مهما حاولت التدقيق في قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الأخيرة بحثًا عن بصيص أمل، يمكن التعويل عليه بألا تكون القرارات الأخيرة، مجرد ديباجة مكررة من قرارات سابقة لا تعدو كونها حبرًا على ورق، للتستر على الفشل الكلي لنهج السلطة، فلن تجد مثل هذا الأمل.
كما لن تجد بصيصا منه، حتى لو ابتعدت عن قضية التحرر الكبرى، وغيبت اللجوء والتشريد، وركزت فقط على القضايا اليومية والحياتية بمعزل عن الاحتلال.
فافتقار البيان حتى لفقرة لمراجعة الذات، أو توجيه ولو انتقادا بسيطا لعمل السلطة، وحكومتها وأدواتها، يدل على أن من يرأس السلطة، ومن يشاركه في قيادتها، بات يتصرف وكأن المنظمة هي الخاضعة للسلطة، وهي الفرع الذي يجب أن يهلل للأصل.
ويتضح هذا جليًا حتى في القضايا التي قرر المجلس فيها أن يهلل لعمل الحكومة الفلسطينية (حتى بغير وجه حق)، وتجاهل القضية الأبرز، التي يفترض أنها من أهم مهام الحكومة، وإسقاطها من مسؤولية الحكومة، التي تملك أكثر من جهاز أمني وشرطي، من الأمن الوقائي للأمن الرئاسي ناهيك عن الشرطة والمخابرات العامة، وأعني بها حماية أمن المواطن الفلسطيني وحياته.
وكي لا يبقى الكلام طلسما من الطلاسم، نورد البند المقصود بهذا الكلام. فقد جاء في نص قرارات المركزي الفلسطيني، في البند الرابع تحت العنوان الفرعي "على المستوى الوطني" حسبما ورد على موقع وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا": "ويعبر المجلس عن تقديره للجهود التي تقوم بها الحكومة في رعاية أبناء شعبنا الفلسطيني، اقتصاديًا وصحيًا وتعليميًا واجتماعيًا".
ويضيف: "ويؤكد المجلس المركزي على دعمه للحكومة في إستراتيجيتها الرامية للانفكاك عن الاحتلال، وتعزيز الصمود لأهلنا في أرض دولته، وعاصمتها القدس الشرقية".
تعكس هذه الفقرة، وإسقاطها لواجب الحكومة الفلسطينية بحماية أمن المواطن مقابل كيل المديح لها، بدلًا من محاسبتها، حجم البلادة والاستعلاء المسيطرين على من يقود السلطة ويتحكم بالمنظمة، في الكذب بصلافة، حتى على من يعيش من أبناء هذا الشعب في الضفة الغربية المحتلة.
إن مخاطرة آلاف الشبان الفلسطينيين في محاولة اجتياز الحدود، للعمل بالأعمال الشاقة في الداخل وفي إسرائيل بدون تصاريح، وعزوف آلاف الشباب الفلسطيني عن التعليم، لفقدانهم الأمل بوظيفة بعد التخرج تكفيهم لإعالة أسرهم، كافية لدحض بيان المركزي كله، وكشف خطورة هذا النهج على كل الشعب الفلسطيني.