من بين ثنايا كهفه الذي اتخذه ملجأ ليواصل رحلة جهاده ضد العدو الصهيوني، ترجّل القائد في سرايا القدس محمد عاصي في مثل هذا اليوم ليلقى الله عز وجل شهيدا مقبلا غير مدبر، بعد أن رفض تسليم نفسه وقاوم عشرات الجنود الصهاينة المدججين بالسلاح والحقد، على مدار عدة ساعات متواصلة حتى آخر رصاصة وآخر رمق.
تطل علينا اليوم الجمعة الموافق 22-10 ذكرى استشهاد القائد محمد رباح عاصي أحد قادة سرايا القدس برام الله ومهندس عملية تفجير الحافلة 142 في تل أبيب خلال معركة السماء الزرقاء، والذي ترجل عن صهوة جواده بعد رحلة طويلة من الجهاد والعطاء والتضحية.
بزوغ الفجر
ولد شهيدنا القائد محمد رباح شكري عاصي في بلدة (بيت لقيا) من محافظة رام الله بتاريخ 16/11/1985، لأسرة مجاهدة ملتزمة بتعاليم الإسلام العظيم، وتعرف واجبها الديني والوطني تجاه فلسطين.
ينتمي شهيدنا القائد محمد رباح عاصي إلى عائلة مجاهدة صابرة، فقد قدمت العديد من أبنائها في سبيل الله وعلى خطى الشهداء والمجاهدين في تحرير فلسطين. ومن أقاربه الشهداء الذين استشهدوا منذ العام 2005، الشهداء (عدي عاصي، جمال عاصي، مهيوب عاصي).
تتكون أسرة شهيدنا القائد محمد عاصي والديه الأكارم، واثنين من الإخوة وخمسة من الأخوات. وقدر الله أن يكون الشهيد المجاهد (محمد) الخامس بين إخوته مع شقيقه التوأم الأسير (فؤاد), وهو أعزب.
درس شهيدنا القائد محمد في مدارس قرية (بيت لقيا) وحصل على الابتدائية والإعدادية والثانوية منها. ولم يتمكن من استكمال دراسته الجامعية بسبب اعتقالاته المتكررة في سجون الاحتلال الصهيوني.
مشواره الجهادي
التحق شهيدنا القائد عاصي في صفوف حركة الجهاد الإسلامي منذ كان صغيراً، وكان من النشطاء في قريته (بيت لقيا)، وكان منذ انتمائه نشيطاً، مخلصاً، مثابراً، جريء، قلبه لا يعرف الخوف، كان يتقدم الصفوف الأولى في العمل الجهادي.
على خلفية نشاطات شهيدنا القائد/ محمد عاصي في صفوف حركة الجهاد الإسلامي اعتقل شهيدنا المجاهد/ محمد رباح عاصي في سجون الاحتلال أربع مرات، ما مجموعه أربعة سنوات ونصف. وكان آخر اعتقال له بتاريخ 16/01/2012 وأفرج عنه بتاريخ 24/09/2012. وهو من كوادر حركة الجهاد الإسلامي في محافظة رام الله.
كما كل المناضلين الشرفاء والمجاهدين الأبطال فقد اعتقل شهيدنا القائد محمد على أيدي أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، وكان آخرها في العام 2012 بعد تحرره من سجون الاحتلال الصهيوني وذلك على خلفية مساعدته في إدخال أموال كانتينا للأسرى في سجون الاحتلال.
المطلوب الأول بالضفة
تولى شهيدنا القائد محمد عاصي الرد الأول لـ(سرايا القدس) في قلب العدو الصهيوني على جرائمه بحق أهلنا وشعبنا في حرب غزة شتاء العام 2012 وكذلك الرد المفاجئ على اغتيال الشهيد القائد (أحمد الجعبري) من كتائب الشهيد عز الدين القسام, وذلك من خلال تفجير باص صهيوني في قلب مدينة تل أبيب المحتلة بتاريخ 21/11/2012 والتي أسفرت عن إصابة العشرات من الصهاينة في هذه العملية البطولية والتي جاءت كرد أولي في قلب الكيان على الهجمة الصهيونية على قطاع غزة.
في أعقاب العملية البطولية في مدينة تل أبيب المحتلة تمكنت قوات الاحتلال الصهيوني من اعتقال مجموعة من الإخوة المجاهدين ممن تربطهم علاقة بالعملية البطولية، بالإضافة إلى العديد من أبناء وأنصار الحركة في بلدة (بيت لقيا)، وأعلنت عن الشهيد القائد محمد رباح عاصي المطلوب الأول لها على مستوى الضفة الغربية لمسئوليته المباشرة عن العملية البطولية في تل أبيب المحتلة.
كما اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني شقيق الشهيد القائد محمد عاصي التوأم، المجاهد الأسير فؤاد رباح عاصي وهو من أبناء حركة الجهاد الإسلامي وأسير محرر، اعتقل في نفس يوم عملية تل الربيع بتاريخ 21/11/2012، وذلك بهدف الضغط على شيقيقه الشهيد القائد محمد عاصي لتسليم نفسه.
الفترة الماضية تعرضت أسرة الأخ الشهيد القائد محمد عاصي للمضايقات من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، حيث الاقتحامات المتكررة وتكسير أثاث البيت واعتقال أشقاؤه ووالده الكبير في السن، والتهديد المتكرر بتصفية الأخ الشهيد المجاهد محمد رباح عاصي طالما لم يسلم نفسه.
موعد مع الشهادة
فجر يوم الثلاثاء الموافق 22/10/2013 حاصرت قوات الاحتلال الصهيوني شهيدنا القائد محمد عاصي في إحدى المغارات بالقرب من بلدة (كفر نعمة) وطلبت منه تسليم نفسه، ولكن شهيدنا رفض الاستسلام وخاض اشتباكاً مسلحاً لمدة تزيد عن أربعة ساعات حتى آخر رصاصة في بندقيته، ليرتقي شهيداً مقبلاً غير مدبراً وفي نفس المغارة التي استشهد فيها قائد (سرايا القدس) لمحافظة رام الله في انتفاضة الأقصى الشهيد المجاهد رياض خليفة.
أصدرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وجناحها العسكري سرايا القدس بيانات جماهيرية لأبناء شعبنا نعت فيه الشهيد القائد محمد عاصي قائد سرايا القدس في محافظة رام الله، ومهندس عملية تل أبيب والمنتقم لدماء الشهداء والقادة في معركة السماء الزرقاء، ومعاهدة الشهيد على مواصلة طريق الجهاد والمقاومة.