معظم الأمهات بارعات في تقييم سلوك أطفالهن والحكم عليهم بالسلب أو الإيجاب، غافلات عن الصفات الفردية التي يولد بها كل طفل -ما يزعجه وما يجعله سعيداً- ومدى نمو وتطور مشاعره، بل ما يدور في ذهنه وما يرغب في التعبير عنه، وهذا الفضول من جانبك لفهم تجربة طفلك والتعرف على تفاصيل التطور العاطفي لديه، سوف يساعده على تنظيم عواطفه ونموها بشكل صحي وسليم. اللقاء وخبيرة علم نفس الطفل الدكتورة فؤادة هدية للشرح ووضع القواعد والخطوات:
ماذا يعني التطور العاطفي للطفل؟
التطوّر العاطفي للطفل يعني.. قدرة الطفل على إظهار المشاعر المختلفة، وتعلّم السيطرة عليها، بدءاً من الشعور بالحزن وصولاً إلى الشعور بالسعادة، عابراً بالغضب.. ومع مرور الوقت يظهر الطفل المشاعر الأكثر عمقاً مثل الفكاهة، والتعاطف ومقاومة الضغط، وإدراك مشاعر الآخرين، والقدرة على مواجهة الحياة، وللوصول إلى هذه الدرجة يحتاج الأمر إلى عدة خطوات:
1-انصتي لنغمة حروف كلمات طفلك
- الأبوة والأمومة لا يقتصر معناهما على توفير الراحة.. وسد احتياجات الطفل من المأكل والملبس، بل إن مجرد تواجدهما أمام ناظر الطفل يشعره بالعاطفة ويمده بالأمان، وما أجمل أن يجتمع التواجد مع الملاحظة والاهتمام والرعاية.
- انصتي إلى نغمة حروف الكلمة.. الطريقة التي يشددون بها على كلمة ما أو عبارة.. حالة حديث أطفالك معك، وافهمي إذا كانوا يحبون هذا الشيء أو يخافون منه أو كانوا رافضين له ومتوترين منه.. حاولي قياس عواطفهم عن طريق حركة أيديهم ونبرات صوتهم كذلك.
- قومي بدعم ما يقوله كل طفل، واخبريه بتفهمك وأنك تأخذينه على محمل الجد، ولكن احذري مقاطعته وطرح الكثير من الأسئلة؛ حتى لا ينقطع الاتصال والتواصل بينكما.
2- تعرفي على طريقة طفلك في التعبير عن مشاعره
- يعبر الأطفال عن مشاعرهم من خلال الأنشطة، لهذا قد يساعدهم حضور درس في الفن أو الرسم أو التمثيل أو الإلقاء أو تأليف حكاية، وقد يختار طفلك أو طفلتك التعبير عن نفسه بكتابة يوميات في دفتر خاص بها.. عن التعبير بكلمات لك أو لأحد الأخوات، ودور الآباء هنا: التشجيع، بإظهار الاهتمام بكل ما يفعلون، مع عدم المبالغة في إعجابك بها.
3-اطرحي الأسئلة على طفلك وتزودي بالمعرفة
- اطرحي الأسئلة على طفلك، شرط ألا يكون إجابتها "نعم" أو "لا"، مثل: هل أعجبتك القصة ولماذا؟ أي الشخصيات أفضل؟ حتى يتكلم طفلك بالمزيد، ولا تتجاهلي أي سؤال يوجهه طفلك لك، حتى لا تمنعيه من توجيه أسئلة أخرى.
- تزودي بالمعرفة حول تنمية الطفل.. وابتعدي عن ثقافة النصائح الأبوية، وتذكري أن العلم والنت أتاح لكل الآباء المعلومة والنصيحة على لسان وكتب وأبحاث العلماء والتربويين، وكل ما تطلبينه من طرق وخطوات لتنمية عاطفة الطفل.
4- اظهري تعاطفك وافهمي مزاج طفلك
- طفلك سيمتلك تجربته العاطفية إذا أخذت مشاعره على محمل الجد؛ فإذا كان يبحث عن لعبته الصغيرة التي كان يلعب بها بالأمس ليلاً، وكاد أن ينهار لعدم عثوره عليها شاركيه الإحساس، وقومي بالبحث عنها معه.. وبصدق.. ما يشعره بأنك تجارينه في حجم الإحباط، وقدر الاعتزاز بهذه اللعبة دون غيرها، رغم وجود العديد من اللعب المشابهة.
- افهمي مزاج طفلك ولا تلوميه عليه.. بعض الأطفال لهم مزاج خاص في التفاعل مع ما يجرى حوله؛ حيث يميل البعض للطاعة والروتين، وآخرون لهم صفاتهم وطرقهم الخاصة في التعامل مع التحولات والتغيير والعالم والمحيطين، وملاحظتك أيتها الأم بتلك الفروق بين طفل وطفل ومن دون رفض أو لوم أو توجيه، تدعم نمو طفلك العاطفي والصحي.
5-تقبلي التحدي.. وتنوع الأمزجة
- نعم وجود أسلوب واحد في التربية بين عدد من الأبناء قد يكون سهلاً ومفيداً، ولكن الحقيقة أن كل طفل مختلف في تجاربه وميوله ودوافعه الخاصة، وفهمك للنمو العاطفي لكل طفل قد يستغرق وقتاً وجهداً.. ولكنك في النهاية ستساعدين في تنميته ليصبح بالغاً.
- الملاحظة وطرح الأسئلة هي البداية.. على الأم مراقبة أفعال وتعبيرات ومزاج أطفالها، وأن تظهر الاهتمام بما يفعلونه أو يقولونه، وأن تعد الأسئلة قبل طرحها على الطفل.. لتساعد نفسها في فهم نفسيته وما يجيش بداخله.
- مثل: ماذا يحب طفلك أن يفعل أكثر؟ كيف يتفاعل مع العمل الذي لا يحبه؟ مثل تناول طعام أو وجبة معينة، أو أداء واجب مدرسي طويل، أو الذهاب للفراش مبكراً!
- هل يرحب أطفالك بالتجارب الجديدة؟ هل هم أطفال اجتماعيون؟ من الصديق القريب منهم أكثر.. ولماذا؟
6- قضاء وقت جيد مع أطفالك
- اليوم تتعدد مهام الآباء، بما يفرض عليهم الاهتمام بأكثر من شيء في وقت واحد، الآباء اليوم منهكون بين العمل خارج البيت وكونهم آباء عليهم رعاية أبنائهم ومشاركتهم بعض مهامهم.
- ولكن إذا كنت أيها الأب تريد أن تعتني بأطفالك بشكل جيد رغم انشغالك، فعليك أن تخصص وقتاً لقضائه معهم، بفتح الأحاديث.. والتعرف على ما يحدث في حياتهم بالمدرسة والمنزل، وسؤالهم عما يحبون من موسيقى أو أغانٍ، وما هي البرامج التليفزيونية التي يحرصون على مشاهدتها.
- وعليك أن تدرك أيضاً أن قضاء وقت جيد مع الطفل أو الأطفال جميعاً، لا يعني مشاركتهم الفعلية في اللعب أو القراءة أو مشاهدة البرامج التي يحبونها، بل يمكنك الجلوس ومراقبتهم بصمت لتجمع الأفكار عن تجربتهم الحياتية، ومهاراتهم الاجتماعية والحركية والعاطفية أيضاً.. وحتى تعرف إلى أين وصلت؟