عندما دخلت سجن نفحة الصحراوي كنت قد قمعتني ونقلتني إدارة مصلحة السجون من سجن هداريم بحجة التحريض وإقامة جلسات تحرض على ادارة السجن وجود ممنوعات ونقل رسائل ما بين السجون.
بعد يوم شاق من البوصطة التي تنقل الأسرى بين السجون والمعتقلات وصلنا إلى سجن نفحه الذي لا يبعد قليلا عن الحدود المصرية وعن مدينة ايلات (أم الرشراش المحتلة) وعن منطقة تعرف (بالعرابة) وهو سجن قديم ومن افتتاحه يتواجد فيها كبار الأسرى والمعتقلين الذين كان لهم دورا في عدة عمليات فدائية خارج السجون وكان لهم دورا في بناء الحركة الوطنية في السجون وقدم السجن عدة شهداء ومنهم الشهيدين راسم حلاوة وعلى الجعفري وقد السجن أكثر من مرة احتجاجات واضرابات ونضالات السجون كافه
تم تفيشنا والعبث في أغراضنا وتشخيصنا وعرضنا على ضابط استخبارات السجن المدعو (هلين) الذي بدوره هددني وتوعدني بالعقاب اذا تدخلت بأي أمر أو حرضت أو عملت جلسات وقال لي انت سوف تكون في قسم (5)، (مكة) كما يطلق عليه الأسرى علما بأن هذا الضابط تم طعنه من قبل المجاهد عوض الصعيدي في سجن نفسه بعد تمادي إدارة السجون على الأسرى وكان قسم 5 يسكن فيها آنذاك كل الفصائل ولم يكن الانقسام قد وقع بعد بين فتح وحماس وقد حصلت انتخابات المجلس التشريعي وقد كنت في القسم وحصل احتكاك واحتقان ما بين فتح وحماس وقمنا لترطيب الأجواء وأن لا يؤثر ما يجري في خارج السجن على علاقتنا ولكن للأسف تأثرنا بما حصل وكان ذلك من أسباب هجوم إدارة السجون علينا.
دخلت القسم رحب بي أحد ممثل القسم وهو من قادة حماس. وهو نضال حسان وقد أفرج عنه في صفقة وفاء الأحرار وعلمت انه توفي وهو من عائلة حسان المعروفة بجهادها وقد استشهد ابنه وهو من مقاومي القسام من قطاع غزه وقال لي انت على غرفة 45 َوغرف هذا القسم مقابله لبعضها البعض
فتح السجان الغرفة وقد كان موعد القيلولة أي بعد صلاة الظهر وقد كان كل من الغرفة نائمين
فنظرت إلى يمني وحدت كهلا كبيرا واعتلى وكسا الشيب راسه نائم ويغطي جسده بقطعة قماش وفي (البرش) أي السرير الأخير في زاوية الغرفة ينام أخرى
بعد انتهاء القيلولة بدأ ذاك الفدائي يجهز نفسه للصلاة العصر وكذلك يطلب من باقي أفراد الغرفة من المجاهدين ان يكونون مستعدون للصلاة شعرت برهبة أمام هذا الرجل الصلب وانه انسان جدي وعملي
صلينا العصر في فورة القسم الضيقة وعدنا للغرفة وهنا بدأ الحديث الأول معه ومن أفراد الغرفة وبعد صلاة العشاء والتراويح لأن كان ذلك في شهر رمضان في عام 2005م
قعد الفدائي جلسة تعارف فبدأ التعارف مر عنده اخوكم في الله احمد عبد الرحمن أبو حصيرة ابو العبد، لي في السجن 25عام محكوم 35عام كنت محكوم مؤبد مدى الحياة تم تحديد المؤبد لي
اخوكم في الله عاهد عساكره من العساكره بيت لحم اخوكم في الله نادر عساكره اخوكم في الله أبو عبد الرحمن حسان من بيت لحم اخوكم في الله شعبان حسونة من حي الشجاعية اخوكم في الله ثائر عزيز حلاحله من خاراس الخليل وهكذا عرف كل اخ عن نفسه وعن بلدته وعن حالته الاجتماعية عن حكمه عن مؤهله العلمي
فبدأت علاقتي بهذا الفدائي البسيط العنيد الذي يعشق المشي والبحر والصيد والسمك والسلاح والمقاومة والجهاد
فحدثني عن اعتقاله الأولى وعن الاعتقال الثاني وعلاقته مع الشهيد المؤسس فتحي الشقاقي امين عام الجهاد الإسلامي وعن علاقته بالشيخ عبد العزَيز عوده وعن علاقته مع الشيخ كايد صرصور من الخليل وعن عملياته وعن تشكيل حركة الجهاد الاسلامي في السجون وعن احمد مهنا وعن زياد نخاله وعن جبر عمار وعن حافظ الدلقموني وعن حسبة السمك وعن أهميته للنظر وعن القوارب في البحر وعن ام العبد زوجته التي أحبها وصبرت معه وتحملت معه كل السنوات من الغياب والسجن َوعدم وجود أطفال لديها
ولكن الذي يميز هذا الرجل وهو اميرنا وقائدنا وعنوان لنا هو الالتزام ثم الالتزام ثم الالتزام وهو رجل عسكري ملتزم مؤمن يسبح باستمرار ملابسه دوما ملابس السجن الخاصة بإدارة السجون المعروفة ملابس الشاباص
وقد تم إطلاق سراح ابو العبد ضمن صفقة َووفاء الاحرار ضمن عملية التبادل مع المقاومة وكيان العدو الاسرائيلي
كنت في سجن عوفر القريب من رام الله المحتلة وفي قسم 22 الذي أطلقت عليه اسم قسم المقاومة الذي كانت فيه 4فصائل حماس والجهاد والجبهتان سمعت ان الأخ ابو العبد ابو حصيره قد توفي في هذا اللحظة شعرت بحزن لفقدان هذا الرجل الإنسان والأب الذي بعد خروجه من السجن َتحروه تزوج َزرق بطفله اسمها نور وطفل اسمه علي اسم والده عبدالرحمن سمعت ان ابو العبد توفي كان وقع الخبر كبير تحركت مع اخواني أسرى الجهاد الاسلامي حتى نقوم بالواجب ابلغنا الفصائل سنقيم صلاة الغائب على روحه وسيكون هناك بيت عزاء وفعلا صلينا العصر َصليت صلاة الغائب روحه َقد تحدثت قبل الصلاة عنه
استقبلنا مملثي الفصائل في القسم وألقيت الكلمات تحدثت عن الجهاد الاسلامي وقد قلت رحلت رفيق درب الشقاقي واول غيث الجهاد الاسلامي هو والحسيني وكم كان ابو حصيره إنسانا بمعنى الكلمة وفدائيا عنيدا وثابتا
وقد تحدث أحد قادة حماس في السجن عن الراجل وعن دوره الجهاد الجهادي
وتحدث ممثل الجبهة الشعبية والديمقراطية
ونعته في الخارج قيادة الجهاد الاسلامي وتم عمل مراسم عسكرية من قبل مجاهدي الحركة
وها هو عام مر علي فقدنك ايها الحبيب وانا لا زالت حاضرا بكل عطائك واخلاصك وحبك لإخوانك َوبقيت للحظة الأولى حرا ملتزم بالخط والمدرسة وبالنهج المقدس الذي بنيته انت ورفيقك وصديقك الشهيد فتحي الشقاقي
في يوم فقدانك نترحم عليك
ونعاهدك وكل الاحرار والمخلصين ان نبقى على العهد والدرب حتى الحرية والاستقلال
الحرية لفلسطين
الحرية لاسرى فلسطين
