هل يفعلها الاحتياطي الفيدرالي ويفاجئ الأسواق العالمية ويرفع سعر الفائدة على الدولار بنسبة أعلى من المتوقع خاصة مع زيادة معدل التضخم. بالولايات المتحدة إلى 8.6% في مايو الماضي.
وهذا المعدل فاق تقديرات المؤسسات المالية التي توقعت ألا يتجاوز 8.3%؟
يقول المحلل الاقتصادي المصري مصطفى عبد السلام لـRT: "إذا كانت تلك الأسواق، خاصة البورصات والعملات الرقمية، قد أصابها الذعر الشديد والانهيارات كما حدث مع عملة بيتكوين المشفرة قبل الاعلان عن رفع الفائدة، فما هو الحال بعد زيادة الفائدة؟".
أمس الثلاثاء، بدأت اجتماعات البنك الفيدرالي التي يبحث خلالها اتجاهات أسعار الفائدة على الدولار في الفترة المقبلة، ومن المقرر أن يعلن قراره الذي تترقبه الأسواق الأربعاء.
وفي الوقت الذي تشير فيه معظم التوقعات إلى أن البنك الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة بنسبة نصف في المائة كما حدث الشهر الماضي، وأن يرفع الفائدة بنسبة مماثلة في الاجتماع المقرر عقده في شهر يوليو المقبل، إلا أن هناك توقعات أخرى وأحدث باتخاذ البنك خطوة جريئة ويرفع الفائدة بنسبة 0.75 في المائة أو ثلاثة أرباع نقطة، وهو ما تميل إليه بنوك عالمية كبرى، منها باركليز البريطاني وجيه بي مورغان وجيفريز إل إل سي (Jefferies LLC) الأمريكيين، وسكوتيا بنك وغيره.
وأردف أن صحيفة "وول ستريت جورنال" ومحطة سي إن بي سي كشفتا في تقرير تم نشره الثلاثاء تداول أعضاء مجلس الفيدرالي فكرة رفع الفائدة 75 نقطة أساس، بعد أن كانت التقديرات السابقة تشير إلى زيادتها 50 نقطة.
ويبني عدد من الاقتصاديين العاملين في البنوك العالمية توقعاتهم بقفزة سعر الفائدة على الدولار وهو أن لدى الفيدرالي الآن سبب وجيه لمفاجأة الأسواق ورفع الفائدة بقوة أكبر مما كان متوقَعا في شهر يونيو الجاري، وهو قفزة التضخم الأخيرة، وتلميح إدارة جو بايدن لعدم قدرتها على احتواء قفزات الأسعار الأخيرة خاصة مع استمرار حرب أوكرانيا وما تصاحبها من زيادات قياسية في أسعار الأغذية والوقود خاصة البنزين والسولار والغاز.
ووفقا لهؤلاء، فإن بيانات التضخم الأخيرة "تغير قواعد اللعبة، وستجبر الاحتياطي الفيدرالي على الإسراع بوتيرة التشديد النقدي ورفع الفائدة بأعلى من المتوقع".
وأضاف المحلل المصري: "لا تقف هذه التوقعات عند كبار الاقتصاديين في العالم، بل تمتد حتى لصانعي السياسة النقدية الأمريكية، فقبل أيام شدد مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي على الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة بسرعة وربما أكثر مما تتوقع الأسواق لمعالجة مشكلة التضخم المتنامية".
وتابع: "صحيح أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيرومي باول، استبعد قبل شهر تقريبا اتجاه البنك المركزي لرفع سعر الفائدة بوتيرة حادة في الفترة المقبلة، وسط القلق حيال التضخم المتزايد، قائلا إن الاحتياطي لا يدرس بشكل نشط فكرة رفع معدل الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس خلال اجتماع واحد، لكن هل هذا لا يزال هو رأي، باول، بعد قفزة التضخم الأخيرة التي تم الإعلان عنها قبل أيام؟".
في المقابل، لا تزال هناك توقعات ترجح فرضية رفع الفيدرالي أسعار الفائدة بنسبة نصف في المائة على الأقل حسب توقعات الاقتصاديين في مصرف "غولدمان ساكس" الأمريكي وغيره من بنوك الاستثمار العالمية، في الاجتماعين الحالي والمقبل في يوليو.
ونوه المحلل إلى أنه و في كل الأحوال، فإن صانع السياسة الأمريكية في موقف لا يحسد عليه، فرفع أسعار الفائدة قد يؤدي إلى دفع الاقتصاد نحو الركود التضخمي الخطير، وأي تلكؤ في خطة رفع الفائدة قد يشعل التضخم ويضعف القدرة الشرائية للمواطن، ويدفع الأنشطة الاقتصادية نحو الإفلاس والتعثر وتقليل فرص العمل، ويضعف حظوظ الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس القادمة.
وبغض النظر عن الموقف الصعب الذي يمر به صانع السياسة الأمريكية، فإن هناك موقفا أصعب تترقبه أسواق الدول النامية خاصة تلك التي تعتمد على الأسواق الدولية والقروض الخارجية في الدفاع عن عملاتها الوطنية وتمويل عجز الموازنة العامة وسد الفجوات التمويلية.
وختم حديثه قائلا: "بشكل عام، رفع الفائدة على الدولار هو أمر مؤكد، والخلاف الحالي حول نسبة الرفع، وهو ما سيترك آثارا سلبية على عملات وبورصات وأسواق الدول النامية في الفترة المقبلة، حيث سيتبع قرار الرفع نزوح مزيد من الأموال الساخنة والاستثمارات المباشرة من تلك الاسواق نحو الأسواق الغربية والاستثمار في أدوات الدين الأمريكية، مثل السندات وأذون الخزانة للاستفادة من العائد المرتفع وتدني المخاطر".