غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

6 أعوام على استشهاد شرارة "انتفاضة القدس".. ضياء التلاحمة

الشهيد ضياء التلاحمة.jpg
شمس نيوز - رام الله

ليس غريبًا على عائلة التلاحمة، التي ربت أبناءها على حب الوطن منذ نعومة أظافرهم، أن يخرج منها الفارس ضياء، أو "المهندس" كما يحلو لأقربائه مناداته، وتبدي أسرة الشهيد ضياء اعتزازها بارتقائه شهيدًا، وبكون دمائه كانت شرارة انتفاضة القدس، التي أخرجت الشارع من قوقعة الخوف، الذي فُرض عليه ليتوحد خلف الخيار الذي آمن به ابنهم (المقاومة).

توافق اليوم الأربعاء الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد المجاهد ضياء التلاحمة والذي ارتقى برصاص قوات الاحتلال أثناء تنفيذه عملية جهادية بالخليل، ردًّا على جرائم الاحتلال ومغتصبيه التي ارتكبوها بحق عائلة دوابشة في دوما بنابلس، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك.

ومثلت عملية الشهيد التلاحمة ومن بعدها عملية رفيق دربه الشهيد مهند الحلبي شرارة الانتفاضة التي اندلعت كموجة من عمليات فردية سرعان ما اكتسبت طابعًا ثوريًّا انتقل إلى الجماهير الفلسطينية وأبطالها لتعلن "انتفاضة القدس".

الميلاد والنشأة

الشهيد المجاهد ضياء عبد الحليم محمود التلاحمة (أبو العباس) أبصرت عيناه النور يوم 29 سبتمبر (أيلول) 1994م، في قرية خرسا والتي تعتبر إحدى ضواحي بلدة دورة جنوب غرب محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة.

نشأ شهيدنا ضياء في أسرة وطنية متدينة وملتزمة ومتعلمة، فوالده الأستاذ عبد الحليم يعمل مدرسًا للتربية الإسلامية، وله الدور الأبرز في صقل شخصية الابن ضياء، صانعًا منه نموذجًا يحتذى إلى جانب خمسة أشقاء، وثلاث شقيقات يتوسطهم ضياء، وقد تربى على موائد القرآن في المساجد منذ نعومة أظفاره.

درس الشهيد المجاهد ضياء مراحل دراسته الأساسية والثانوية في مدارس بلدة "دورا" بمحافظة الخليل، وحصل على معدل 88 % بالفرع العلمي، وقرر دراسة هندسة الحاسوب كما شقيقه الأكبر عمر، إلا أنه آثر الدراسة في القدس وطلب من والده أن يدرس في جامعة القدس في أبو ديس ليعيش مع زملائه في سكن بعيدًا عن البيت.

عايش ظلم اليهود وقهرهم لأبناء الشعب الفلسطيني المحتل قبل إتمامه عقداً واحداً من عمره، حينما كان يقتحم منزل عائلته ويعتقل والده أمام ناظريه، فهو نجل الشيخ الأستاذ عبد الحليم محمود التلاحمة والذي يعتبر أحد القادة والمؤسسين لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين منذ ثمانينيات القرن الماضي، بجانب اعتقال أعمامه والكثير من أقاربه وجيرانه في المحيط الذي يعيش فيه.

صفاته وأخلاقه

21 عاماً تراها والدة الشهيد الفارس ضياء أمامها، وتتذكر الكثير من تفاصيل حياته القصيرة، قائلة:" ضياء مرح، دائم المزح، لا تخلو جلسة يكون فيها ضياء من المرح والفكاهة، وراء هذه الشخصية المرحة كانت شخصية أخرى صلبة ومختلفة عن باقي أبنائها، فهو المجد المتقن لعمله القريب إلى الله والوطن وابن فصيله "الجهاد الإسلامي" الذي طالما افتخر بالانتساب إليه".

وتضيف: ضياء حنون وطيب القلب، لا يعرف الحقد إلى قلبه طريقًا إلا على المحتل الغاصب، موضحةً أنه كان يطلق عبارة متعارفًا عليها في المنطقة " من دخل دار أبو العباس فهو آمن"، كما أنه الأحن من بين أبنائي، في يوم الأم لا ينساني أبدًا رغم عدم وجوده في البلد ودوامه في الجامعة، إلا أنه حرص على تقديم هدية لي.

بدوره، قال الوالد الشيخ عبد الحليم:" كنا أنا ووالدته عنده في المرتبة الأولى من الحب والاحترام، لا يحب أن يرى على وجهينا الحزن أو الزعل، يتحمل المسؤولية ويحمل نفسه المسؤولية عن الآخرين".

وتابع حديثه:" ضياء محرك البيت حين عودته من الجامعة في نهاية الأسبوع يكون للمنزل طعم مختلف، دائم الضحك والمزح وله أسلوب خاص في كل شيء".

مشواره الجهادي

استمد شهيدنا المقدام ضياء التلاحمة فكر الجهاد الإسلامي منذ الصغر من والده، وتعلق جدًا بالمسجد، وحب الجهاد وفكر الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، فكان لتأثره بنهج والده الذي سار عليه وقضى لأجله عدة سنوات داخل الأسر الأثر الأكبر في بلورة مشروع انتمائه لهذه الحركة المجاهدة.

برز نشاطه في الحركة بمدرسة خرسا الأساسية عندما كان الشهيد يقرأ القرآن في الاحتفالات الرسمية وينشد النشيد الوطني الإسلامي متوشحاً وشاح الجهاد، وتدرجت به الأمور حتى أصبح يلقي الخطابات على منبر الإذاعة الصباحية في المدرسة.

عمل شهيدنا المجاهد برفقة عدد من زملاءه المجاهدين على إعادة هيكلة وتشكيل الرابطة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي في جامعة القدس – أبو ديس، بعد انقطاع طويل خلال انتفاضة الأقصى، بسبب ملاحقة جيش الاحتلال لنشطائها، حيث عمل على تطوير نشاطها فيما بعد لتصبح قاعدة انطلاق نحو العمل العسكري.

عُهد الشهيد الفارس ضياء من الطلبة المميزين والفاعلين في الساحة الطلابية والرابطة الإسلامية، وظهر مرارًا خطيبًا باسمها في المناسبات الوطنية والإسلامية، ولعل أبرزها ضمن المهرجان الذي نظمته الأطر الطلابية نصرة لمخيم اليرموك في حصاره في العام 2014م داخل أسوار جامعة القدس، ولم تكن كلماته في هذا المهرجان مجرد إنشاء يرددها، بل طريقًا سلكها حتى يوم شهادته حين قال:" وإنا بإذن الله على خطاكم لمجاهدون"، وكان الجهاد الذي أعد له العدة جيدًا حينما تدرب على الكاراتيه وأتقنها، وفنون القتال وحمل الأثقال والجمباز، في النادي القريب من بلدته.

موعد مع الشهادة

فجر يوم 22 سبتمبر (أيلول) 2015م قام الشهيد الفارس ضياء بإلقاء عبوة ناسفة على دورية صهيونية كانت تمر على مفرق قريته يوميًا، وحسب شهود عيان أُغلق الطريق بالحجارة، وحينما ترجل الجنود من الدورية لإزالة الحجارة قام الشهيد الفارس ضياء بإلقاء العبوة الناسفة باتجاههم، موقعًا إصابات بينهم ورد بعضهم بإطلاق النار صوب الشهيد ضياء ما أدى إلى استشهاده على الفور.

شرارة انتفاضة القدس

شكلت عملية الشهيد ضياء التلاحمة شرارة اندلاع انتفاضة القدس، وبعدها بدأت تتسع عمليات المقاومة فبعد عملية الشهيد ضياء البطولية وبتاريخ 3-10-2015م يخرج الشهيد مهند شفيق الحلبي، ليفجر الانتفاضة من جديد ويزرع الموت والرعب للمغتصبين في أزقة البلدة القديمة بالقدس، مشهراً سكينه على رقاب المغتصبين هناك ويتولى على أسلحتهم ويزيدهم منها موتاً وقتلاً، فيحصد أرواح اثنين من المغتصبين ويصيب ثلاثة منهم بجراح، والقتيلان هما: الجندي أهارون بنيتا 24 عاماً، ويسكن مستوطنة "بيتار عيليت" بالقدس المحتلة، ونحميا لفيئ 41 عاماً، والثاني هو أحد كبار حاخامات مجموعة "عتيرت كوهنيم" المتطرفة بالقدس.