التفرد الأمريكي الذي قام على الأحادية القطبية، بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية ولى وبلا رجعة ، والأزمة الأوكرانية ، شكلت نقطة فصل في تحديد ملامح النظام العالمي الجديد ، فقد تبلورت التحالفات الجديدة بوضوح ، الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ، من جهة ، وروسيا والصين من أخرى
روسيا طرحت شروطها على الولايات المتحدة، لعدم غزو أوكرانيا ، في نوع من التحدي
وهنا يداهمنا السؤال :
هل العالم مقبل على نظام متعدد الأقطاب؟
تأتي الإجابة ، إن العلاقات الدولية تمر بمرحلة انتقالية ، تعاد فيها صياغة إوزان القوى الدولية وعلى قاعدة المحاصصة ، بتوزيع الحصص في المصالح والثروات
الأزمة الحالية، خلقت معطيات جديدة في الصراع، وهي الضمانات بين روسيا وأوروبا ، وهذا يذكرنا بأزمة الصواريخ الروسية في كوبا عام 1962، مقابل ضمانات أمريكية بعدم غزوها
روسيا تطالب بضمانات أمنية موثقة، لأنها تشعر أن أمنها بات مهدداً، جراء توسع حلف الأطلسي باتجاه حدودها الغربية، ومحاولات ضم أوكرانيا إلى حلف الأطلسي ونشر قوات أطلسية في دول أوروبا الشرقية التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق، إنما هي تمارس حقها الطبيعي في حماية أمنها، لشعورها بأن الدول الغربية وخصوصا الولايات المتحدة تسعى لمحاصرتها، تمهيدا للانقضاض عليها من الداخل في الوقت المناسب
وفي الحقيقة
إن الموقف الأوروبي واضح وهو العمل على حماية القارة وتجنيبها ويلات الحرب، وهي تدرك تماما أن ذلك لن يتحقق إلا من خلال ضمانات أمنية متبادلة بينها وبين روسيا، وهو ما يجري العمل عليه.. وذلك يحتاج إلى جهد وثقة متبادلة
قيصر روسيا الذي خبر الغرب جيداً ، يساوره هاجساً أن الغرب يريد تفكيك روسيا ، لذا نشر 127 ألف جندي روسي على حدود أوكرانيا، للدفاع نفسه أمام الأطماع الأمريكية والغربية ، ويطمح بإعادة الإمبراطورية السوفياتية إلى ما كانت عليه، لكنه سوف يعيد إلى روسيا موقع الدولة العظمى
قيصر روسيا ، يخوض حروب الجوار مباشرة كإحدى وسائل الضغط ويرى أن الحلف الأطلسي سرطان يجب استئصاله
وبالرغم من أن أوكرانيا أصبحت خارج الاتحاد السوفيتي سابقا ، منذ ثلاثين عاما، لكن من الصعب على بوتين أن يتقبل ذلك. فهو يرى إن بلاده ، محاصرة بالأطلسيين من كل جانب، لذا يحاول تعبئة الرأي العام الروسي وتهيىته ، بأن الاطلسيين على الابواب
وهنا يداهمنا السؤال الأكثر إلحاحاً :
هل يقامر قيصر روسيا بخوض الحرب في أوكرانيا؟
خيارات القيصر في غاية الصعوبة ، فالحرب قادمة لا محالة و هذا بالتأكيد ما يخشاه القادة الغربيون وأوكرانيا نفسها.
وعودة إلى ما قبل سبع سنوات فقط، استولت روسيا على جزء من أوكرانيا ودعمت الانفصاليين الذين بدأوا صراعاً في مناطق واسعة شرقي البلاد.
القيصر مصمم على تقديم تعهد من حلف الناتو ، مقابل عدم احتلال أوكرانيا وعلى الرغم من أن الجانبين أجريا مفاوضات مضنية لكن دون جدوى. ونتساءل :
لماذا تهدد روسيا اوكرانيا؟
قيصر روسيا بوتين نفى وجود نية لديها لغزو اوكرانيا رغم أنها حشدت نحو أكثر من 100 الف جندي على حدوده ويبدو إن روسيا وضعت نصب أعينها منع اوكرانيا من الانضمام الى المؤسسات الأوروبية وخصوصاً حلف شمال الاطلسي الناتو
وفي الحقيقة :
تشترك أوكرانيا في الحدود مع دول في الإتحاد الأوروبي بالإضافة إلى روسيا. وباعتبارها جمهورية سوفيتية سابقة، فإنها تتمتع بعلاقات اجتماعية وثقافية عميقة مع روسيا وينتشر فيها التحدث باللغة الروسية على نطاق واسع.
وعندما عزل الأوكرانيون رئيسهم الموالي لروسيا في عام 2014، استولت روسيا على شبه جزيرة القرم الجنوبية وضمتها إلى روسيا، وأستولى الانفصاليون المدعومون من روسيا على مساحات شاسعة من الأراضي الشرقية لأوكران
ونتساءل :
هل هناك تهديد حقيقي بالغزو؟
قيصر روسيا هدد باتخاذ ما أسماه بالإجراءات العسكرية والتقنية المضادة المناسبة في حال إستمرار الغرب في اتباع ما وصفه نهج عدائي ضد روسيا.
و الأمين العام لحلف الناتو قال أن هناك امكانية حقيقية لنشوب مواجهة بينما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه يتوقع أن تجتاح روسيا الحدود الأوكراني
وتقول الولايات المتحدة إنها على إطلاع على خطط روسية لتعزيز قواتها قرب الحدود مع أوكرانيا خلال فترة قصيرة.
وتقول أوكرانيا إن روسيا أرسلت دبابات ومدفعية وقناصة إلى الجبهة في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. لكن وجود أكثر من 100 ألف جندي روسي على مقربة من الحدود الأوكرانية هو الأمر الأكثر إثارة للقلق.
ورغم أن بوتين لم يكشف عن نية بلاده غزو أوكرانيا، لكن أجهزة المخابرات الغربية وكذلك الأوكرانية، تعتقد أن ذلك قد يحدث في أي لحظة
وتقول المخابرات الأمريكية أن ما يصل إلى 175 ألف جندي روسي يمكن أن يشاركوا في هذه التحركات
و أن بوتين يضع الجيش الروسي وأجهزة الأمن الروسية في مكان يتيح لها التصرف بطريقة شاملة للغاية
العالم يتغير بسرعة والصراع بين القوى الدولية يأخذ منحى خطير ، والولايات المتحدة الأمريكية ترمم من حلفائها ، لأن تفردها في مصير العالم ولى بلا رجعة والعملاق الروسي يكشر عن أنيابه ، وأضحت مسألة أوكرانيا تخنق القادة الروس وتؤرقهم ، فهل يقامر القيصر بغزو أوكرانيا ؟
الأيام القادمة تحمل في طياتها الكثير وان غداً لناظره قريب