ماجد الحرازين.. يا من فهمت جيداً معنى قول الله تعالى "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل...." فلم تترك ليعينك مساحة للنوم.. ولا لجسدك فرصة للراحة.. وأنت تعد العدة مع إخوانك المجاهدين لتحقيق أكبر قدر من الإيلام في صفوف بني يهود.. فعكفت على تطوير الصواريخ القدسية لتدك المغتصبات الصهيونية الجاثمة على أراضينا المحتلة خلف جدار الموت والقتل الذي يلف قطاع غزة..
فهنيئا لك وأنت تغادرنا شهيدا مكللا بالغار والعز والفخار.. هنيئا لك وأنت الذاهب إلى ربك راضيا مرضيا بإذن الله في أيام الله المباركات.. هنيئا لك أيها الماجد الأغر والفارس المغوار في ميادين الجهاد والمقاومة.. هنيئا لك ولمن سار على دربك من العظماء.. أما للآخرين باعة فلسطين والديار فليس لهم من الله والتاريخ وكل الأحرار إلا الخزي والعار.
في مثل هذا اليوم وقبل 14 عاماً ودعت جماهير الشعب الفلسطيني الشهيد القائد ماجد يوسف الحرازين "أبو مؤمن"، بعد أن أذاق العدو الويلات وجرعهم كأس المنون عبر تخطيطه لعدد من العمليات الاستشهادية التي أدت لمقتل وإصابة عشرات الصهاينة.
ميلاد القائد
ولد الشهيد القائد ماجد يوسف الحرازين "أبو مؤمن" في تاريخ 28-6-1970م، بحي الشجاعية في مدينة غزة، وعاش وترعرع في كنف أسرة فلسطينية متواضعة مؤمنة تربت على الصدق والأمانة والحب، وتتكون أسرته من والده وخمسة إخوة وست أخوات، وشاء القدر أن تتوفى والدة الشهيد أبو المؤمن قبل استشهاده بعام. ويعتبر الشهيد أوسط إخوانه الذكور.
وتميز شهيدنا ماجد الحرازين بتفوقه في مراحل دراسته المختلفة، وصفاء ذهنه وقدرته العجيبة على الحفظ وحبه الشديد للقراءة والاطلاع، حيث درس المراحل التعليمية المختلفة في مدارس مدينة غزة، وتمكن من إنهاء المرحلة الثانوية بتقدير عام مرتفع، إلا أن اعتقاله من قبل قوات الاحتلال حال آنذاك دون إكمال دراسته الجامعية، التي عاد إليها بعد الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة حيث التحق بجامعة القدس المفتوحة وحال استشهاده دون إكماله لدراسته.
وكان الشهيد الحرازين قد تعرض لمحنة الاعتقال لمرتين كانت الأولى في عام 1989 ولمدة ثمانية أشهر بتهمة انتمائه لحركة الجهاد الإسلامي ومشاركته في فعاليات الانتفاضة الأولى، فيما كان الاعتقال الثاني في عام 1992، حيث أمضى في السجن نحو خمس سنوات بتهمة انتمائه للجناح العسكري للحركة الذي كان يعرف سابقاً باسم القوى الإسلامية المجاهدة "قسم".
يذكر أن شهيدنا القائد ماجد الحرازين قد تزوج من ابنة عمه بعد خروجه من السجن عام 1992 ورزق منها بخولة، ومؤمن، ومروة، وبيسان، والتوأم فاطمة، وحمزة.
وقد عمل شهيدنا بعد خروجه من السجن عام 1997م في صفوف الأمن الوطني حيث عمل مرافقاً للشهيد القائد أحمد مفرج أبو حميد، وأكد الشهيد أبو المؤمن لذويه أنه أكتسب من عمله مع الشهيد أبو حميد العديد من الصفات ساعدته فيما بعد على تحمل قيادة العمل العسكري في سرايا القدس.
شجاعاً عنيداً
كان القائد ماجد الحرازين شجاعاً صنديدا عنيداً، وحنونا ورقيقاً، بارا بوالديه خاصة والدته التي كان دائما يقبل يديها ورأسها وقدميها، وتميز منذ نعومة أظفاره بتدينه وإقباله على الفكر الجهادي المقاوم، حيث اعتاد الذهاب إلى مسجد الشهيد عز الدين القسام بمشروع بيت لاهيا.. ذلك المسجد الذي يعد قلعة المجاهدين ومخرج الشهداء الأبطال والقادة العظام.
كما تميز شهيدنا بالسرية التامة والكتمان فكان هذا سر نجاح عملياته النوعية والجريئة، وعرف عنه حبه ورأفته بالفقراء والمحتاجين حيث كان لا يتوانى عن تقديم يد العون لكل سائل ومحروم على الرغم من ضيق العيش وظروفه الاقتصادية الصعبة التي كان يعيشها، حيث خرج عصر يوم استشهاده لشراء ملابس العيد لأطفاله الصغار، واشترى بما تبقى معه من مال ملابس لأطفال جيرانه الفقراء.
سجل الشرف الجهادي
التحق الشهيد القائد ماجد الحرازين بالجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي خلال الانتفاضة الأولى، وكان شعلة متقدة من الجهاد والعطاء، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة كان للشهيد أيضا دور كبير في إعداد جيش من سرايا القدس وتدريبه على أحدث التقنيات العسكرية، إضافة إلى إشرافه على تنفيذ عشرات العمليات الاستشهادية والجهادية النوعية والمعقدة ضد الاحتلال الصهيوني، ويسجل للشهيد ماجد الحرازين العديد من العمليات الناجحة والتي منها:
- "عملية بدر الكبرى" النوعية التي نفذها الاستشهاديان : جمال علي إسماعيل ومحمد سميح المصري باستخدام زورق بحري تم تفجيره بسفينة "دبور" صهيونية تم إغراقها وإصابة أربعة جنود صهاينة إصابات خطيرة.
- عملية "الصيف الساخن" النوعية التي استهدفت موقعاً صهيونياً في منطقة كوسوفيم شرق دير البلح، واستشهد فيها الاستشهادي محمد الجعبري وقد أسفرت العملية عن قتل وجرح العديد من الجنود الصهاينة واستقالة قائد المنطقة الجنوبية فيما بعد.
- عملية انتقام الحرائر نفذتها الاستشهادية ميرفت مسعود، والتي نفذتها وسط تجمع لجنود الاحتلال في بيت حانون شمال قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد منهم.
- عملية "أم الرشراش - إيلات المحتلة" النوعية والجريئة والتي نفذها الاستشهادي محمد فيصل السكسك "أبو همام" وقد أسفرت عن قتل ثلاثة صهاينة وإصابة آخرين.
ويسجل للشهيد ماجد الحرازين إشرافه على الكثير من العمليات منها عمليات قنص وتفجير ناقلات جند وآليات صهيونية ومتابعته الميدانية للمجاهدين وخاصة في المناطق الحدودية ومناطق الاجتياحات والتوغلات الصهيونية، وكان من أوائل المجاهدين الذين عملوا وأشرفوا على تطوير منظومة صواريخ القدس الجهادية وكان يشرف على تجريبها وإطلاقها بنفسه.
وبعد اغتيال القائد ماجد الحرازين أعلن العدو الصهيوني أنه كان علي قائمة الاغتيالات منذ تسع سنوات، واتهمه جهاز الشاباك الصهيوني بالمسؤولية عن منظومة تصنيع وإطلاق الصواريخ في الجهاد الإسلامي، كما كان له دور في إرسال استشهاديين إلى داخل فلسطين المحتلة عام 48.
رحيل القائد
وبعد مشوار طويل من التضحيات الجسام لابد للأسد أن يستريح ويلحق بمن سبقه من الشهداء فكان موعد الرحيل في مساء يوم الاثنين الثامن من ذي الحجة 1428هـ الموافق 17/12/2007م قامت طائرات العدو الصهيوني باستهداف الشهيد القائد "ماجد الحرازين" والشهيد القائد "جهاد ضاهر" من خلال إطلاق الصواريخ الحاقدة على السيارة التي كان يقودها المجاهدان بالقرب من المجمع الإيطالي في حي النصر غرب مدينة غزة، استشهد على أثرها شهداءنا الأبرار فيما أصيب خمسة من أبناء شعبنا كانوا متواجدين في الشارع لحظة الحادث المأساوي الذي أفجع حركة الجهاد الإسلامي وفلسطين بأكملها، إذ فقد قادة عظام لهم تاريخ حافل بالعمل الجهادي البطولي، ويزيد من الفاجعة أكثر أن فقدت فلسطين وبعد ساعات قليلة ثمانية من قادة ومجاهدي سرايا القدس في غارتين صهيونيتين ليرتقي إلى علياء المجد والخلود الشهداء: (عبد الكريم الدحدوح، أيمن العيلة، عمار أبو السعيد، نائل طافش، أسامة ياسين، محمد الترامسي، سمير بكر، حسام أبو حبل).
ومع انتشار خبر استشهاد القائد ماجد الحرازين تحولت شوارع غزة إلى ساحات مكتظة بالجماهير الغاضبة التي هرعت للتعبير عن غضبها، حيث صدحت حناجر الشباب بالتكبير والتهليل خلال مسيرات جابت شوارع أزقة مدن ومحافظات القطاع، وعلت أصوات المساجد مؤبنة الشهيد ورفاقه، بينما توجه آلاف المواطنين جماعات وأحادى من كافة أرجاء قطاع غزة إلى مجمع الشفاء الطبي حيث يرقد جثمان الشهيد الطاهر ورفاقه ليلقوا نظرة الوداع على قائد فذ طالما أرق العدو الصهيوني وأقض مضاجعه.
لقد بدت مظاهر الحزن واضحة جلية على الشارع الغزي فما بين شاب يبكي وطفل يكبر ومجاهد يتوعد بالثأر وآخر قد أطلق العنان لسلاحه الرشاش ليعبر عن عظيم غضبه، كانت صواريخ سرايا القدس قد وصلت إلى قلب الكيان الغاصب وزرعت الرعب والهلع في صفوف مستوطنيه. نقلا عن موقع "سرايا القدس".