غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر أصبح الفلسطينيون يُرون فجأة معتدلين والاسرائيليون ممتعضين مُتجهمين


بقلم: حيمي شليف

 قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس في لقاءات صحفية للتلفاز الامريكي إن اعلان محمود عباس الذي تناول فيه كارثة اليهود في اوروبا هو حيلة علاقات عامة ترمي الى إرضاء الرأي العام الغربي الغاضب كما قال من الحلف الجديد بين فتح وحماس. ويجب أن نعترف حتى لو وافقنا على هذا التحليل بأن حيلة أبو مازن ناجحة نجاحا باهرا ولا سيما بسبب الرد الجاف من نتنياهو وسائر متحدثي الحكومة.

هكذا بدا الامر أمس في التغطية الواسعة نسبيا التي منحتها وسائل الاعلام الامريكية لإعلان عباس، فهو من جهة زعيم فلسطيني يندد لأول مرة بالكارثة باعتبارها "أفظع جريمة على الانسانية في العصر الحديث"، ومن جهة اخرى زعيم اسرائيلي يرفض بقوة، برغم محاولة من أجروا معه اللقاء، أن يقول في ذلك كلمة واحدة طيبة. ومن جهة قيادة فلسطينية تُصور بأنها تمد يدها لإسرائيل بخاصة وللشعب اليهودي بعامة في يوم حدادهم. ومن جهة اخرى قيادة اسرائيلية متميزة بالتجهم وتحويل اعلان عباس الى وسيلة تشهير في حروب الدعاية العقيمة التي لا نهاية لها التي تقوم بها.

يدّعون من جهة دعاوى (غير دقيقة تماما) أن عباس دنس قدس الأقداس بأن شبه معاناة اليهود في الكارثة بأزمة الفلسطينيين، ومما لا بأس به من جهة اخرى أن نتنياهو يُسوي بين حماس والرايخ الثالث لأنهم "هم ايضا يريدون إحداث كارثة لليهود". وفي مقابل التقارير الاخبارية في امريكا التي تقول إن الحديث عن اجراء تاريخي لم يسبق له مثيل من قبل زعيم عربي، تأتي اسرائيل الى الملعب بـ "الموظف الاسرائيلي الأرفع منزلة" الذي يرفض بتوجيه مجهول الى صحيفة "نيويورك تايمز"، أعلان أبو مازن لأنه لم يشمل تنديدا صريحا بالمفتي الذي أيد النازيين، الحاج أمين الحسيني. من الحسن والله أنه نزل له عن صلاة "إله مملوء بالرحمة".

ليس من الواضح ايضا ما هي مصادر المعلومات التي يعتمد عليها نتنياهو، سوى خواطر قلبه، حينما يصف سقوطا عظيما لعباس والفلسطينيين لدى الرأي العام الغربي بعامة والامريكي بخاصة. إن الغضب المقدس الذي ظهر من القدس منذ عُلم امكان المصالحة بين حركتي فتح وحماس نجح في الحقيقة في إثارة حماسة قلة من المشجعين المخلصين في المؤسسة اليهودية واليمين الامريكي، لكن أكثر المراقبين، والجزء الأصغر من الرأي العام المهتم بالشأن، متحدون على رأي أن طرفي الصراع أسرى شعاراتهم هم أنفسهم ومسؤولان بصورة متساوية عن انهيار محادثات السلام. وهذا هو الموقف الذي تبنته الادارة الامريكية ايضا كما قال أمس نائب مستشار الامن القومي طوني بلنكن: "إن الطرفين غير ناضجين لاتخاذ القرارات الصعبة"، التي يُحتاج اليها لدفع مسيرة السلام قدما. فضلا عن ذلك يظهر الآن بين اسرائيل والولايات المتحدة فرق كبير فيما يتعلق بمتابعة الطريق اذا وحينما تصبح تلك المصالحة المتحدث عنها حقيقة خالصة. قال نتنياهو أمس إن اسرائيل لن تفاوض حكومة فلسطينية "تؤيدها" حماس، في حين أوضح بلنكن أن المعيار الوحيد سيكون هل تفي هذه الحكومة بالشروط الثلاثة التي اشترطها الغرب على حماس وهي الاعتراف باسرائيل، والتبرؤ من العنف والاعتراف باتفاقات سابقة. ولما كان عباس قد أوضح أن الامر سيكون كذلك فانه يمكن أن نصوغ اليوم العناوين الصحفية التي ستنذر باختلافات الرأي بين القدس وواشنطن واتهامات من مسؤولين اسرائيليين كبار بأن "اوباما خضع للإرهاب".

إن قرار المجلس الوزاري المصغر المتسرع من طرف واحد في الاسبوع الماضي على اعلان وقف المحادثات مع الفلسطينيين قد محا نقاط الاستحقاق لصورة اسرائيل التي جمعتها اسرائيل على إثر اتصالات المصالحة الفلسطينية بحماس. والآن، بدأ الفلسطينيون بعد رد نتنياهو غير الذكي على اعلان عباس المتعلق بالكارثة، بدأوا يُصورون على أنهم ذوو حساسية ومعتدلون في حين يبدو الاسرائيليون ممتعضين ومتجهمين. إن الحديث عن تحول سريع جدا ودراماتيكي جدا لو أنه حدث في جانبنا فمن المؤكد أنه كان سيجعل مُحدثه يحظى بلقب "ساحر".