غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

أوكرانيا مقبرة الهيمنة الأمريكية

محمد مشتهى
بقلم/  د. محمد مشتهى

كان أهون على أمريكا حسم الحرب في أوكرانيا لصالح روسيا من إبقاء ساحتها ملتهبة، وعلى ما يبدو أن روسيا وضعت عدة سيناريوهات للحرب ومن تلك السيناريوهات هي إمكانية إطالة أمدها، روسيا التي تمتلك إمكانيات حسم المعركة في أوكرانيا بل وقتل رئيسها وقياداتها جميعا، على ما يبدو في هذا السيناريو لم ترغب بذلك حيث صرَّحت بالأمر منذ عدة أيام من بداية الحرب، فإبقاء الحرب مشتعلة يخدم تطلعات روسيا ويعمل على تآكل هيبة أمريكا وليس كما ظن بعض المحللين بأن إطالة أمد الحرب هو في صالح الولايات المتحدة الأمريكية.

الإبقاء على زيلينسكي "المهرج" كعنوان لخيبة أمل الدول الأوروبية وكذلك الدول التي تأملت الحماية من أمريكا هي مصلحة روسية، حيث أن الإبقاء على زلينسكي وهو يتوسَّل الدعم من أمريكا ومن أوروبا ومن "إسرائيل" لحماية بلاده ثم كل هؤلاء لا يقدرون على إيصال الدعم الكاسر لموازين الحرب، هذا من شأنه أن يخدم روسيا ويرفع من هيبتها على المستوى العالمي ويضر بأمريكا ويسحب من رصيدها لدى حلفاءها، وإن إستمرار الحال على ما هو عليه واضح أنه انعكس على نتائج جولة بايدن في الشرق الأوسط، وكذا الحال شجع حزب الله للتهديد والمطالبة بحقوقه في مصادر الطاقة، ثم عمل على اهتزاز اقتصاد أوروبا وعرَّضه للخطر، وقرّب روسيا من إيران أكثر، ومن الصين أكثر، ومن تركيا أكثر، ومن الهند أكثر، ومع إستمرار الحرب الأوكرانية سيبقى بوتين المستفيد الأكبر.

لقد ظنَّت أمريكا العجوز بأن العقوبات الإقتصادية على روسيا ستؤدى إلى تركيعها، فما كان منها إلا أن ذهبت إلى دول العالم لتتسوَّل النفط والغاز خصوصا من دول الخليج، فهذا بايدن الذي تعهّد بأن يجعل من السعودية دولة منبوذة ووصف بن سلمان بأنه قاتل ومجرم، إضطر في النهاية لأن يقابله وعلى أرضه مما أسقط مصداقية ما يقول أمام جمهوره الأمريكي، بايدن الذي تعهد لدول أوروبا في حال ساعدته بفرض عقوبات على روسيا ثم قطعت الأخيرة الطاقة عنهم أن يقوم هو بتعويض ذلك النقص، فلا عوّض لهم ولا ضَمن حمايتهم، والأدهى من ذلك أنه أوهم العالم أن أمريكا لديها فائض من النفط وهي تستطيع أن تغطي نقص الطاقة العالمي، لكن الحقيقة كذَّبَها الواقع، فأمريكا نفسها تعاني الآن من إرتفاع الأسعار في النفط وغير النفط وكذلك تعاني من التضخم وتدهور مستمر في عملتها "الدولار"، فكيف لمن يعاني أن يستطيع أن ينقذ غيره؟!

إن إستمرار الحرب في أوكرانيا لم يشغل روسيا عن مقاومتها للعقوبات ولا عن التمدد في تحالفاتها ولا عن تهديد بعض الدول الأوروبية بل وإسقاط رئيس وزراء بريطانيا، ولا عن دورها في الشرق الأوسط ولا عن عقدها للقمم الدولية ولا عن استخدامها للفيتو، الحرب في أوكرانيا كانت مدخلا لروسيا للولوج في مركز القطب الأمريكي لتحطيمه، الحرب في أوكرانيا كانت فرصة لروسيا لتُرِيَ أوروبا حقيقة أمريكا العجوز، ولتُرِي دول العالم هذا النمر المصنوع من ورق كيف يتم إذلاله بالبطيئ دون أن يستطيع فعل شيئ.

أمريكا كقطب وحيد يتهاوى، ومعه كل مشاريعها في المنطقة، وأكبر مشاريعها في الشرق الأوسط هي دولة "إسرائيل" التي بدأت علامات حشرجة ما قبل موتها بادية على سلوكها وإن حاولت إخفاؤها أو التستر عليها.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".