غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الأسيرة المحَّررة أمل طقاطقةَ مفخرة فلسطين

الأسيرة المحررة أمل طقاطقة..jfif

بقلم الأسير / المعتصم بالله

اُعتقلت المجاهدة أمل في فترة شهدت جرائم صهيونية فظيعة وإيغال في الدم الفلسطيني، كان من أبرزها خطفَ وحرِق الشهيد الطفل محمد أبو خضير على يد عصابة صهيونية تعتبر السليل الأيديولوجي للمنظمات الصهيونية الأرغون واللّيحي وكاخ، وتلاها الحرب على قطاع غزة عام 2014م والتي أُرتكبت فيها إبادة جماعية بحق شعبنا هناك، هذه الأحداث وغيرها كانت الملهم والمحرّك للمجاهدة أمل طقاطقة لنصُرة من يتعرّضون للظلم والعدوان في فلسطين بعد أن عجز كثير من الرجال عن القيام بواجبهم المقدّس وتقاعسوا عما أمرهم الله به، فقامت بالإنقضاض على الجزّارين الصهاينة بما امتلكته من وسيلة بدائية لا تُقارن بترسانة العدو الأضخم والأشدْ فتكًا ودمارًا في العالم، فباغتها بصليات غادرة من الرصاص، اخترقت ستة منها جسدها في محاولة منه لإغتيالها مع سبق إصرار، لكنّ الله قدَّر لها البقاء على قيد الحياة، وتمَّ اقتيادها إلى السجن وهي مثخنة بالجراح في 01/12/2014م لتبدأ فصلًا جديدًا من المعاناة المضاعفة في باستيلات العدو الذي حكم عليها بالسجن سبع سنوات، اكتوت فيهنَّ مع أخواتها الأسيرات بنار السجّان وبطشه وتنكيله بهدف كسر إرادتهُّن وتفريغهنُّ من محتواهنُّ الوطني والديني والثقافي لكنه فشل بذلك، وفاجأتهنُّ بوعيهنُّ الذي لم يُصهر وبأرواحهن التي لم تُهزم، وقناعاتهن بعدالة قضيتهن التي لم تهتز، وحُبهن اللامتناهي لوطنهن، سبع سنوات عجاف قضتها المجاهدة أمل وفي كل يوم تزداد معرفة وشموخًا وعنفوانًا وتمردًا على صلف السجان وعنجهيته حتى نالت حريتها في 30/11/2021م بعد أن قضت مدة حكمها الجائر كاملًا.

في ذلك اليوم المشهود تنفَّست الصُعداء، وصعدت إلى قمَة المجد، ما أن فُلتّ قيودها حتى اندفعت بروحها الوثّابة لتتنسم عبق الحرية بين أهلها وشعبها، حيث كان في انتظارها سيلًا متدفقًا من الجماهير الزاحفة من جنوب الضفة الغربية إلى شمالها للاحتفاء بها في عُرس وطني مهيب، ومشاعر مفعمة بالزهور والعزَّة والفخار، وهم يهتفون باسمها وينشدون بتضحياتها، ونضالها ضد المحتل، فرفع الله ذكرها وعلا من شأنها.

هذه الحفاوة في استقبال المجاهدة أمل تحمل معها كثير من الدلالات والمعاني أهمها: أن المرأة الفلسطينية لا تقل أهمية في نضالها ضدّ الاحتلال عن الرجل، فقد كانت وما زالت شريكة له في كل ميادين الجهاد، وخلال الانتفاضات والهبات الشعبية المتلاحقة منذ بناء اللبنة الأولى للمشروع الصهيوني في بدايات القرن المنصرم وحتى يومنا هذا، فكان منهن الشهيدات والأسيرات والجريحات والصابرات على غياب الزوج وفراقه شهيدًا أو أسيرًا، وحملت الأمانة والأعباء من بعده في تربية ورعاية أبنائها، وأرضعتهم حليبًا كامل الدسم الثوري ليرثوا أبناءهم في حمل الأمانة.

فلا غرابة في هذه الهالة الكبيرة من التقدير والتكريم التي حظيت بها المجاهدة أمل والتي أظهرت مكانتها الحقيقية كبطلة للشعب الفلسطيني، يُعتز ويُفتخر بها وبأمثالها من حاميات المشروع الوطني، فهناك المئات ممنَّ سجل التاريخ أسمائهنَّ بحروفٍ من ذهب على صفحات من نور، وما زال العشرات منهنَّ يقاومن قهر السجان كإسراء الجعابيص وشروق دويات ونورهان عواد ومنى قعدان وملك سلمان وعائشة الأفغاني وشاتيلا أبو عيادة وميسون الجبالي وخالدة الشاويش وأماني الحشيم وفدوى حمادة وروان أبو زيادة ومرح باكير، وأخريات أوصلت المجاهدة أمل رسالتهن بكلماتها البليغة والمعترة والتي احتوت في مضمونها عدة أمور في غاية الأهمية لمن يقرأ رسالتها بعمق وتأمل وعين ثاقبة من أصحاب القرار، والتي أرادت من خلالها تسليط الضوء على معاناتهن وألمهن الذي يمزق نياط القلب من شدته، فهنَّ توّاقات للحرية وبحاجة إلى من يرفع صوتهن ويخلصهنَّ من قبضة السجان، ولم يتم ذلك إلا بوحدة الشعب الفلسطيني وبإنهاء الانقسام المقيت، وهذا الشرط ضروري لتحرير الأرض والإنسان.

كما يجب أن يكون هناك إسنادًا شعبيًا ودعمًا رسميًا وحراكًا جماهيريًا ودوليًا أوسع لنصرة الأسيرات بالذات، وتحريرهنَّ عُنوةً من ظلمات السجن الأسود وقهر السجان.

فهل إستوعب المعنييّن الدرس؟

وهل أيقظت رسالة أمل ضمائرهم بعد سُبات عميق؟

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".