غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

ما بعد عباس.. فوضى أم إصلاح؟

خالد صادق.jfif
بقلم/ خالد صادق

عشرات الندوات واللقاءات الحوارية والنقاشات نظمت في الآونة الأخيرة للحديث عن مرحلة ما بعد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ويبدو ان هناك حالة يقين لدى البعض عن غياب رئيس السلطة محمود عباس عن المشهد السياسي في المرحلة المقبلة، بعد ان برز البديل المتوافق عليه إسرائيليا وامريكيا واوروبيا وعربيا وهو حسين الشيخ, الذي عينه رئيس السلطة محمود عباس امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والذي يخلفه في الحكم والرئاسة, وليس شرطا ان يكون الموت هو المغيب لرئيس السلطة محمود عباس, انما هناك شعور ان أمريكا و «إسرائيل» يبحثان عن البديل, بعد ان استنفذ الرئيس عباس تماما ولم يعد لديه ما يقدمه لأمريكا و «إسرائيل», وان كانت شائعة الموت المتكررة, هي وسيلة يستخدمها البعض للاحياء بعدم قدرة محمود عباس على قيادة السلطة, وانه يعاني امراضاً مزمنة وصعبة تمنعه من ممارسة مهامه الرئاسية, وهذه الايحاءات تأتي من اقرب المقربين لمحمود عباس والذين يطمعون في خلافته, ويتسابقون بالتودد «لإسرائيل» وامريكا من اجل اقناعهما انهما الأنسب والاجدر برئاسة السلطة خلفا لعباس, وان هناك استعداداً للتعامل مع الرغبات الامريكية والإسرائيلية لإنهاء ما اسموه بالصراع العربي الإسرائيلي, واعتبار ما تسمى «بصفقة القرن» مرجعية أساسية لحل الخلافات, بل ان البعض ذهب لأبعد من ذلك, بالتسويق «لإسرائيل» في البلاد العربية, وتشجيع التطبيع والتعايش معها بسلام وامان, وتقديم كل ما يلزم من اجل تحقيق ذلك, وطالما ان هناك تنافس على كرسي وهمي اسمه رئاسة السلطة خلفا لمحمود عباس, فان مسلسل التنازلات لن ينتهي او يتوقف عند حد.

محمود عباس الذي يشغل منصب رئيس السلطة الفلسطينية, ويشغل منصب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية, ويشغل منصب رئيس حركة فتح, أوقع نفسه في مأزق كبير, وحمل على عاتقه أعباء كثيرة فهذه المناصب الثلاثة تفوق قدراته, على الأقل بحكم السن, فمحمود عباس يشارف على التسعين عاما, ولا يمكن ان يقوم بمهامه الموكلة اليه في الملفات الثلاثة على اكمل وجه, وهو ما جعله يستعين بالبطانة التي حوله بكل ما فيها من سوء واتهامات بالفساد والتبعية, فهي البطانة المزروعة عنده في مقر المقاطعة, ربما ليس بإرادته ولكنها بإرادة الاحتلال الذي اولاهم مهاماً خاصة لخدمة اهدافة, فحسين الشيخ مسؤول عن التنسيق الأمني بكل ما يحمله من «اجرام» بحق شعبنا الفلسطيني ومقاومته, وماجد فرج مسؤول جهاز «القمع» جهاز المخابرات الفلسطينية اليد الضاربة للمقاومة والفصائل التي تسلك نهج الكفاح المسلح , وعزام الأحمد عراب السياسة المتعهد بإفشال أي جهود للمصالحة الفلسطينية الداخلية بين فتح وحماس, وهكذا دواليك, وخيار محمود عباس الأوحد هو اللعب في دائرة المسموح, وهذا هو الخيار الوحيد المتاح امامه, فمن سيشغل رئاسة السلطة هو نفسه الذي سيشغل رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية, وهو الذي سيشغل رئاسة حركة فتح, وهذه الديكتاتورية هي التي أوصلت السلطة لقمة الضعف, وجعلتها تستفرد بالقرار الفلسطيني بهذا الشكل, وقد انعكست دكتاتورية محمود عباس على أداء السلطة السياسي بشكل كبير, فبات لا يعنيها موقف فصائل منظمة التحرير, لان بعض فصائل المنظمة رهنت نفسها بمساعدات السلطة المالية, ولا يعنيها موقف حماس والجهاد الإسلامي.

في كل الحوارات والندوات والنقاشات التي شاركت فيها واستمعت خلالها لتقديرات المحللين والخبراء, كان هناك شبه اجماع على ان ما بعد محمود عباس «فوضى», ذلك لان من سيخلف محمود عباس هو قائد متنفذ في حركة فتح, والمعضلة انه ليس هناك اجماع على قائد بعينه داخل فتح, ففتح منقسمة على نفسها, فمن هي فتح التي ستخلف محمود عباس, هل هي فتح «تيار الإصلاح» الذي يقوده محمد دحلان, ام فتح التي يقودها الأسير في سجون الاحتلال مروان البرغوثي, ام فتح التي ارتبطت باجندات خارجية ابرزها الاجندة الامريكية والتي يقودها حسين الشيخ وماجد فرج, ورغم ان هذا التيار هو الأرجح لخلافة السلطة, وخلافة حركة فتح, ورئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية, الا ان هذا الامر ليس من السهولة بمكان, لان حالة الاستقطاب داخل حركة فتح وصلت ذروتها, وربما يكون اول القرابين التي سيتم التضحية بها هو رئيس الحكومة محمد اشتية الذي يدفع دفعا لتقديم استقالته من الحكومة, كما ان فصائل المنظمة على ما يبدو لن تقبل بفرض رئيس السلطة ليكون رئيسا للمنظمة, اما فتح فقد عبر عن موقفها أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، الذي قال «إنه لا بد من استخلاص العبر من نتائج انتخابات جامعات بيرزيت, وأنه لا يجوز أن تدفع فتح ثمن أخطاء السلطة، وأنه لا بد من نقاش طبيعة العلاقة بين السلطة وحركة فتح», فمن الواضح ان الفوضى تأتي من الدكتاتورية والتفرد وتشابك الملفات, وآن الأوان لتحقيق الشراكة مع الجميع من خلال الحوار الداخلي الفلسطيني ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب, والاهم ان مرحلة الإصلاح يجب ان تسبق مرحلة ما بعد عباس.