توترٌ شديدٌ ظاهرٌ على الرجل، يقف فجأة رافعًا كفيه إلى السماء ويقول "يا رب"، ثم يجلس على الكرسي يقرع أصابعه، يسير يمينًا أمام الشيوخ والدعاة، ويعود ليجلس على الكرسي، في لحظات مشدودة الأعصاب؛ تشبه توتر المتفوقين في الثانوية العامة عندما يُعلَن في المؤتمر الصُحفي عن أوائل فلسطين.

مشهد ارتباك قارئ القرآن الكريم الشيخ محمود خلة، لحظة إعلان نتائج مسابقة القرآن خلال مهرجان تأبين "شهيد القدس"، في الذكرى الثانية لاستشهاد قاسم سليماني، أثار انتباه الكثير من الشيوخ والدعاة الذين بدأوا يراقبون حركاته وتوتره الشديد عن كثب.

يرتفع صوت الموسيقى عاليًا في قاعة رشاد الشوا بغزة المكتظة بالحضور؛ ليزداد خلالها توتر "خلة" (30 عامًا)، ويبدأ عريف الحفل ليعلن النتائج، ويستفتح بفئة "التدوير والحدر"، وهنا ينفض خلة يده إلى الأمام غاضبًا؛ لأنه لم يكن مشاركًا في تلك الفئة؛ ليتم تأجيل إنهاء حالة التوتر لدقائق أخرى.

الفائز في المركز الأول من فئة "التدوير والحدر" هو ليث قويدر، فرحة ليث بالفوز بالمركز الأول لم تكن كأي فرحة، حتى الشيخ "خلة" الذي سمع اسم ليث قال له بصوت عال في القاعة: "مبروك يا ليث، كنت متوقعًا ذلك، الله يوفقك".

عاد "خلة" وجلس على كرسيه متوترًا "يقرع أصابعه مرة أخرى" ليستمع إلى أسماء الفائزين، ويُشاهد التصفيق الحار من الحضور قائلًا في نفسه: "يا رب أحصل على المركز الأول"، خلة توقع الفوز في مسابقة القرآن الكريم؛ لكنه كان يبحث عن المركز الأول على مستوى فلسطين.

بعد دقائق معدودة قال عريف الحفل "أما الآن مع تكريم المتسابقين ضمن فئة التحقيق"، ضخت شرايين "خلة" دماء متسارعة أدت إلى رفع دقات قلبه؛ لتبرز حالة توتره الشديد، الفائز في المركز الأول عن فئة التحقيق هو القارئ "محمود خلة"، قفز "خلة" عن كرسيه فرحًا بالفوز بالمركز الأول، حتى بانت دموعه في عينيه؛ ليطير مسرعًا إلى منصة التكريم.

فرحة الفوز بالمركز الأول ضمن مسابقة "فئة التحقيق" في تلاوة القرآن الكريم لا تساويها فرحة، يقول خلة لمراسل "شمس نيوز" شاركت بالمسابقة لأعرف ترتيبي بين قراء فلسطين للقرآن الكريم، والحمد لله، نجحت وتفوقت، ونلت المركز الأول بفضل من الله عز وجل".

تدرب "خلة" على جميع المقاطع الصوتية المرسلة من لجنة المسابقة جيدًا؛ ليتمكن من إتقان الوقف والابتداء في تلاوة آيات القرآن الكريم، ضمن المعاير التي وضعتها لجنة المسابقة.

"إنه غذاءٌ للروح، وغذاءٌ للجسد، والتمسك بالقرآن تلاوة وتدبرًا وتفسيرًا وتنغيمًا وترقيمًا وحفظًا هي رسالتي لجميع الشباب في فلسطين وخارجها"، وفقًا للقارئ خلة.

تفاصيل المسابقة

شارك في المسابقة القرآنية 200 متسابق من "القدس وأراضي الـ 48 والضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، كما تم تقسيم المسابقة إلى فئتين: فئة التحقيق للبالغين (من 26 عامًا حتى 60 عامًا)، وفئة التدوير والحدر للبالغين (من 13 عامًا حتى 26 عامًا) وفقًا لعضو لجنة التحكيم الشيخ شعبان إصبيح.

وأوضح إصبيح لمراسل "شمس نيوز" أن لجنة التحكيم وضعت 4 معايير للنطق بالحكم على المتسابقين وهي (الوقف والابتداء – أحكام التلاوة والتجويد – التنغيم – الصوت)، وشهدت المسابقة تحديًا كبيرًا بين أعضاء لجنة التحكيم؛ بسبب المنافسة القوية بين المتسابقين أصحاب الأصوات الندية.

ومدد أعضاء لجنة التحكيم أيام الحكم على المتسابقين لثلاثة أيام أخرى؛ لإعادة الاستماع للمقاطع الصوتية؛ بسبب المنافسة القوية؛ حيث أكد إصبيح أن جميع المتسابقين يستحقون الفوز بسبب أصواتهم الندية؛ لكن هناك معايير تحكم النتائج النهائية.

ويحصل الفائز بالمركز الأول من كل فئة في المسابقة على 5 ليرات ذهب، وقال إصبيح: "تم توزيع 30 ليرة ذهبية على الفائزين بالمراكز الخمسة الأولى من كل فئة.

فلسطينية بامتياز

الفائز بالمركز الأول ليث قويدر: شارك في مسابقات عدة للقرآن الكريم، وكان يحصل على المراكز الأولى؛ لكنه أكد لمراسل "شمس نيوز" أن مشاركته في مسابقة القرآن الكريم تحت إطار "لجنة شهيد القدس" مميزة؛ كونها فلسطينية بامتياز؛ حيث شارك فيها الكل الفلسطيني.

وأكد قويدر أن لا طريق للعزة والكرامة دون طريق القرآن الكريم؛ داعيًا جميع الشباب والجيل الصاعد إلى حفظ وتلاوة وترتيل القرآن الكريم.

المشاركة بالمسابقة فخرٌ لنا

رئيس جمعية اقرأ الخيرية الشيخ عبد الفتاح حجاج، أكد أن الجمعية تفخر بمشاركتها في مسابقة تحمل اسم "القدس والأقصى"؛ للتأكيد على إسلامية القدس وفلسطين، وأنها قضية لا يمكن التخلي أو التنازل عنها.

وأشار حجاج لمراسل "شمس نيوز" إلى أن الإعلان عن الفائزين في المسابقة يأتي خلال حفل تأبين في الذكرى الثانية لشهيد القدس "قاسم سليماني"، قائد فيلق القدس في إيران؛ ما يؤكد قيمة هذا الشهيد الذي دفع وقته وروحه من أجل القدس والمقاومة في فلسطين.

وتحرص الجمعية -وفقًا للشيخ حجاج-على المشاركة في جميع المسابقات القرآنية، سواء المحلية، أو العربية، أو الدولية؛ لأن ذلك من شأنه رفع مستوى المشاركين للوصول إلى أفضل النتائج، وزيادة الكفاءات بين أعضاء الجمعية.