بقلم/ الأسير القائد «سامح الشوبكي»
سجن رامون الصحراوي
عنيدٌ في مواجهاتك.. جميلٌ في سجاياك
في مثل هذه الساعات وقبل واحد وعشرين عامًا كانت جحافل جنود الاحتلال ودباباته وفرادى طائرات الأباتشي أمريكية الصنع تضرب حصارًا عسكريًا شاملًا حول بلدة صيدا شمال مدينة طولكرم، وقد بدأت قوات الموت الراجلة تتقدم إلى قلب صيدا التي أذاقت الاحتلال الويلات.
وكان هذا الاحتلال هذه المرة يريد الوصول إلى أحد أبرز قادة انتفاضة الأقصى في شمال الضفة الفلسطينية والمطارد من العصابات الصهيونية الشيخ جاسر عفيف رداد (أبو الليث)، هذا القائد الفذ الذي إذا ذُكر الجهاد الإسلامي وذراعه العسكري (سرايا القدس) حضر بجولاته وصولاته الجهادية المقاومة والاستثنائية، كيف لا وهو صديق الشهداء القادة:
أسعد دقة، وإياد الحردان، وإياد صوالحة.
ورفيق الأسرى الفرسان المحكومين بالسجن مدى الحياة:
زيد بسيسي، وأحمد فني، وباسل عجاج (مخلوف)، أبناء بلدته المجاهدة.
ومع هدير الطائرات وضجيج الدبابات التي تضربُ الطوق تلو الطوق أدرك الشيخ المقاوم جاسر رداد أنهُ هو المستهدف من عملية الاقتحام هذه، وقد صدق حدسه فما هي إلا لحظات حتى حاصر الجنود بدباباتهم الحي ثم المنزل الذي تواجد فيه، ولأنه ابن سرايا القدس المظفرة، ولأن قاموس الجهاد الإسلامي يخلو من مفردات الاستسلام والمهادنة والفرصة الثانية، كان القرار بالمواجهة حتى الاستشهاد.
وبدأ الاشتباك المسلح بين القائد أبو الليث وآلة القتل الأعتى في المنطقة، وبعد ساعات من المواجهة الباسلة كان قرار مسؤول الحملة في جيش الاحتلال بهدم ونسف المنزل الذي يتحصن فيه الشيخ جاسر، الذي أدى جسارة غير معهودة في قواعد الاشتباك العسكري.
وهنا بدأت الجرافات العاتية بالتقدم لتهدم المنزل الذي يضم مجاهدنا المقدام وفي أثناء ذلك تشاء الأقدار أن ينهار أحد جدران المنزل على قائد الحملة العسكرية (أيال بايد) ليُقتل على الفور.
وبينما كانت كل التوقعات بعد هدم المنزل بالكامل ترجح استشهاد مجاهدنا أبو الليث إلا أن القدر قد حمل لهُ من العمر بقية، يعيشُ من هُدم المنزل على رأسه ويُقتل من أمر بالقتل تحت أنقاض هدمه، ويتم استخراج القائد مصابًا مدممًا ليبدأ جولة جديدة في الأسر والاعتقال بعد حُكمه من محاكم الاحتلال الغاشم بالسجن مدى الحياة.
نعم يا أبا الليث عرفناك مقاومًا عاشقًا لعبير الوطن والقدس.
عرفناك ثابتًا صابرًا مؤمنًا بأن الله لن يضيّع عباده.
عرفناك منظرًا لمبادئك لا تثنيك سنوات الأسر الطويلة عن قناعاتك بحتمية النصر والتمكين، واليوم وأنت تدخل عامك الواحد والعشرين في سجون الاحتلال نُهديك التحية الجهادية الخالصة وأنت أيها الفارس على يقين كما تخبرنا دومًا أن إخواننا القادة في حركتنا الجهادية المباركة وقادة الفعل المقاوم لن يفتر لهم عزم حتى نلتقي جميعًا في رحاب الوطن أحرارًا مكرمين.
أخوك المحب/ سامح الشوبكي (أبو محمد)