش بالفشل والعجز بعد مقتل الجندي الاسرائيلي القناص على خدود غزة الشرقية قبل اسبوعين.
وما جرى اليوم يؤجج مشاعر الكراهية والتحريض وحالة الغضب ضد الفلسطينيين التي نراها في كتابات وتعليقات الصحافيين الاسرائيليين وتحريضهم، والمطالبة بتحقيق صورة انتصار.
وتبقى الخشية قائمة وامكانية القاء القبض على الاسرى الستة وقتلهم فوراً، وما بين الفرح يظل الخوف مشروعا على حياة الاسرى، وان يمتد التوتر والتصعيد من الضفة الى غزة، التي تهدد بانه في حال حرى اي مكروه للاسرى فلن تقف مكتوفة الايدي.