غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الفرق بين التربية المنفصلة والتربية المشتركة

شمس نيوز -وكالات

يحدث في كثير من العائلات العربية أن ينضم الجد أو الجدة أو هما معًا، للإقامة والعيش بمنزل الابن أو الابنة وأحيانًا بصفة دائمة، ما يشكل مصادر حب جديدة بالنسبة للطفل "الحفيد"، لكنّ المشكلة دائمًا ما تنشأ بسبب التناقض في وجهات النظر وأساليب التربية بين الأجداد وبين الوالدين، إضافة إلى التدليل والإفراط في الحماية الذي يتبعه الأجداد عمومًا، ما يتسبب في وجود مشاكل وخلافات تنعكس على حياة الطفل أولاً، والعلاقة بين الآباء والأجداد ثانيًا. عن الفرق بين التربية المنفصلة -الآباء والأبناء-، والتربية المشتركة التي يتواجد فيها الآباء مع الأجداد بمكان واحد وإيجابياتها وسلبياتها .

تحدثنا الدكتورة فاطمة الشناوي أستاذة الطب النفسي واستشارية العلاقات الاجتماعية والأسرية في التالي.

قيمة الأجداد في عيون الأحفاد

الأجداد مصدر للمعرفة والمشورة للأجيال الشابة، والجلوس معهم ومتابعتهم، فيشعر الأحفاد بالكم الهائل من الخبرة والمعرفة.

حكايات الماضي على لسانهم تبدو وكأنها تاريخ حقيقي؛ الأجداد شهدوا العديد من الأحداث التاريخية، التي قرأ عنها الأحفاد في كتب التاريخ.

الأجداد يمدون الحفيد بالشعور بالانتماء، ويمكن للأجداد القدامى أن يكونوا صديقًا مؤتمنًا، ويستطيعون ملء ذاكرة الطفل لتكون مستودع للمعلومات.

العلاقة بين الأجداد والأحفاد تعطيهم شعوراً بالهوية وفكرة من أين أتوا، ما يجعلهم يشعرون بمزيد من المساندة في العالم الكبير جداً.

الأجداد منبع التقاليد والأصول

الأجداد بطبيعتهم يمدون الأحفاد بالكثير من الحب، مع بعض المساعدة والرعاية، ما يخلق بداخل الأحفاد معنى احترام وتقدير كبار السن.

إذا كان الأحفاد على اتصال منتظم بأجدادهم، فسوف يمنحهم هذا شعوراً أكبر بالترابط مع عائلاتهم، والتيقن من قيمتها بشكل كبير.

الجد أو الجدة عندما يدخل عقل الحفيد- يقتنع به عن حب وتقدير- الذي يحتك به بشكل يومي، يجعله أكثر وعيًا بالتقاليد والأصول الثقافية، وربما أكثر مما قرأه بالكتب.

سلبيات التربية المشتركة:

يصبح هناك إرباك في تنفيذ خطّة الوالدين التربوية، خاصة إذا كان احتكاك الأبناء مع الأجداد بشكل يومي، ما يسبّب تضارب في التعليمات التي يجب على الطفل الحفيد إتباعها، ينتج عنه ضياع وعدم وضوح فيما يجب عليه فعله وما يجب تجنّبه.

يحدث تأخّر في نموّ عامل الضبط والتوجيه الذاتي لدى الطفل الحفيد، ما يجعله بحاجة دائمة إلى من يصدر إليه التعليمات والإرشادات، ويكررها حول كيفيّة تصرفه الذي يفعله إرضاءً للآخر أو تجنبًا للعقاب.

والصحيح أن السلوك الطيب الأخلاقي يجب أن ينمّ عن منظومة قيم ثابتة ونظام تربوي منسجم ومتناغم، وعن شخصيّة قادرة على الاستقلالية، من دون تردد أو انصياع لأخر يخالف قناعاته التي أسسها الآباء وقانون المنزل.

التربية المشتركة تبني شخصيّة غير ناضجة؛ طفل يتلقى الأوامر والنواهي من جهات عدّة ومتناقضة، وأحياناً يرحب الطفل بتواطؤ الأجداد معه، الذي يصل لدرجة التستّر على خطأ ارتكبه أو حصوله على ما يريد.

وتحت شعار الحب والتفضيل والاهتمام من جانب الأجداد لأحفادهم، وبغض النظر عن موافقة الأهل، يندفع الطفل لاحقاً إلى التصرف بالخفاء بدون مراجعة أبويه أو الوقوف عند رأيهما.

رغم حب الأجداد.. هناك مميزات للتربية المنفصلة

بمعنى أن يقوم الآباء بتربية أطفالهم وحدهم، أن يتبعوا معًا أسلوب واحد مُتفق عليه في الحياة أو التعامل مع الآخرين؛ أقارب أو جيران أو أصدقاء دون تدخل أو اعتراض من الآخرين.

تتيح لهم الإبقاء على التعرف على تفاصيل حياة أطفالهم، وما يحدث فيها، يستطيعوا الاحتفاظ بأرقام وعناوين للتعرف على ما يحدث في حياة الطفل، والقدرة على التدخل في الوقت المناسب.

تدخل الأجداد تحت مظلة الحب والاهتمام والحب الأفضل للحفيد، يزيد من توتر الآباء، ويجعل الابن الحفيد يعيش توترًا من نوع ثان؛ بين رأى وقوانين المنزل، وبين رغبتهم الخاصة التي يساندهم فيها الأجداد.

التربية المستقلة تحقق المزيد من الاستقرار للأبناء، وتعطي للآباء مكانتهم ومزيد من الاطمئنان، وذلك بمتابعة روتين طبيعي عفوي داخل المنزل من دون اعتراض أو تدخل من أي طرف.

العلاج: بالتنسيق بين الآباء والأجداد

ومن أجل إتمام عملية تربية الأطفال وتنشئتهم بنجاح، لا بدّ من التنسيق بين الرؤية التربوية للوالدين وبين الأفكار التي تخص الأجداد؛ بحيث يقتصر دور الجد أو الجدة، على الحب والمساعدة، والإشراف والرعاية حالة غياب الوالدين.

كما يمكن للأهل الاستفادة من خبرة وحكمة الأجداد، والحرص على إبراز التقدير والاحترام لما بذلوه من جهد وتضحيات، وأن يظهر ذلك أمام الأبناء، من دون مبالغة وبصدق شديد.

بالمقابل، فإن على الأجداد ترك المجال أمام أبنائهم للقيام بواجباتهم ومسؤولياتهم تجاه الأسرة الجديدة الناشئة، والحفاظ على استقلاليتها واحترام خصوصيتها، بل ومساندتهم وتدعيم ما يقولون وما يفعلون.

ولعل الحوار الهادئ والنقاش الواضح هما الطريق الأفضل للتوصّل إلى خطة تربوية سليمة؛ بعيدًا عن التناقضات بسبب تدخل الأجداد في تربية الأحفاد، مع التشديد على إيجابيات التنسيق بين الطرفين والتناغم فيما بينهما، لما فيه مصلحة الطفل الحفيد.