الحمد لله رب العالمين، الحمد الله الواحد القهار، العظيم الجبار، الكبير المتعال الذي جعلنا للبلوى والاختبار، وأعد لنا الجنة والنار، والصلاة والسلام على نبيه المختار المصطفى من الأخيار والأبرار، محمد بن عبد الله، قائد المجاهدين وخير الناصرين للمستضعفين والمقهورين، أما بعد:
إلى أهلي وأحبابي ورفاق دربي وأبناء شعبي وأمتي: إليكم جميعاً أطيّر هذه الكلمات كي تكون شاهدة عليكم في ذلك اليوم الموعود، يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، فهي صرخة قهرٍ وجهرٍ من أسيرٍ مظلوم ومقهور محكوم بالسجن المؤبد 7 مرات وبالإضافة إلى 50 عامًا مضى منها إلى الآن 19 عامًا من السنين العجاف، وما زال العداد يعد، وأنا أنتظر نصركم وعونكم.. نصركم وعونكم.
اعلموا جيدًا أنني من مكاني هذا أتحدى العجز والقهر الذي أنا فيه، قد عملت كل ما يمكن أن يُعمل أو يُفعل أو يُقال الكثير الكثير، وما لا يمكن أن يقال ها هنا أيضًا الكثير الكثير؛ من أجل الحصول على الحرية المنشودة. بالأمس القريب من العام 2014م حفرت ونحت نفق جلبوع الأول بأظافري وأسناني أنا وإخوتي في الأسر، 8 أشهر متواصلة ونحن نعمل ليلاً ونهارًا لم ننعُم فيها بالنوم من شدة آلامنا وأوجاعنا وجروحنا، شُلّت أيادينا قبل أرجلنا من العمل المتواصل؛ لينتهي بنا المطاف في الزنازين والعزل الانفرادي، وما أدراكم ما هما الزنازين والعزل الانفرادي، فبعد أن قدَّر الله أن ينكشف أمرنا في اللحظات الأخيرة من بناء نفقنا.. نفق حريتنا، فالحرية لنا هي مبتغى ومسعى، أجل إنها المبتغى والمسعى نبذل لأجلها كل غالٍ ونفيس قبل الرخيص، إننا نعشق الحياة وإعمارها وإستخلافها وإصلاحها، فالحياة هي مزرعتنا التي نزرع بها زرعنا من أجل آخرتنا، ولا معنى لحياتنا بدون حريتنا، أقول لكم إن تحرير البشر هو أولى من تحرير الشجر والحجر، فالله كرَّم وقدَّم حرية الإنسان وكرامته على كل أمر.
إنها تسعة عشرة عاماً من الظلم والقهر والحرمان وأنا أحلم وأحلم، أحلم ببرتقال بيت دجن، قرية يافا التي أنا من أصلها، أحلم بالصلاة بالأقصى والمسرى، أحلم في الجهاد وميادين الاستشهاد، أحلم بأمي أنني أقبِّل قدميها ويديها قبل وفاتها، وأنت أيضًا يا أبي. أحلم بمخيمي، مخيم بلاطة بحاراته وأزقته وأسواقه، أحلم باحتضان الأطفال والصغار قبل الكبار، أحلم بالصبر والتين والزيتون، أحلم بشروق الشمس وغروبها، أحلم، وأحلم، وأحلم، فإلى متى سوف أبقى أحلم؟! إلى متى سوف أبقى أحلم؟! نحن أهل الصبر وأهل الصمود وأهل التحدي، نحن عباد الله الواثقين بنصر الله، كنا وسنبقى كذلك دومًا بفضل الله.
إقرأ أيضا
يا شعبنا ويا أمتنا ومقاومتنا: إننا اليوم نعيش أصعب وأقسى هجمة شرسة من العدو اللعين اللئيم على طول كل هذه السنين، فنحن اليوم نريد منكم قلع واستئصال وجعنا وألمنا من جذوره عبر انتزاع حريتنا فالمزيد المزيد حتى كسر القيد والحديد، المزيد من دوركم وثورتكم وعملكم من أجل حريتنا فهي الغاية من أجل البداية.
والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.
وصية ابن فلسطين الأسير فهد عبدالله صوالحي من سجون بني صهيون، فليتقِ الله فيها كل من يسمع ما فيها، تبقى الوصية بدون تاريخ؛ لأنها محكومة بالمؤبد لسبعة مرات وخمسين عامًا فهي خالدة مخلدة.
