اكتُشف متحور دلتا لأول مرة قبل عام ليصبح المهيمن الآن في جميع أنحاء العالم، غير أن العلماء يشعرون بالقلق من إمكانية ظهور “سلالة خارقة” جديدة من فيروس كورونا كما رصد تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
فبعد أن تطور الفيروس بشكل سريع، باتت 99.5 % من جميع التسلسلات الجينية التي أبُلغت بها منظمة الصحة العالمية تنتمي لسلالة دلتا.
وناقش التقرير عدة احتمالات لما سيكون عليه الفيروس خلال الفترة المقبلة وفقا لعلماء متخصصين في الأوبئة أولها أنه سيتحور ببطء وثبات إلى أن يتجاوز نطاق اللقاحات الحالية، لكن هذه الأمر سيحتاج عدة سنوات.
يقول الدكتور فرانسوا بالكوس مدير معهد يو سي إل الوراثي “أتوقع أن يتطور الفيروس تدريجيا للهروب من الجهاز المناعي. وبالنسبة للأنفلونزا والفيروسات التاجية الأخرى التي نعرفها، يحتاج الفيروس حوالي 10 سنوات لتراكم تغييرات كافية لا تتعرف عليها الأجسام المضادة في الدم”.
غير أن الاحتمال الثاني هو الظهور المفاجئ لسلالة جديدة تمامًا لديها قابلية انتقال متغيرة أو شراسة أو خصائص مراوغة للمناعة. ويشير رافي غوبتا -أستاذ علم الأحياء الدقيقة بجامعة كامبريدج – إلى هذه السلالات باعتبارها “متغيرات فائقة” ويقول إنه متأكد بنسبة 80٪ من ظهور سلالة أخرى، وأنها مسألة وقت فقط.
هل سنرى متحورا خارقا؟
خلال النصف الأخير من عام 2020 بدأ علماء الأوبئة في ملاحظة علامات ظاهرة مقلقة تُعرف باسم (إعادة التركيب الفيروسي) حيث تبادلت طفرات مختلفة من فيروس كورونا وتوحدت لتشكل سلالة جديدة تمامًا.
يقول (غوبتا) إن عملية إعادة التركيب هذه ليست شائعة، لكنها تظل مصدرًا ممكنًا لمتحور خارق جديد، لا سيما في تلك الأجزاء من العالم التي يظل نسب كبيرة من سكانها غير محصنين بما يسمح للسلالات الفيروسية أن تنتشر بحرية.
ويوجد احتمال آخر وهو أن تنتشر سلسلة من الطفرات الرئيسية التي ستؤدي إما إلى نسخة محسنة بشكل كبير من دلتا أو إلى شيء مختلف تمامًا.
وبحسب الدكتور غوبتا فإن المشكلة الأكبر -التي من المرجح أن تؤدي إلى متغير خارق – هي معدل الإصابة المرتفع باستمرار في بلدان مثل المملكة المتحدة بسبب قدرة دلتا على الانتقال بين الأفراد الملقحين.
السباق بين المتحور واللقاح
يحاول علماء الأوبئة الآن وضع نموذج لما قد يبدو عليه المتغير الخارق الجديد. وحتى الآن ساعدت التحولات الكبرى في الفيروس على زيادة قابليته للانتقال.
ويوضح عالم الأوبئة بجامعة هارفارد ويليام هاناغ أن أحد الأسباب التي جعلت متغير دلتا له مثل هذا التأثير هو أنه ينمو بسرعة كبيرة داخل الخلايا البشرية قبل أن يبدأ الجهاز المناعي في العمل.
ونتيجة لذلك يحمل الأشخاص المصابون بمتحور دلتا جسيمات فيروسية في أنوفهم بمعدل 1200 مرة أكثر من سلالة كورونا الأصلية وتظهر عليهم الأعراض قبل يومين أو 3 أيام مقارنة بالمرضى المصابين بالفيروس الأصلي.
قد يبدو هذا مرعبًا بعض الشيء ولكن نظرًا لأن مصممي اللقاحات يضعون تطور الفيروس في الاعتبار، لا يتوقع علماء الأوبئة أن أي متحور فائق جديد سيجعل اللقاحات عديمة الفائدة. وبالتالي فإنه من غير المرجح أن تؤدي تلك المتحورات إلى تفشي المرض بشكل خطير مثلما حدث خلال العامين الماضيين.