مع تواصل الحرب الأوكرانية، فإن الموقف الإسرائيلي يزداد تورطاً، بين الاصطفاف بجانب المنظومة الغربية، ما تسبب في غضب روسيا، وفي الوقت ذاته رفض الاستجابة لكل مطالب أوكرانيا بالحصول على معدات قتالية متطورة خشية أن تتوتر العلاقات كلياً مع موسكو، ويؤثر بذلك على نشاط جيش الاحتلال في سوريا.
آخر محطات التورط الإسرائيلي في الحرب الأوكرانية تمثلت في إعلان مسؤول كبير في كييف لصحيفة "إسرائيل اليوم" أن "أفيغدور ليبرمان وزير المالية الإسرائيلي يتصرف كعميل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين داخل الحكومة الإسرائيلية، هذه الحكومة فاسدة، وبعض وزرائها يتعاملون مع روسيا، كما أن ليبرمان يقوم بتخريب اتصالات حثيثة تجرى بين كييف وتل أبيب لتوريد معدات عسكرية إسرائيلية لأوكرانيا".
وأضاف أن "ليبرمان لديه مصالح خارجية تؤثر على سياسة الحكومة الإسرائيلية، وقد اتصلت بي أوساط من الجيش الأوكراني بعد حدوث تقدم في الاتصالات مع إسرائيل لتزويده بالمعدات العسكرية، وطلبوا مني محاولة التدخل، لأن ليبرمان كان يفشل الصفقة، التي لم تتحقق فعلياً، ولذلك امتنعت إسرائيل باستمرار عن إمداد أوكرانيا بالسلاح بسبب مخاوف من رد روسي محتمل يقيد حرية عمل جيشها في سوريا".
تضاف هذه الاتهامات الأوكرانية القاسية الموجهة لدولة الاحتلال إلى اتهام صريح من الرئيس زيلينسكي الذي تحدث أمام الجامعة العبرية، وقال: "لم نحصل على المساعدات التي طلبناها من الحكومة الإسرائيلية"، الأمر الذي يؤكد أن دولة الاحتلال تواجه تناقضا صارخا في مواقفها من الحرب المشتعلة في شرق أوروبا، بين التأييد السياسي العلني للموقف الغربي والأمريكي برفض الهجوم الروسي على أوكرانيا من جهة، وفي الوقت ذاته عدم الاستجابة للمطالب الأوكرانية بالحصول على دعم عسكري.
ومعلوم أن أكثر ما تخشاه دولة الاحتلال من انزلاقات الحرب الأوكرانية الروسية، أن تسهم في زيادة حدة الاستقطاب العالمي، صحيح أن موقفها يظهر انحيازا، وإن لم يكن سافرًا نحو الموقف الأمريكي والغربي، دون معاداة الموقف الروسي. وتبدي تل أبيب خشية فعلية أن ترد الأخيرة بمعاقبتها على هذا الموقف، الذي أظهر تنكرا للامتيازات التي حصلت عليها في المنطقة بفضل التسهيلات الروسية، وتحديدا الأريحية العسكرية التي تمتعت بها طائراتها في أجواء سوريا.
وتخشى "إسرائيل" في حال استجابت للمطالب الأوكرانية بإمدادها بوسائل قتالية متطورة من إمكانية اتخاذ مواقف روسية تغضبها في الموقف من حرية نشاط طيران الاحتلال في الأجواء السورية، أو الدخول على مفاوضات الملف النووي الإيراني، وإمكانية التأثير على خط الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعدما بقي لسنوات طويلة حكرا على الموقف الأمريكي.
في الوقت ذاته، فإن الدعوات الإسرائيلية التي صدرت في أوائل الأزمة الحالية، قبيل تدهورها لحرب طاحنة، بالمحافظة على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، دون ارتباط عضوي بطرفي الحرب، انتظارا لما سيعود عليها من مكاسب وخسائر في حال انتهت، لم تصمد كثيرا أمام الضغوط التي تعرضت لها دولة الاحتلال من المنظومتين الغربية والروسية لاتخاذ موقف واضح وعلني من الحرب.