"دماءٌ هنا وهناك، ورائحةٌ كريهة تفوح في المكان، وأطفال يلعبون بالمياه الملوثة، وآخرون يرفعون السكاكين في وجه الذبيحة، ويهرولون خلفها كالوحوش، وفي المساء تتجمع الكلاب الضالة، وتنتقل الحشرات داخل المنازل" هذه بعضٌ من المشاهد، والسلوكيات غير السوية، التي اعتاد على ممارستها بعض سكان قطاع غزة، أثناءِ ذبح الأضاحي.
واعتاد فريق على ذبح الأضاحي بطرق غير منظمة وعشوائية، إذ يصطحب المضحي أضحيته إلى مكان إقامته؛ استعدادًا لذبحها في الشوارع والطرقات؛ لاعتقاده بأنها "تجلب البركة" ما يُسبب تجمعاً لبرك الدماء، ومخلفات الذبيحة، علاوة على طريقة الذبح التي تستخدمها مجموعة منهم بطرق مخالفة لشروط الأضحية.
"أنا حر في أضحيتي!؛ لكن أنت لست حرًا إنَّ تضرر الناس، والمقصد من الذبح هو أن نهذب أنفسها، ونُعلم الأمم الدروس والعبر، والمقصد ليس ذبح الشاه فقط؛ إنما ذبح الأنانية، والفرقة، والتعصب، والكره، وكل السلوكيات السلبية، التي تظهر في أفعال المضحي" هكذا أجاب رئيس لجنة الإفتاء في ملتقى دعاة فلسطين الدكتور سميح حجاج، على تساؤلات وكالة "شمس نيوز".
وقال الشيخ حجاج لـ"شمس نيوز": الأضحية شعيرة من شعائر الله، ويجب تعظيم هذه الشعيرة الإيمانية؛ لقوله تعالى: (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)؛ لذلك على المضحي أن يعلم جيدًا ضوابط وشروط الأضحية؛ حتى يتفادى الوقوع في الإثم، فهناك الكثير من الناس يرغبون في إطاعة أوامر الله؛ لكنهم يعصونه من حيث أرادوا أن يطيعوه".
وأضاف: "ليس من الإسلام وليس من الإنسانية، أن تتناثر دماء الذبيحة في الطرقات، وتسيل كالأنهار في الشوارع، مُحدثة مكرهة صحية، وكارثة بيئة، مستدركًا بالقول: "هناك أماكن للذبح في المسالخ، لكن من أراد أن يذبح في بيته، وأمام أسرته، عليه أن ينظف مكانه جيدًا، وألا يترك خلفه ما يُضر الناس حتى الرائحة، لأن في ترك المخلفات والقاذورات معصية لأوامر الله تعالى".
ودعا الشيخ حجاج جميع المضحين، بأن ينتهوا من هذه الأفعال والسلوكيات غير السوية، التي تضر بصحة الإنسان، وقد تتطور لخلافات مع الجيران؛ نظرًا لمخلفات الأضحية، مشيرًا إلى أن الله تعالى أمرنا بالمحافظة على البيئة كالصلاة".
وفيما يتعلق بظاهرة رفع السكاكين في وجه الذبيحة، وملاحقتها من شارع إلى آخر، قال الشيخ حجاج: "ملاحقة الذبيحة، ورفع السكاكين، ووضع الدماء على وجوه الأطفال، وطبع أصابع الدماء على الجدران كلها سلوكيات ليست من شرعنا وديننا الحنيف، مشددًا أن الأصل في الأضحية عبادة الله تعالى، وإحياء سنة أبينا إبراهيم عليه السلام.
وأشار إلى أن ذبح الأضاحي يرمز إلى معانٍ إيمانية مهمة؛ لتعزيز الدين الإسلامي وحمايته، وتعليم الدروس للأمم الأخرى، فالذبح ليس هو الأصل في المعنى، إنما المقصد هنا ذبح كل السلوكيات والأفعال السلبية، من أنانية، وحب الذات، والكره، والفسوق، والعصيان، وإيذاء الناس، وعدم النظافة، والبخل، لافتًا إلى أن الصلاة ليس الهدف منها القيام والوقوف؛ إنما التعبد والخشوع، واستشعار معاني الطمأنينة والسكينة وراحة البال.