1.للفجرِ ظلَّ سلامُها يغشاني * وبومضةٍ أغرى الفؤادُ بناني
2. ليتَ البنانَ قد ارعوى لا ينبري * ماذا سأكتبُ أو يقولُ لساني
3. فلعلَّ قولاً لا يفي بمقامهِ *ولعلَّ عَدْوا لا يُجيدُ حصاني
4. ولعلَّ حرفاً قد تمنّعَ فانزوى *ولعلَّ سحراً لا يضيءُ بياني
5. فكبحتُ ألجمةَ الجوادِ لوقفهِ * كرَّ الجوادُ مهاجماً وحباني
6. رغم الضنى سأظلُ دوماً فاخراً * أن الكريمَ إلى النبيِّ هداني
7. ولعلني إذْ ما ذكرتُ محمداً * صلّى اللسانُ مشنفاً آذاني
8. صلُّوا عليهِ وآلهِ ملء الدنى * إن الصلاةَ علامةُ الرضوانِ
9. فالنورُ نورُ محمدٍوهو الذي* يسبي القلوبَ فتُسبلُ العينانِ
10. أبرشفةٍ للشمسِ من أنوارهِ * صاحتْ بنا لَنْ توقفوا نيراني ؟
11. أو طرفةٍ من سيدي نحو العلا * صارَ الدجى متلألئ التيجان ؟
12. وترى الجبالَ على الثرى بصخورِها * كي لا يفرّ لروضةِ العدنانِ ؟
13. إن الجواهرَ دُرها ونفيسها * هي بالصلاةِ كرائمُ الأعيانِ
14. حُمُرُ الورودِ تشبهت ببهائهِ * هيهاتَ تشبهُ سيدَ الأكوانِ
15. هذا عطاءُ المصطفى من ربهِ * سبحانَهُ من واهبٍ منانِ
16. نالَ ابن سلمى بردةً نبويةً * وغدا البُصيري شاعر الأزمانِ
17. جاءَ الأميرُ ببردةٍ دُريّةٍ * قاد السحابَ بمدحهِ الفتانِ
18. وتوالتِ البُرَدُ الجميلةُ تزدهي* وجميعُهُمْ قد كالَ بالميزانِ
19. ذاقوا جميعاً بعضَ خيطٍ من ضيا * أنوارُهُ كالنارِ للأدهانِ
20. الشمسُ دوماً في الليالي تختفي *وضياؤُهُ يرعى بغيرِ عنانِ
21. اللهُ ضللَ كيدَ أبرهةَ العِدى * حتى غدوا كالعصفِ للجرذانِ
22. يا مكةَ الرحمنِ يا قدس العلا * بَعْدَ الجنينِ فمسكُها مسكانِ
23. لو بنتُ وهبٍ ترتئي ما في الحشا * طار الفؤاد لجنة الرحمنِ
24. هي قد رأتْ نوراً يبددُ ظلمةً * سقطَ الدجى وانهارَ بالطغيانِ
25. الحَمْلُ يحدثُ للنساءِ تثاقلاً * ولبِنْتِ وهبٍ ريشةٌ بدهانِ
26. كلُ الحواملِ تبتغيه بخشيةٍ * يومَ المخاضِ وأمُّهُ بأمانِ
27. حتى إذا ظمئ الورى واستوحشوا * تواً أتى من بطنها الريانِ
28. الأرضُ تجهلُ ما جرى في يومهِ * أمّا السماءُ فتحتفي بجنانِ
29. الجنُ تهمسُ من يشي أخبارَها * كسرى ينادي ما دهى نيراني
30. إبليس ولولوالأبالسُ حولَهُ *جاء الهدى فأطاحَ بالشيطانِ
31. الجدبُ أزهرَ والغوائرُ رَقرَقَتْ * والجَورُ باتَ مهدَّم الأكنانِ
32. والظلمُ قد أخفى الذوائبَ مسرعاً * أمُّ القرى في حضنها القرآني
33. يا قومَ سعدٍ كم سعيدٍ باسمٍ * وغدت حليمةُ سعدُها سعدانِ
34. إن اليتيم مباركٌ فديارهم * بقدومِهَ كالجنةِ الأفنانِ
35. نادت حليمةُ زوجَهَا نِعْمَ الفتى * أمثاله ما شاهدت عينانِ
36. بيضُ الغمامِ يُظلُّهُ بنسائمٍ * تشدو الورى من أعذب الألحانِ
37. وديارُ سعدٍ لم تزل حتى أتى * وحيُ السماء لصدره الرباني
38. يا ويحَ سعدٍ قد تُفَارِقُ سعدَها * سكن الأسى بمعاقد الأجفانِ
39. بَكَتِ الربوعُ لفقدِهِ بنواظرٍ * لم تستكنْ وتموج بالطوفانِ
40. عادت لمكة َعينُها بعد الجفا * حتى الجبالُ تعجُّ بالخفقانِ
41. حولاً يرافقُ أمَّه وبقربهِ * هَزَمتْ هرقلَ وصاحبَ النيرانِ
42. شاءَ الإلهُ وبنْتُ وهبٍ ترتقي * والعينُ ترسلُ درةَ الأشجانِ
43. دمع اليتيم كأنما من وجدهِ * بكت السما وتفطر القمرانِ
44. تركت منارة قلبِها وترجلتْ * ليحوطَهُ بالرَوْحِ والرَّيحانِ
45. أيدي المنون عليمةٌ فإذا أتتْ * لم تكترثْ بشيوخِ أو شبانِ
46. وأوى اليتيمُ لجدِهِّ وبعزةٍ * جَدٌ يسود بمكةَ الغفرانِ
47. إن جاءَ يجلسُ حيثُ شاءَ مهابةً * فقدومُهُ لسيادةِ الأكوانِ
48. إن قالَ شيئاً أنصتوا وتعلقوا * بحديثهِ والكلُّ منهم دانِ
49. ويدُ الردى تُردي قلوبَ أحبةٍ * فإذا الدموع بحرقةِ النيرانِ
50. فالجد أمسى في التراب ممداً * واليتمُ يطعنُ سيدَ الغلمانِ
51. أفكلما يأوي اليتيمُ لدوحةٍ * ذهبتْ سدى والغوثُ للديانِ
52. من كان يبحثُ في الترابِ معونةً * تَبَّتْ يداه وباء بالخذلانِ
53. فالأرضُ يملكها الذي بقضائِهِ * صارَ الترابُ ومن عليها فانِ
54. والعمُّ يفتحُ دارَهُ وفؤادَهُ * حتى غدا كالدمِّ في الشريانِ
55. بإرادةٍ لا بدَّ أن تعلو يدٌ * نبويةٌ مع كثرةِ الصبيانِ
56. ولحكمةٍ يُعْيي النُهى مكنُونها * صارَ الفتى يرعى مع الرُعيانِ
57. ما مِنْ رسولٍ للسما إلا رعى * شَرُفَ الرعاةُ بأحمدَ النوراني
58. مهما جمعتَ من الدُنى ومتاعِها * يبقى الرعاةُ لزينةِ الأوطانِ
59. أمنٌ وصدقٌ لا تَكَلُّفَ فيهما * فَهُمَا السليقةُ لا تَقُلْ خلقانِ
60. الصدقُ زينةُ كلِ من وطئ الثرى * ومحمدٌ للصدق كالزيانِ
61. فخصاله تعلو الذُرى وجميعها * بمحمدٍ كالكحلِ للأجفانِ
62. ولقد مضى مع عمه في رحلةٍ * فالأرضُ تحرسُ والسما بأمانِ
63. نَشَقَ البحيرا نفحةً علويةً * ذا مصطفى لا بد من برهانِ
64. لما دنا عرفَ البحيرا وجهَهُ * عَرَضَ المسيرَ مُرَحباً ضيفاني
65. سأل البحيرا عن أبيهِ وجدِهِ * ابني أنا يا سائلَ الرُهبانِ
66. عودوا به قبل الضواري والردى * هذا يتيمٌ ماله أبوانٍ
67. وغدا يتاجرُ بالقليل ويكتفي * حتى غدا أعجوبةَ الركبانِ
68. ما باع قوماً واشترى إلا حَدَوْا * أمثالُه لم تَسمعِالأذنانِ
69. سمعتْ خديجةُ بالأمينِ فبادرتْ * اعمل لنا ‘ ربُّ السما أعطاني
70. قد أرسلتْ مَعَهُ الغلامَ يُعينه * أموالُها يُعْنى بها اثنانِ
71. عادَ الغلامُ مع النبيِّ بدهشةٍ * يشدو خديجةَ ما رأتْ عينانِ
72. طيبُ الحديثِ يشدُّها نحو الهدى * حتى غدتْ مأسورةَ الرحمنِ
73. ذاتُ التُّقى ووجيهةٌ في قومها * وحسيبةٌ مخطوبةُ الفرسانِ
74. تُعْلي أكفاً للسماءِ تضرعاً * فمحمدٌ متقدمٌ بأوانِ
75. ذهبَ النبيُّ مشاوراً أعمامَهُ* فهو الوفاءُ يفيضُ بالعرفانِ
76. قمرُ السماءِ قد اكتسى بِجواهرٍ * فمحمدٌ وخديجةٌ زوجانِ
77. فتقاطعتْ شهُبُ السماءِ لتحتفي * بضفائرٍ وذوائبٍ لجنانِ
78. كلُّ السعادةِ والرضا في منزلٍ * بيتُ السما و الأمن والإيمانِ
79.عند البناءِ تنازعوا حَجَرَ العلا * فيعيدُهُ ابنُ الخليل الثاني
80. والكفرُ مشلولُ القوى لا يهتدي * لهديةٍ من جنةِ الأجنانِ
81. حتى إذا قرُبَ الهدى بضيائهُ * يخلو النبيُ بنفسه بتفانِ
82. متفكراً بين الجبال وزاهداً * غار الحراء ملاذه الإيماني
83. حتى إذا جنحَ الدجى لجبالها * لبس الضيا والنور للسودانِ
84. ملآى السماءُ أسنةٌ للمعتدي * والإنسُ تهوى قربه كالجان
ِ85. ومحمد يُعلي الأكفَ بليلةٍ * فرديةٍ في العشر من رمضانِ
86. قدر بقدرٍ لا أخالك مدركاً * وحيُ السما قد جاءَ للإعلانِ
87. جاء البشيرُ بمعجزٍ يهدي الورى * إن طبقوا يأتيهمُ الفوزانِ
88. آياتُهُ نَعْلو بها فوقَ الذُّرى * إعجازُهُ لا ينقضي بزمانِ
89. في الهندِ أو في الصينِ أو بجزيرةٍ * في الغربِ والمكسيكِ والبلقانِ
90. الكفرُ دوماً ينزوي متراجعاً * مستسلماً من هيبةِ القرآنِ
91. اقرأ محمدُ شاكراً ربَ الورى * من ربنا جئناك بالبرهانِ
92. ما كانَ يقرأُ قبلها وببرهةٍ * جلستْ خديجةُ جَنبَه بحنانِ
93. والله لن تُؤذَى بها يا قدوةً * كن واثقاً يا مطعمَ الجوعانِ
94. أنت الذي تعطي المقلِّ على طوى * متبسماً يا مؤنسَ الحيرانِ
95. انهض محمدُ فابن عمي عالمٌ * كُتُبَ الذي سبقوك في الميدانِ
96. لا تبتئسْ هذا النموسُ وقد أتى*موسى الكليمَ بصادقِ التبيانِ
97. إن كنتُ حياً حينها فمناصرٌ * لنبيّهِ حربٌ على الشيطانِ
98.فسيخرجونك صانعينَ حماقةً * ما مِنْ هُدى ويظلُ في الأوطانِ
99. سراً بدا يدعو النبي لدينهِ * فخديجةُ الأولى على النسوانِ
100. ومن الرجالِ صَدِيقُهُ هو أولٌ * أما عليُ فسابقُ الصبيانِ
101.ثم استزاد بقوةٍ عُمَريةٍ * أو كابن عفانَ الكريم الداني
102.علمتْ قريشُ بدينهم فتعاهدوا * للصدِّ عنه بقوة السلطانِ
103. قتلوا سمية آثمين وزوجَها * من كفرهم لم يهتدوا ببيانِ
104. جلدوا بلالَ وغيره بفظاظةٍ * أحدٌ تصمُ مسامع الآذانِ
105. فرعونُهم آذى النبيَ المصطفى * وبلطمةٍ فتراه كالفئرانِ
106. صبر النبيُّ وصحبُه لم ينثنوا * رغم الأسى والضر والعدوانِ
107. خذ ما تشاءُ من الدنى متباعداً * عن ديننا دعنا مع الأوثانِ
108. ما كان يتركُ دينَه حتى الردى *لو في يدٍ قد جاءت الشمسانِ
109. وقتٌ طويلٌ ينقضي برسالةٍ * كمنارةٍ بالسر والكتمانِ
110. اجهر محمدُ لا تُضِيركَ شدةٌ * معك الإلهُ وسيدُ الأديانِ
111. ما كانَ يوماً آثماً بدنيةٍ * بل خاضعاً لإرادةِ الديانِ
112. تباً لنا إن لم يكن أولى لنا * من روحنا وقلوبنا الصوانِ
113. حصرٌ وضيقٌ للنبي وصحبه * ما صدَهم عن دعوة الفرقانِ
114. أمرَ النبي صحابه ليهاجروا * إن النجاشيَ صادقُ الإيمانِ
115. حتى ولو طالَ السرورُ سينقضي * يأتي الأسى لتعيشَ في الأحزانِ
116. ترضىْ إذا جاء السرور بيومه * أما الأسى يأتيك في أزمانِ
117. بدرٌ يوارى في التراب بحرقةٍ * فخديجةُ المحزومةُ الأكفانِ
118. الحزنُ يفطرُ قلبه متحدياً * جد الأسى إن ناخ بالأشجانِ
119. يومٌ جديدٌ من أسى ويدُ الردى * جبارةٌ وقد اختفى الجبلانِ
120. فالعمُ ولى والعيونُ هطولةٌ * والهمُ أمسى فاتحَ الخزان
ِ121. الأرضُ تدبرُ للورى لم تعطهمْ * قطميرةً لمعونةِ القُطانِ
122. ومحمدٌ يومَ السرى يطوي الدنى * سَعُد البراق بأحمدَ الرُبانِ
123. والقدس تهمسُ في السماءِ لنفسها * من أي نجمٍ أرتدي فستاني
124. حتى إذا جاء النبيُ جبالها * خفِضت لَهُ بمحبةٍ وحنانِ
125. الله أحيا كل صاحبِ دعوةٍ * ليقلدوكَ سيادةَ الاكوانِ
126. صلُّوا وراءك كلُهم من آدمٍ * حتى المسيحُ وصاحبُ الطوفانِ
127. ورقيتَ ما لا يرتقَى من كائنٍ *ورأيت ما لا تبصرُ العينانِ
128. وعَلمتَ ما لا ينبغي لمقربٍ * وسمعت ما لا تسمعُ الأذنانِ
129. مد الجليل حبيبه بهديةٍ* صلةً به من بعدِ كل أذانِ
130. ما من هدايا مثلها فبسجدةٍ * مرضيةٍ فتفوز بالرضوانِ
131. لولا الصلاةُ لربنا مفروضةً * ما كان يهنأ في الورى الثقلانِ
132. كفرتْ قريشُ وكذبوا بحديثهِ * بئس النهى ما صدقوا ببيانِ
133. حسدٌ يموجُ بشدةٍ ولنصرةٍ * خرج النبي يلوذُ بالأعوانِ
134. طردوا النبيَّ بخسةٍ في طائفٍ * بحجارةٍ قد سالت القدمانِ
135. ورأى النبي كهجرةٍ في نومه * وببيعةٍ أعطوه كلَّ ضمانِ
136. وغدا الرجالُ يهاجرون بسرعةٍ * نحو المدينةِ دونما إعلانِ
137. جُمع الأكابرُ في قريش لندوةٍ * وحمايةٍ تنجى من الطوفانِ
138. متنكراً جاء اللعين مناصراً * لجهالةٍ وغوايةِ الإنسانِ
139. نفيٌ له من أرضنا فأجابهم* هو عائدٌ ليطيحَ بالأوثانِ
140. سجنٌ وضرٌ والأذى لمحمدٍ * هو ساحرٌ والسحرُ في القرآنِ
141. كيف السبيلُ لوقفه يا شيخنا * فبضربةٍ من أشجع الشجعانِ
142. دمه يفرق بينهم وليأخذوا * ديةً لهم ولتنعموا بأمانِ
143. صاحوا معا رأيٌ سديدٌ نافذٌ * وببابه ملؤوه بالفرسانِ
144. خرج النبي معفراً لوجوههم * مستوثقاً بهزيمة الشيطانِ
145. نحو المدينة قاصداً برفيقهِ * وابن الأريقط عارفٌ متفانِ
146. ما في الفراش سوى الفتى فتقدموا * قبل الوصول لنصرة الأعوانِ
147. وبغار ثورٍ قد توارى مدةً * فُقِدَ الهُدى لم يُبْصَرِ الرجلانِ
148. لما دنوا ما رف جفنُ المصطفى * من خشيةٍ أو فارسٍ طَعّانِ
149. عادت قريشُ وما جنوا إلا ضنى * عضوا الأنامل حسرةً بهوانِ
150. إبلاً يريدُ سراقةٌ وقد اكتوى * عُدْ مسرعاً سيجيئك السُوَرانِ
151. نورٌ بمسكٍ للمدينةِ قد أتى * متعاظماً ولنورهِ نورانِ
152. همس اليهودُ لبعضهم والله لا * خرفٌ ولا بالعينِ من حولانِ
153. هذا عبيرُ نبوةٍ يا ويلنا * نور العلا لم يختلف إثنانِ
154. نخل المدينة قد عَلَا بزواهرٍ * قدسيةٍ وثماره متدانِ
155. إذ بالمدينةَ ليلها كنهارنا * فإذا انقضى فلصبحها شمسانِ
156. شمسٌ تعين على المعيشِ بعفةٍ * وجوارها لسماحةٍ وحنانِ
157. الأوسُ صارت خزرجٌ من بعد ما * جرت الدما من حربةٍ وسنانِ
158. وغدا المهاجرُ لا يرى إعراضةً * طوبى لهم قد أحسنَ السعدانِ
159. إن المدينةَ دولةٌ يقضي بها * خيرُ الورىبالقسط والفرقانِ
160. سكن النبي بمسجدٍ لا مثله * بعد العتيقِ بكفةِ الميزانِ
161. أممٌ تتوق دخوله من لهفةٍ * لترابه أو ما وطى القدمانِ
162. هذا يبلل لحيةً ذا غارقٌ * بدعائهِ في عالم النسيانِ
163. ذا راكعٌ أو ساجدٌ ذا سائلٌ * ربَ العُلا متورم السيقانِ
164. من جنةٍ اللهُ أهبطَ روضةً * عند اللُقا لا طَرْفَ للأجفانِ
165. فلربَّ عينٍ قد ترى ما لا يُرى * عند السلام وهجرة الأذهانِ
166, يا باكياً عينُ الحصير عليلةٌ * من شوقها ولشدة السيلانِ
167. خرج النبي وصحبه لغنيمةٍ * فتباعدتْ وقد التقى الجيشانِ
168. جيشٌ عرمرمُ فاخرٌ وأقلةٌ * بعقيدةٍ شجعان في الميدانِ
169. في يوم بدرٍ للملائكِ هيبةٌ * تردي رؤوس الكفر والطغيانِ
170. ذو الجهلِ أضحى غارقاً بدمائهِ * كأُميةٍ وتدحرجَ الرأسانِ
171. تنعى قريشُ سيادةً مسلوبةً * مع فقدها للأُنسِ بالفتيانِ
172. فتقدموا للثأرِ ثم تقهقروا * ذاقوا الردى من شدةٍ وهوانِ
173. بعض الصحابةِ خالفوا فتوسدوا * بهزيمةٍ مسودة الأردانِ
174. وحشيُ قد غالَ الغضنفرَ خلسةً * حتى النبيُ يصابَ بالأسنانِ
175. من طاع أمر محمدٍ فلقد عَلَا * في عاجلٍ وسعادةٍ بجنانِ
176. من لم يطع أمر النبي فقد هوى * فإذا قضى قد باءَ بالخسرانِ
177. صلحٌ حكيمٌ في الحديبِ لدعوةٍ * فتنكروا من نزغةِ الشيطانِ
178. جمع النبي ليوم فتحٍ بعد ما * عز الوفا لابد من سلطانِ
179. نظرتْ قريش إذا الرجال تحلقوا * من كل صوبٍ جيء بالركبانِ
180. خرجوا جميعاً آملين سماحةً * ما كان قطُ بظالمٍ خوانِ
181. ما ظنكم بمحمدٍ يقضي بكم * أنت الكريم أصالةً والحاني
182. بشرى لكم بشفاعةٍ وسماحةٍ * طُلقاء فامضوا كلكم إخواني
183. فإذا الوجوه ضحوكةٌ ومنيرةٌ * نعم النبي ورحمة الرحمنِ
184. اللهُ أكبرُ قد علا صوتُ الهدى * فإذا بلال يبوحُ للآذانِ
185. هبلٌ هوى واللاتَ أيضاً حطموا * حَرَمُ الإلهِ لمسلمٍ ديانِ
186. حنَ النبيُ لطيبةٍ ولطيبها * ومحمدٌ في قلبها الولهانِ
187. في القلبِ أنتِ عزيزةٌ يا موطني * يا قبلتي يا مكة القربانِ
188. يا معشر الأنصار يا أهل التقى * لكم الهوى والوجد بالوجدانِ
189. فإلى المدنيةِ قد مضى ودياره * من حزنها مطبوقة الأجفانِ
190. سدرُ المدينة قد دنا ببشارةٍ * متأملاً لو مسحةً بحنانِ
191. والتمر فيها قد نما متشوقاً * لأكفهِ ونفائس الأسنانِ
192. وبفطرةٍ فعل اليهود خيانةً * فتآمروا بالسوء للإحسانِ
193. أرض السماحة والكرامة والوفا * بلد النبي ودرة الأوطانِ
194. بعث النبي رسائلاً أن أسلِموا * فستَسْلموا للفرسِ والرومانِ
195. حتى غدت برسولها أمَّ الدُنى * ومهابةً ومتينةَ الأركانِ
196. والدين أصبح شامخاً لا ينثني * حتى تلا للنصرِ في القرآنِ
197. قرأ الصحابةُ نعيَهُ لنبيهِ * ما خيلوا أن تسبلَ العينانِ
198. أوجعتني يا سيدي حتى أنا * ما خالَ لي أن القضا متدانِ
199. فالبدرُ أسودُ والنجومُ ظُلامةٌ * وتخبطوا كتخبط العميان
200. حُمى تلف محمداً وكأنها * موقودةٌ في سيد الشجعانِ
201. تفديك روحي سيدي وجعٌ لنا * ومحمدٌ قد جاءَهُ الضِعّْفانِ
202. ناجته فاطمُ والعيونُ غزيرةٌ * يا مهجتي فأفاقَ من غشيانِ
203. يا زهرةً ربٌ يخيرُ عبدَهُ * فاختارَ جيرة ربهِ الرحمنِ
204. سِرٌ إليها وحدها وبشارةٌ * فتبسمت والسرُ في الكتمانِ
205. الناس فوق الأرضِ أو في بطنها * ومحمدٌ رمانةُ الميزانِ
206. أما النبوة في الورى فقد انقضت * ويظل يسمو معجزُ الديانِ
207. هو للحياةِ وللنجاةِ وخالدٌ * فيه الشفا أكسو به ميزاني
208. صلوا عليه وآلهِ ملء الدنى * إن الصلاةَ حقيقةُ الإيمانِ
209. ثم الصلاة لصحبه ولأربعٍ * سادوا الدنى بالعدل والإحسانِ
210. صِدِّيقَهُ وصديقهُ فاروقنا * وعلى الحييِّ وجامع القرآنِ
211. ثم الصلاة على عليِ المرتضى * فبجهدهم ما شاد من بنيانِ
212. أما أنا فمظنتي في خالقي * مأمولةٌ باليسرِ والغفرانِ
213. والله أعظم من محاسبة الذي * يبكي أسىً مستغفر الوجدانِ
214. مولاي إني قد عرفتكَ منعماً * نعماءَ تحيي رمة الأبدان
215. وقد استبقتُ بدعوةٍ مستبشراً * بإجابةٍ للواحدٍ المنانِ
216. علّي أفوز برحمةٍ أوقى بها * حر السعير ومن حميمٍ آنِ
217, وشفاعةٍ من سيدي أسقى بها * من حوضهِ والكوثر الريانِ
218. وإلى هنا أكملتها ولعلني*مستدركٌ ما ليس في الحُسبانِ
219. أبياتها بالمصطفى مزدانةٌ * عشرون يأتي قبلها المائتانِ
220. ميمونةٌ نورٌ خطاها كونها * مكحولةً من سيرة العدنان