غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر معركة جنين .. تاريخ يلوّنه الدم.. وترويه الأجيال

شمس نيوز/ قاسم الأغا

عامٌ يتلوه آخر، يمر على ذكرى معركة جنين، وتبقى قصص الصمود والشهادة في المخيم محفورة في وجدان أبنائه وكافة الفلسطينيين الذين يتناولونها جيلاً بعد جيل، ويتلقفها الصغار قبل الكبار، يسردون رحلة الحياة والدم التي خاضها أبناء المخيم بأكفهم الطاهرة ليحطموا أسطورة الجيش الذي لا يقهر، التي طالما تفاخر بها العدو، وليصنعوا النصر بدمائهم وأجسادهم.

مع بداية شهر أبريل/ نيسان من عام 2002 اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي مدججاً بالآليات العسكرية تسانده الطائرات الحربية مخيم جنين، وشنَّ هجوماً شرساً وواسعاً على المخيم من كافة الجهات وقصفه قصفا جوياً عنيفاً، بذريعة القضاء على "البنية التحتية للإرهاب الفلسطيني" كما جاء على لسان وزير جيش الاحتلال في حينه  شاؤول موفاز الذي كان يشرف على العمليات بنفسه.

وقام المقاتلون الفلسطينيون بتفخيخ مداخل المخيم بالعبوات الناسفة، مما أدى إلى إعطاب عدد من الدبابات والمجنزرات الإسرائيلية وقتل العشرات من جنود الجيش الإسرائيلي، وصمد المخيم على هذا الحال 11 يوما بدأت (1/4) وانتهت في(12/4)، إلى أن وضعت الحرب أوزارها ونجم عنها تدمير المخيم بشكل شبه كلي وارتقاء 60 شهيداً فلسطينياً من بينهم 26 مقاوما، إضافة إلى مصرع 24 جنديا إسرائيليا.

نموذج للبطولة

القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بمخيم جنين، إبراهيم جبر، قال إن "معركة جنين تمثل نموذجاً من نماذج البطولة والتضحية اللامحدود، والكف الذي يلاطم المخرز، كما تمثل كسرا للعنجهية الصهيونية التي كانت تعتقد أنها بآلتها العسكرية العاتية تستطيع تحطيم إرادة الشعب الفلسطيني"، مضيفاً " المعركة لم تنته بعد، وإنما كانت مرحلة من مراحل الصراع الطويل مع الاحتلال الإسرائيلي".

وتابع جبر في حديثه لـ"شمس نيوز": المخيم رغم التدمير الذي لحق به واستشهاد عدد لا بأس به من الأبرياء، نساء وأطفالا وشيوخا، واعتقال المئات من أبنائه داخل السجون الإسرائيلية، إلاّ أنه شكَّل ولا يزال يشكل هاجس خوف ومصدر قلق للاحتلال"، مؤكداً على أن المخيم سيبقى باسلاً وشامخاً رغم الصعاب و الإجرام الذي يُمارس عليه من قبل المحتل لكسر شوكته.

وبيَّن القيادي  في حماس، أن ثمة عوامل دفعت المخيم للصمود والتضحية، وهي إيمان أبنائه بالله عز وجل، وصدق عدالة قضيتهم وتفانيهم في التضحية وإصرارهم على الصمود والثبات وتحقيق النصر رغم تواضع العتاد الذي كان بحوزة مقاوميه، لافتاً إلى أن عامل الوحدة منقطعة النظير التي تميز بها المخيم ولا يزال، وتجلت مؤخرا بارتقاء الشهيد حمزة أبو الهيجا ورفيقيه من سرايا القدس وكتائب الأقصى، قلب معادلة القوة خلال المعركة.

وتابع قائلا: آن الأوان للجميع أن يدرك خطورة المرحلة الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية، لذلك لا بد من إعادة اللحمة والعمل على تعزيز الوحدة وإنهاء الانقسام بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد" مشدداً على أن الخلاص والتحرر من الاحتلال لا يكون إلاَّ من خلال الوقوف صفاً واحداً تحت مظلة الوحدة الوطنية.    

حققت المفاخر والمآثر

بدوره، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين طارق قعدان، إن الشعب الفلسطيني استطاع من خلال معركة جنين أن يسطر أروع ملاحم البطولة والتضحية، كما حقق المفاخر والمآثر"، مشيراً إلى أن المعركة كانت وما زالت قدوة لسالكي طريق الثورة و لكافة المنحازين لهذه القضية المقدسة.

وتابع قعدان متحدثا لـ"شمس نيوز": هذا المخيم الذي استطاع أن يخرَّج الأبطال والاستشهاديين يعتبر حلقة متكاملة ومتواصلة في طريق المقاومة التي تأتي في سياق ردة الفعل الطبيعية على الجرائم المتكررة التي يقترفها الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني"، مشدداً على أن المخيم رغم جرعة الحقد الكبيرة ومساعي الاحتلال المتكررة لإذلاله وتركيعه من خلال قتل أبنائه بدم بارد وملاحقتهم، لن يبرح أحد أبرز قلاع المقاومة ومواقع المواجهة ضد المحتل.

وأضاف القيادي في حركة الجهاد: صمود أبطال مخيم جنين على أرض المعركة قرابة 11 يوما متواصلا، وانتصار دمهم على سيف المحتل، دليل واضح على إيمانهم الراسخ بالله، ثم بعدالة قضيتهم الوطنية، والتشبث بالمبادئ والفكرة النضالية، واعتبار أن الدفاع عن أرضهم ووطنهم من أقرب القربات إلى الله سبحانه وتعالى"، مبينا أن وحدة القوى المقاتلة في الميدان كان لها الأثر الإيجابي في تعزيز الثبات والتقدم بخطىً واثقة نحو مواجهة الاحتلال.

وأوضح قعدان أن التجارب الماضية أثبتت أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يتوحّد إلاَّ على أرضية المقاومة واختلاط الدم بالدم، وتمازج الأشلاء بالأشلاء، مؤكداً على أن هذا الطريق هو الوحيد الكفيل بصيانة الوحدة الوطنية وحماية حقوق الفلسطينيين وضبط بوصلتهم في اتجاه العدو المركزي وهو الاحتلال الإسرائيلي.

لم يحقق أهدافة

من جانبه، أكَّد القيادي في حركة "فتح" في جنين، جمال حويل، أن الاحتلال الإسرائيلي خلال معركة جنين، لم يستطع أن يحقق أياً من أهدافه المعلنة آنذاك. وأضاف: الاحتلال كان يهدف بعد عمليتي السور الواقي ووكر الدبابير في مخيم جنين إلى سحق المقاومة وكسر عظامها، والقضاء عليها بشكل كامل، حيث أطلق عليها الاحتلال حرف O ليدلل على أنه لا منفذ ولا مفر للمقاتلين إلاَّ الموت داخل هذه الحلقة".

وقال حويل خلال حديثه لـ"شمس نيوز": من أبرز عوامل الانتصار على بربرية الاحتلال في معركة جنين هي الإيمان بالله والوحدة الوطنية والإعداد الجيد للمعركة والتلاحم مع الجماهير الفلسطينية داخل المخيم وخارجه" لافتاً إلى أن الغطاء السياسي والدعم الذي حظي به المخيم في حينها من قبل القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس الراحل ياسر عرفات ساهمت في تعزيز صمود المخيم أمام آلة البطش الإسرائيلية.

وأضاف القيادي في فتح: لاحتلال في كل عملية اقتحام للمخيم يحاول أن ينتصر ويستعيد جزءً من كرامته التي فقدها في معركة جنين، ويظهر ذلك من خلال العمليات الهمجية التي ما زال يرتكبها بحق المخيم وأبنائه" مشدداً على أن شرارة المقاومة لا يمكن أن تهدأ داخل جنين وغيره من المناطق الفلسطينية المحتلة إلاّ بعد تحرير فلسطين وكنس الاحتلال منها.