لقد فعل الزمن فعله: بعد تسعة أشهر من المفاوضات المضنية، نجح وزير الخارجية جون كيري في غضون يوم واحد في أن يطلق رسالتين متضاربتين: الاولى تصف اسرائيل كدولة أبرتهايد، والثانية تنفي انها كذلك.
رغم العناوين الرئيسة التي يواصل كيري اصدارها، يمكن الافتراض بان الادارة الامريكية ستبدأ في الايام القريبة القادمة تحليل فشل مساعيها للوصول الى اتفاق دائم في غضون تسعة اشهر من المفاوضات التي تنتهي اليوم بشكل رسمي. وليس فقط في أمريكا: عندنا ايضا يمكن منذ الان الاشارة الى أسباب الفشل المدوي للمشروع الدبلوماسي الذي وقف على رأسه.
إذن ما الذي كان لنا في الاشهر التسعة الاخيرة؟ نتنياهو وابو مازن لم يلتقيا حتى ولا مرة واحدة. وبزعم مقربيهما، فالسبب واضح: التخوف من أن يؤدي هذا اللقاء الى تفجير المحادثات. في محيط الوزيرة لفني المسؤولة عن المفاوضات يشيرون الى ظاهرتين مشوقتين وقعتا. الاولى: نتنياهو قطع شوطا جديا نحو الصيغة التي تحدث عنها الامريكيون. الثانية: الاعلانات المتواترة لوزير الاسكان اوري اريئيل عن البناء المخطط في المناطق أجبر الطرف الفلسطيني على التراجع عن الاتفاقات خشية أن يتهم بالخيانة.
نتنياهو وابو مازن سعيا على طول المحادثات الى ارضاء الوسيط الامريكي. وتكفي هذه الحقيقة، كما يقدر مسؤولون كبار في الساحة السياسية، كي تقنع كيري ورفاقه في وزارة الخارجية الامريكية بعدم اعادة المفاتيح وطرق الباب على مواصلة المحادثات.
إذن ما الذي ينتظرنا. بالفعل، يشير الكثيرون الى ان الولايات المتحدة ستدعو في أقرب وقت ممكن الاسرائيليين والفلسطينيين الى واشنطن وتضع امامهم وثيقة متبلورة تقررت فيها الخطوط الاساس للتسوية الدائمة: الحدود ستقوم على أساس خطوط 67 مع تبادل للاراضي، شرقي القدس ستكون عاصمة الدولة الفلسطينية، والاحتفاظ بتواجد اسرائيلي في غور الاردن. التوقيع في الطرف الاسرائيلي هو أن تتخذ ادارة اوباما هذه المبادرة وتطلب من الطرفين الالتزام بها – والكف عن مناوراتهما للتملص بهدف الامتناع عن القرارات الصعبة.
الاستنتاج الاهم في ضوء فشل المحادثات هو في مسألة الالتزام بالجداول الزمنية: في المستقبل سيكون الطرفان ملزمين بالامتناع عن تحديد تواريخ هدف. وذلك لانه في نهاية المطاف، لن تتحقق التسوية الا بتدخل امريكي عميق. وذلك بشرط الزامي واحد: ان تعود الولايات المتحدة للتصرف كقوة عظمى وتثبيت للمحافل في القدس وفي رام الله بان لا بديل لها.