اولا، هناك حالة اجماع كاملة بين قادة الجيش والأمن على إجراء المسيرة بالمسار المعتاد، لأنهم باتوا مقتنعين أن التراجع عن ذلك سيؤدي لتكريس الربط بين غزة والقدس، وهذا يمس بالأمن القومي الإسرائيلي وذو تأثيرات سلبية استراتيجية على قضية القدس المرتكز الرئيس للفكر الصهيوني والسيادة الإسرائيلية على ما يعتبرونها عاصمة "إسرائيل".
ثانيا، تأثيرات وزارة الخارجية في صنع القرار الإسرائيلي محدود جدا، أمام الجيش والشاباك وعندما تم احضار مندوب عنها لجلسة تقدير الموقف من أجل شرعنة تسيير مسيرة الأعلام، والبحث في أفضل السبل لذلك.
ثانيا، الموقف الأمريكي لا يرغب في تصعيد، ولكن مادام التصعيد لن يتدحرج لحرب إقليمية فلا اشكالية للأمريكي بذلك، خاصة ان المصلحة الأمريكية بعلاقتها مع اسرائيل ومؤسستها العسكرية والأمنية في الوقت الحالي منصبة نحو الملف الإيراني وليس الملف الفلسطيني، وكما جرى العرف في العلاقات بين البلدين أمريكا لا يمكن لها أن تضغط على إسرائيل في ملفين في آن واحد، خاصة أن المستوى المهني في اسرائيل هو صاحب القرار، بمعنى القرار ينبع من حسابات لا سياسية بغالبه.
ثالثا، الجيش والاستخبارات العسكرية تدرك مدى حرج موقف الفصائل الفلسطينية وخاصة حماس، ورغم انهم يدركون ان غزة لا تحبذ الدخول في معركة، ولكن هم يعرفون أن قصية القدس تضيع بها الحسابات لدى الفلسطينيين، وخاصة ان معركة سيف القدس أضافت رابط مهم بين غزة والقدس على المستوى السياسي، لذا الجيش الاسرائيلي لم يقر المسيرة الا بعد ان تأكد من جهوزيته لمواجهة أصعب الخيارات، ولا يمكن اهمال توقيت مناورة عربات النار المستمرة منذ ثلاث اسابيع، وهنا يجب طرح سؤال مهم لماذا في شهر رمضان تجارى الجيش والشاباك والشرطة لمكتب نفتالي بينت لمنع مسيرة بن غفير للوصول لباب العامود، حتى انه تم اصدار قرار اعتقال لبني غفير ان حاول ذلك؟ والان الجيش اختلفت وجهة نظره.
رابعا، نفتالي بينت ايضا لن يستطيع ان يتجاوز الجيش والمؤسسة الامنية من اليسار، بمعنى ان يظهر انه اقل صقورية من المستوى المهني، وهو يعلم ان نواته الانتخابية اليمين الصهيوني الديني الاستيطاني، بل اضف إلى ذلك أن هناك مصلحة لنفتالي بينت بحدوث حرب هو لن يتحمل مسؤوليتها اندلاعها أولا، وثانيا وهو الاهم هذه الحرب ستجعل راعم بقيادة منصور عباس تنسحب من الحكومة وبالتالي حسب الاتفاق الائتلافي للحكومة يبقى نفتالي بينت مسيرة اعمال الحكومة حتى انتخاب كنيست جديدة وتشكيل حكومة وليس يائير لابيد.
في الختام المسار لمسيرة الاعلام بات أمرا محسوما لدى الحكومة والجيش والمؤسسة الأمنية، ومحاولات الوسطاء اعتقد تنصب باتجاه الجانب الفلسطيني بعد ان اقفل نفتالي بينت الباب أمام المطلب الامريكي، حيث قال نفتالي للامريكيين ( أبي من شارك في تحرير القدس، وانا غير مستعد للتراجع عنها).