في اطار تنامي غول الاستيطان الى حد كبير, وسعي إسرائيل لتغيير الواقع الديمغرافي في الضفة الغربية والقدس المحتلة ذكر متحدث عسكري صهيوني أن «إسرائيل» وافقت على خطط لبناء أكثر من ثلاثة آلاف منزل للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة وذلك غداة توجيه الولايات المتحدة انتقادات للتوسع الاستيطاني, وأضاف أن «لجنة التخطيط العليا في الادارة المدنية أعطت الموافقة النهائية على 1800 منزل وعلى خطط متقدمة لبناء 1344 منزلًا آخر» هذا بخلاف عمليات التجريف التي يقوم بها الجيش الصهيوني في مقبرة اليوسفية الإسلامية في مدينة القدس قرب المسجد الأقصى المبارك, الغريب ان هذه الجرائم الاستيطانية التي ترتكب على عين السلطة وفي تحدٍ سافر لها, لم تجد السلطة سبيلا لمواجهته سوى استسلامها للأمر الواقع, فمن شأن هذا التوسع الاستيطاني ان يقضي على امال السلطة, بل على اوهامها في التوصل الى حل الدولتين, فالاستيطان يقضى على هذا الحلم السلطوي تماما, ويضع السلطة امام حقيقة واضحة ان حل الدولتين انتهى الى غير رجعة, لذلك لا غرابة ان نسمع رئيس السلطة محمود عباس وهو يتحدث عن رفض إسرائيل لحلّ الدولتين وان هذا يفرض على الفلسطينيين الذهاب إلى خيارات أخرى، كالعودة إلى المطالبة بقرار التقسيم للعام 1947 أو الذهاب إلى الدولة الديمقراطية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية، لكن إمكانية تحقيقه تبدو مستحيلة لأنّ دولة الاحتلال التي أقرّ برلمانها قانون القومية اليهودية عام 2018، لن تسمح للمساواة بين مواطنيها من دون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو العرق أو الدين, وباتت السلطة تؤمن بسقوط كل خياراتها السلمية وعاجزة عن مواجهة الاحتلال.
مواجهة التغول الاستيطاني والتسارع الصهيوني في فرض امر واقع جديد دفع حركتي حماس والجهاد الإسلامي الى توجيه تحذيرات للاحتلال الصهيوني ووقف اعمال التجريف في المقبرة اليوسفية حيث اعتبرت حركة حماس أعمال التجريف الإسرائيلية في المقبرة اليوسفية الإسلامية بمدينة القدس المحتلة «جريمة بشعة وتأتي ضمن سلسلة الجرائم ضد مقابر القدس». وأن هذه الجريمة الصهيونية دليل صارخ على وحشية الاحتلال الذي طالت اعتداءاته على الأحياء والأموات من أبناء الشعب الفلسطيني، في سبيل تهويد القدس والسيطرة على المسجد الأقصى المبارك». ودعت حماس والجهاد الاسلامي الفلسطينيين المقدسيين، «إلى الانتفاض في وجه الاحتلال رداً على التغول المتزايد ضد القدس والأقصى، والاحتشاد عند المقبرة لمجابهة التجريف، وردع الاحتلال عن مواصلة جريمته». وامام سياسة الاحتلال الصهيوني في التوسع الاستيطاني اشارت بيانات حركة «السلام الآن» الحقوقية الإسرائيلية، إلى وجود نحو 666 ألف مستوطن إسرائيلي و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية بالضفة الغربية، بما فيها "القدس الشرقية" المحتلة, وهذه الاحصائيات قابلة للزيادة في اية لحظة لأن الاستيطان لا يتوقف وهو ينمو ويكبر على حساب الفلسطينيين وارضهم ومقدساتهم, والحقيقة التي يدركها الجميع ان حكومة نفتالي بينت قائمة على الاستيطان, ولا تخفي اطماعها, فبينت يتحدث عن بناء استيطاني في المناطق «ج» الخاضعة للسلطة الفلسطينية فما بالكم اذا كان الاستيطان في الأراضي الخاضعة للاحتلال.
وحتى يكتمل المشهد الهزلي للتغول الاستيطاني لبست واشنطن ثوب الحمل الوديع، وادعت معارضتها للاستيطان، فبرز الثعلب يوما في ثياب الواعظين، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس «نحن قلقون للغاية من خطة الحكومة الإسرائيلية بناء آلاف الوحدات الاستيطانية». وأضاف «نعارض بشدة هذا التوسع الاستيطاني الذي لا يتماشى على الإطلاق مع جهود خفض منسوب التوتر»، واعتبر أن هذا التوسع «يضرّ بآفاق حلّ قيام دولتين».وتابع برايس «نعتبر أيضا أن كل الجهود الرامية إلى تشريع مستوطنات غير شرعية بمفعول رجعي، غير مقبولة»، مشددا على أن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى سبق أن أبلغوا نظراءهم الإسرائيليين بهذه المواقف «بشكل مباشر», وهذه التصريحات الهزلية اطربت مسامع السلطة الفلسطينية رغم انها مجرد تصريحات لن تنفذ الى أفعال على الأرض, فقد رحّب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية ببيان الاتحاد الأوروبي الذي يصف المستوطنات في الأراضي الفلسطينية بغير الشرعية، مطالبا الاحتلال الإسرائيلي بوقف الإعلان عن بناء مزيد من المستوطنات، بما في ذلك تلك التي في القدس المحتلة. وطالب اشتية -خلال جولته الأوروبية لحشد الدعم السياسي والمالي للشعب الفلسطيني وقضيته- الولايات المتحدة والدول الأوروبية باتخاذ مواقف حازمة لوقف التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة، للحفاظ على حل الدولتين. كما دعا دول الاتحاد الأوروبي لممارسة الضغوط على إسرائيل، لوقف انتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني واحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان والاتفاقيات الموقعة معها, والسلطة تعتبر ان هذه المطالبات هي قمة النضال الفلسطيني واقصى ما يمكن ان تفعله, لكن الشعب الفلسطيني له رؤية أخرى ويدرك ان سياسة الاستعطاف والاستجداء ليس وراءها طائل, لذلك هو دائما ما يأخذ زمام المبادر بيدية.