أحدُهم تجرأ، واستغل حالة السكون في الشوارع، ليسرق غطاء عبَّارة الصرف الصحي، واحد من أطفال الحي الصغار كان يلعب على دراجته الصغيرة، فأعجبه ميل الرصيف ناحية الغرب، فأكمل لعبه حتى سقط في تلك العبَّارة، ليصاب في رأسه إصابة بالغة، بعدما ارتطم رأسه بحافة عبارة الصرف الصحي، كل هذا؛ لأن أحدهم فقد عقله وسرق الغطاء.
هذه قصة تتكرر بشكل كبير في غزة؛ إذ يقوم بعض اللصوص بسرقة الأغطية الحديدية الخاصة بعبّارات الصرف الصحي؛ ليبيع الواحدة منها بـ7 دولارات، والتي يزيد ثمنها الحقيقي عن 50 دولاراً.
كل ما يدور في عقل اللص هو أنْ يستفيد من ثمنها مهما قل؛ كونه لم يدفع في رأس المال، ولكن يجب أن نخبر هذا اللص أن رأس الطفل في خطر كبير، ولا يحسب هذا اللص حساباً أن المرّة القادمة ربما - لا قدر الله - يكون هذا الرأس هو رأس طفله، أو طفل قريب منه.
محمد أحمد (6 سنوات) أحد الأطفال الذين وقعوا في تلك العبَّارات التي سرق اللصوص أغطيتها، لحسن الحظ لم تكن العبَّارة عميقة، وإنما كانت ناقلاً من أحد المنازل إلى البئر الرئيسي الممتد في وسط الشارع، إلا أن محمد تعرض لجروح وكسر في قدمه؛ نتيجة هذا السقوط.
وأوضح جيران الطفل محمد بأنَّ عبارات الحي شبه خالية من الأغطية الحديدية، التي سرقتْ في الليل الحالك على يد اللصوص الذين يبيعونها بثمن بخس لأحد المجموعات التي تعمل على جمع "الخردة والحديد التالف".
10 أغطية يومياً تسرق!
بلدية غزة الجهة الموكلة بمتابعة البنى التحتية والصرف الصحي، قالت "إنها تفقد بشكل يومي من 5 إلى 10 أغطية من أغطية الصرف الصحي".
وأوضح منسق عام إدارة الصحة والبيئة في البلدية المهندس أحمد أبو عبدو لـ"شمس نيوز" في تصريحٍ سابقٍ، أن هذه الظاهرة بدأت تتوسع في الآونة الأخيرة، لاسيما بعدما قام الاحتلال بإنشاء "مجرشة للحديد" قرب معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة؛ إذ يبيع اللصوص تلك الأغطية إلى تجار الحديد، الذين بدورهم يبيعونها إلى الإسرائيليين بثمنٍ بخس.
بلدية غزة: نفقد بشكل يومي من 5 إلى 10 أغطية من أغطية الصرف الصحي وسنلاحق اللصوص قضائياً وسنغرمهم مالياً
وأشار إلى أن مدينة غزة فيها قرابة 250 ملتقط نفايات، أو ما يعرف بـ"النبّاشين" الذين يجمعون النفايات القابلة للتدوير، لتكون مصدر رزق لهم، والذين كان عملهم يرتكز في أوقات سابقة على جمع النفايات البلاستيكية والمعدنية القابلة لإعادة التدوير كمصدر رزق لهم، دون النظر إلى الحديد "الخردة"؛ كونه في ذلك الوقت لم يكن له مردود مالي؛ إذ كان سعر الطن الواحد فيه 50 شيكلًا فقط.
واستدرك حديثه: "بعد افتتاح المجرشة، وزيادة الطلب على الحديد (الخردة)، ازدادت أسعاره ليصل إلى قرابة 250 شيكلًا للطن، وهو ما دفع البعض للبحث عنه وجمعه وبيعه".
وتابع "هذا سلوك غير مبرر، وله آثار سلبية على المجتمع؛ كون أماكن وجود أغطية مياه الأمطار غالبًا تكون في مفترقات وأماكن حساسة، وقد تؤدي إلى سقوط بعض المارة فيها".
ويستغل اللصوص ساعات الليل المتأخرة لسرقة الأغطية الحديدية، وقد قبضتْ الأجهزة الأمنية على كثيرين من أولئك اللصوص الذين فضلوا السرقة على العمل، والذين تسبّبوا بأحداث دامية لكثير من الناس.
وعن جهود البلدية لملاحقة هذه الظاهرة والحد منها، قال أبو عبدو "نبذل جهوداً حثيثة لمطاردة اللصوص، وقدمنا محاضر ضبط في المراكز الشُرطية، إلى جانب متابعة الشوارع الحيوية ليلاً".
وذكر أنَّ البلدية نفذت العديد من الحملات التوعوية للتحذير من خطورة سرقة أغطية "المناهل"، داعيًا المواطنين للتبليغ عن سرقة أغطية العبَّارات.
وتوعد أبو عبدو "لصوص أغطية المناهل" بالملاحقة القضائية، والعشائرية، وتغريمهم مالياً؛ جزاء فعلتهم الشنيعة؛ لما تركته الظاهرة من نتائج سلبية على المواطنين، وتسبّبهم في إرهاق طواقم البلدية الميدانية.